( مهداة إلى الداعية المجاهد الصَّابر محمد فاروق بطل ــ حفظه الله ــ الأمين العام لرابطة العلماء السوريين ــ سابقا ــ الذي أعطى فعلم الناس معنى العطاء ، وأوفى فَدَلَّ الآخرين على قيم الوفاء ، وصبر وصابر فكانت مزيته هذه نبراسًا لمن وعى مهمة الدعاة إلى الله تبارك وتعالى ، واستذكر أيام دعوة حاصرتها الأضغان من كل جانب ، واستشرف الأيام المقبلات التي تزخر بأنوار الفتح ، وتحمل في ثنايا فجرها المشرق البشريات بمشيئة الله تبارك وتعالى ) .
هوامش :
(1) الوَهَــل : الوَهَل، بالتحريك، الفزَع ، والضَّعف .
(2) ينفتل : ينصرف عنه .
(3) الأوجال : المخاوف .
(4) النَّفل : نبات طيب الرائحة .
(5) الهـون : الخزي .
كفى بعزمِك ثَبْتًـا أيُّهـا( البطلُ) = فلم يَنَلْكَ الونى يومًا ولا الوَهَـلُ (1)
وعشتَها مؤمنًـا في عزَّةٍ وجَفَتْ = منها الأعادي وما ضاقتْ بك السُّبُلُ
مشيتَها قُدُمًـا والرايةُ ارتفعَتْ = أما الإباءُ فأبرارٌ بـه اشتملوا
ومَن حَنَى لإلهِ الكونِ جبهتَه = فَمَنْ على الأرضِ يخشاهُ وينفتلُ (2)
وإنَّها دعوةُ الرحمنِ يحملُها = أهلُ الوفاءِ الذين اليومَ ما غفلُوا
ولن تردَّهُمُ الأوجالُ عاصفةً = عن نيلِ بغيتِهم والأرض تشتعلُ ! (3)
فكم مضتْ حقبٌ نالوا مرارَتَها = وكم رمتْ جمعَهم يوم اللقا الأسَلُ
قد عِشتَها بطلا (فاروقُ) دعوتِنا = ولم يُدَمِّرْ لهـا بنيانَها هُبَلُ
أخا المآثرِ لانثني على أحـدٍ = لولا مناهلُك المُثلَى لمَنْ نهلوا
مرَّت ثمانون عامًا والتُّقى قيمٌ = وتُزدَرَى دونها الأموالُ والحُللُ
ولم تزلْ شامخًا كالصَّرحِ ثابتةً = أركانُه واشرأبَّتْ عنده المقلُ
هذا المجاهدُ من جندِ النَّبيِّ ومَن = بطيبِه في المزايا يُضرَبُ المَثَلُ
من عصبةٍ في بلادِ الشامِ صامدةٍ = رغـمَ الرياح التي بالحقدِ تشتعلُ
هُمُ الهداةُ الذين اللهُ أكرمَهم = بذا الطريقِ وإنْ من أجلِه قُتِلُـوا
أو طوردُوا من عدوٍّ قد تَعَقَّبَِهُم = بين الدروبِ بدنياهم أو اعْتُقِلُوا
طوبى لهم سِيَرٌ عادتْ تذكرُنا = بصحبةِ المصطفى ماردَّهم وجلُ
يبلغون إلى الدنيا رسالتَهم = لعلَّ أهل الورى في أمرِها اشتغلوا
فيسلمون لربِّ بارئِ ليروا = نورَ الحقيقةِ لايخفيه مَن جهلوا
ولن يخافوا سوى من ربِّهم فله = أشواقُهم في صدورِ القومِ تشتعلُ
وفي المثاني لهم تذكيرُ أنفسِهم = برحمة اللهِ حيثُ الدَّمـعُ ينهملُ
وهاهُمُ وهبوا للهِ فرصتَهم = من الحياةِ ولم يدركْهُمُ المللُ
طوبى (لإدلب) طوبى أنجبتْ بطلا = ولن نبالغَ لا والله (يابطلُ)
أمين رابطةِ الأبرارِ أتحفَها = بكلِّ جهدٍ لعلَّ الشملَ يكتملُ
وعاشرَ العلماءَ الصِّيدَ في أدبٍ = وللنصائح والإرشادِ يمتثلُ
ونالَ منهم رحيقَ العلمِ من صغرٍ = وفازَ بالمُجْتَنَى عَذْبًـا كَمَن نهلوا
ومن ديارِ إلى أخرى فواسعةٌ = أرصُ الإلهِ وفيها سعيُ مَن رحلوا
أشياخُكُ الكُثْرُ ذكراهم تمجدُهم = ومَن أحبَّ الهدى بالقومِ يتصلُ
شتان بينَ رفاقِ السوءِ يصحبُهم = أهلُ الهوى ولهم في لهوِهم جَذَلُ
عاشوا على هامش الأيامِ ماوجدوا = معنى الحياةِ التي في زيفِها نزلوا
وبين فتيةِ إيمانٍ تسابقُهم = في طاعة اللهِ حيثُ الطُّهرُ والنَّفَلُ (4)
في نشأة( البطلِ الفاروقِ) مدرسةٌ = فجرحُ روَّادِها بالدِّنِ يندملُ
وفي سِواه فخسرانٌ ومهزلةٌ = ومذهبُ الشَّرِّ ماجاءت به الرسلُ
هاهم بنو الشِّرِّ قد عاثوا بأمَّتِهم = وأضعفُوها ولم تنفعْهُمُ الدولُ !
وبالمآسي وبالأوجاعِ تؤلمُهم = وبالتَّبارِ الذي يؤذي لقد قَفَلُوا
وحاولوا بهواهم دعـمَ نهضتِهم = فخيَّبَتْهم ولم تسعفْهُمُ الحيلُ
قد نلتَها يا أخا الإسلامِ مشرقةً = بنورِ وحيٍ به الأصحابُ قد وصلوا
وخلَّفوا بعدَهم مجدًا على أسسٍ = هيهات تبلى وما في زهوِه عللُ
لك التحيةُ( يافاروقُ) أرسلُها = صباحُها الغُـرَّةُ اللألاءُ والأملُ
أقولُ والأملُ المنشودُ مقدمُه = به المناهلُ تروي كلَّ مَن نَزَلُوا
والرُّزْءُ يُطوَى وللطاغوتِ مصرعُه = أما الليالي فيجفو أهلَها الثَّكلُ
والنائباتُ التي ألقتْ مواجعَها = على الهُداةِ فَمُلْقُوها لقد رحلوا !
والأمرُ للهِ لا للمفترين ولا = لقوةٍ برمادِ الهونِ تكتحلُ (5)