أنشأتُ من شعري لِمَنْ يتنكبُ = عن نهـجِ أُمَّتـه وعنهُ يهربُ
هوامش :
(1)مَشعَب : طريق ، ممــر .
(2)يُقشبُ : يتجدد ، ينجلي .
(3)يقنبُ : يجتمع للغارة .
مـا لا يروقُ لفاسقٍ مستهترٍ = من خيرِ مـا يُملي الفؤادُ و يكتبُ
وشهدْتُ في عمري المديدِ مشاهدًا = ظهرتْ حقيقتُهـا التي لاتكذبُ
لاتركَنَنَّ لِمَنْ يُؤاخي باغيًـا = فالغدرُ طبعٌ في يديهِ و مذهبُ
وهـمُ الفرنجةُ والمجوسُ ومَن لهـم = ببلادنا مكـرٌ يطولُ وَمَشْعَبُ (1)
يتآمرون ولليهودِ قـرابةٌ = أمٌّ ــ تلمُّ رؤى التآمرِ ــ أو أبُ
وأولو الضغائنِ حربُهم لمَّـا تكنْ = إلا لأن شعوبَنا تتأهبُ
ولقد تداعوا كالذئابِ وأمعنوا = بقتالِ أمتِنا ، ولكنْ خُيِّبُوا
فاليوم تنتفضُ الشعوبُ وتزدري = ماكان من زيفٍ يلوحُ ويغربُ
لحضارةٍ مأفونةٍ تُنْمَى إلى = أهـلِ الشَّقاءِ العابثينَ وتُنسَبُ
طمعوا بخيرٍ في البلادِ فعربدوا = في حين أخفوا مايريدُ المِحربُ !
أما شجاعتُهم فَوَهْـمٌ فاضحٌ = وصحائفُ التاريخِ ليستْ تُحجَبُ
الفاتحون ولم يُسيلوا من دمٍ = زمنَ الفتوحِ لأُمَّـةٍ أو عذَّبُوا
وهي الليالي شاهداتٌ والورى = وبعدلهم وجـهُ البريَّـةِ يُقشبُ (2)
لم تنكرِ الأيامُ رحمةَ فاتحٍ = ولهـا شعوبُ في الورى تترقبُ
جاءت لدينِ اللهِ طوعًـا حُــرَّةً = ولحبِّها بالفاتحين ترحبُ
والخيرُ فاضَ فلا مجاعة أو أسىً = حيثُ العبادُ على الهناءِ تقلبُوا
ذاقتْ نعيمَ العيشِ غيرَ مُرَوَّعٍ = أو يُستفزُ هناؤُهـأ أو يُسلَبُ
هي شرعةُ اللهِ الذي بعبادِه = يُزجي إليهم بالنعيمِ ويُحدبُ
أمَّـا رعاةُ الكفرِ في عصرٍ هـوتْ = فيه المآثرُ ، والأفاضلُ غُيِّبُوا
ساموا البريةَ بالشقاءِ وروَّعُوا = أبناءَنـا وهمُ الأخسُّ الأعجبُ
صورٌ من التعذيبِ لم تخطرْ على = بالِ الأفاعي أو أتَتْهَا عقربُ
وهووا على الطفلِ الرضيعِ وقـد حبــا = بالركلِ والأُمُّ الرؤومُ تُعذَّبُ
وأبوه مُلقىً حولهم ودماؤُه = من صدرهِ ــ واثكلهم ــ تتصببُ
هـو عصرُ طغيانِ اللئامِ وحسبُهم = ماقد جرى والرعبُ فيه غيهبُ !
لم يـدرِ ماجدوى الحضارةِ نالهـا = نابٌ من الشَّرِّ المقيمِ ومخلبُ
تتوجعُ الأيامُ من إيذائهم = فالصبحُ يشكو حالَـه والمغربُ
والأرضُ تلعنُهم وتسألُ ربَّها = خسفًا لهم ، وبهم دُجاها يذهبُ
هي نشوةُ السفهاءِ في ليل الهوى = والمقتُ ــ باتَ مآلَهم ــ والأصعبُ
ماكان ربُّك غافلا عن ظالمٍ = واللهُ يمهلُ هكذا ويُرَتِّبُ
فإذا أتى زمنُ انتقامِ إلهنا = فالعفوُ عن حشدِ الأسافلِ يُحجَبُ
غـرَّتْهُمُ الدنيا وأعمتْ عينَهم = فتضاحكوا واستأسدوا وتألبُوا
هيهات ينجو مَن أباحَ لنفسِه = مـا حرَّمَ المولى فذاك المُذنبُ
فمن المآلِ المُــرِّ غيرُ مصدِّقٍ = ومن الإلـهِ الحـقِّ لا يتهيَّبُ
بَشِّرْهُ بالغسلين في وادي لظى = منه الزنيمُ ــ مدى الخلودِ ــ سيشربُ
ومَن الذي يدري غدًا مافي غــدٍ = ومن الذي للثأر فيه سيُقْنِبُ (3)