أصاحبُ, أضناكَ اشتياقٌ و أحبابُ != فما لكَ بعدَ الآنِ أهلٌ و أصحابُ
صبرتَ كثيرًا علَّ ربًّا يُعينُنا = على حادثاتِ الدهرِ مُذ جارَ أذنابُ
تُواري بصبرِ الريحِ طيبًا بعَبرةٍ = إذا هبّتِ الأنسامُ منهم و أطيابُ
عزمتَ بنحرِ الذكرياتِ تناسيًا = ألستَ من الذكرى و هم لكَ أنسابُ ؟
تُغالطُ إحساسًا لعلَّ مشاعرًا = تروحُ مع النسيانِ يومًا و تنسابُ
لتُبقي هديلاً ظلّ يُبكي أحبّةً = و من غابرِ الأزمانِ دمعُكَ أسرابُ
هنيئًا لروحٍ تستفيضُ مودّةً = بغربتِها تحيا نفوسٌ و آدابُ
وحيدًا تجوبُ الأرضَ تسألُ صُحبةً = و تبكي مسافاتٌ عليكَ و أجنابُ
طريقُكَ في هذي الحياةِ ذميمةٌ = و موحشةٌ, خوفٌ يعُسُّ و أوّابُ
تزفُّ اليكَ الأرضُ بعضَ أنينها = و منكَ ينابيعُ المودّةِ تنسابُ
وهَبْتَ لهم كلَّ الّذي كان مطمحًا = تُبادلُهم حُبًّا و للحبِّ أسبابُ
فمرّت علينا نائحاتٌ مُميتةٌ = بها مُنجياتٍ إنْ تُعينُكَ أنيابُ
ألا كلُّ مَن رام الوصولَ لعزّةٍ= تصارعُهُ الآلامُ دومًا و يرتابُ
يقينًا يعاني من جراحٍ نزيفُها = كنهرٍ لهُ للبحرِ مجرى و تسكابُ
تباعُ بلادي في المسالخِ للعدى = ضمائرُ ماتتْ كلُّها اليومَ أسلابُ
وهم تخذوا دينَ الإلهِ تجارةً = ستوقدُ نيرانٌ بهم يوم هم خابوا
أقولُ لهم بالذلِّ أنتم حُثالةٌ = و بالعارِ أنتم بالعمالةِ أذنابُ
ظننتم بأنَّ الشعبَ بعضَ عبيدكُم = يطيعُكمُ الأنذالُ و الذلُّ إرهابُ
إرادتُكم إن كان فيكم إرادةٌ = كأفئدةٍ للطيرِ للخوفِ مرآبُ
سلامًا عراقَ المجدِ فيكَ حضارةٌ = بها تفخرُ الأوطانُ و العزُّ هيّابُ
ستعلو حضاراتٌ بعزِّكَ فامتطي = ظهورَ العُلا مفتوحةً بكَ أبوابُ
إذا انكسفتْ شمسٌ فتلكَ سجيّةٌ = تجيءُ و تمضي فالمشارقُ محرابُ
أموتًا أرادوا أم أرادوا قبورَهم = بجوفِ وحوشِ الغابِ يجترُّهم نابُ
كآبائهم ظنّوا الخلودَ بقاؤهم = ولم يدركوا أنَّ البقاءَ بهم عابُ
أيا وطني تبقى عزيزًا مُكرّمًا = و تبقى أبيّا في جراحِكَ وهّابُ
فليس بغير اللهِ اُنسٌ يجيرُنا = لنا اللهُ يحمينا و يحميكَ أحبابُ