العراقي والموت
سامي أحمد موصلي
وَتَرَكْتُ نَفْسِي لِلحَوَادِثِ لُعْبَةً
مَا قَدْ تَشَاءُ بِهَا الْحَوَادِثُ فَلْتَشَا
وَكَقَشَّةٍ بِمَهَبِّ رِيحٍ غَاضِبٍ
إِنْ شَاءَ أَعْلاَهَا وَإِنْ شَا كَبْكَبَا ...
وَغَدَوْتُ مِثْلَ الطَّيْرِ تَبْغِي شَرْبَةً
لَكِنْ أَتَتْ مَاءً بِهَا صَقْرُ الْحِمَى
إِنْ جَاءَتِ الْمَاءَ القُرَاحَ بِلَمْحَةٍ
يَنْقَضُّ فِيهَا صَقْرُ مَوْتٍ قَدْ عَلاَ
وَكَخِرْقَةٍ فِي كَفِّ خَيَّاطٍ لَهُ
إِنْ شَاءَهَا ثَوْبًا وَإِنْ شَا مَزَّقَا
فَالْمَوْتُ يَلْعَبُ فِي الزُّقَاقِ كَأَنَّهُ
شَيْطَانُ مَكْرٍ جُنَّ مِنْ هَوْلِ العَمَى
فَنَرَاهُ يَوْمًا حَاصِدًا أَرْوَاحَنَا
وَنَرَاهُ جُرْحًا بِالدِّمَاءِ قَدِ امْتَلاَ
وَيَجُولُ فِي كُلِّ الْمَكَانِ كَأَنَّهُ
سِكِّينُ ذَبْحٍ بِالتَّآمُرِ سُمِّمَا
فَإِذَا نَزَلْتُ إِلَى الشَّوَارِعِ بَاحِثًا
عَنْ أَيِّ شُغْلٍ أَوْ طَعَامٍ يُشْتَرَى
مُتَلَفِّتًا فِي حَيْرَةٍ خَوْفًا وَمَا
قَدْ يَفْجُرُ الأَشْيَاءَ كَيْ تَجْرِي الدِّمَا
سَيَّارَةٌ قَدْ فُخِّخَتْ أَوْ هَاوِنٌ
أَوْ خَبْطَ عَشْوَاءٍ عَلَى كُلِّ الوَرَى
الْخَوْفُ يَدْفَعُ ضَارِبًا بِسِلاَحِهِ
دَفْعًا وَقَصْدًا دُونَمَا عَيْنٍ تَرَى
وَدُرُوعُ أَمْرِيكَا تَسِيحُ بِخَوْفِهَا
فِي كُلِّ أَرْجَاءِ الْمَكَانِ بِلاَ هُدَى
تَتَلاَحَقُ الأَصْوَاتُ صَوْتُ جَهَنَّمٍ
مِلْءَ الأَذَانِ كَأَنَّهُ رَعْدٌ دَوَى
وَسَمَاؤُنَا مِنْ كُلِّ أَدْخِنَةٍ غَدَتْ
مَخْنُوقَةً مَا إِنْ تَرَى فِيهَا السَّمَا
وَنَزِيفُ دَمٍّ يَغْتَلِي حَامٍ وَلاَ
شَافٍ لِجُرْحِ الكِبْرِيَاءِ إِذَا نَزَا
فَإِذَا اقْتَعَدْتُ البَيْتَ خَوْفًا قَلَّمَا
تَهْدَا فَصَوْتُ الإِنْفِجَارِ لَهُ صَدَى
وَخَطِيبُ شَعْبٍ دَاثِرٍ فِي ثَوْبِهِ
حَتَّى الرِّبَاطِ مُهَنْدَمٌ كَيْ يَنْظُرَا
فِي حَفْلَةٍ أَوْ نَدْوَةٍ جُلَسَاؤُهَا
يَتَفَيْهَقُونَ بِحَقِّ شَعْبٍ غُيِّبَا
حَتَّى إِذَا كَذَبَتْ وُعُودُ كَلاَمِهِمْ
عَادُوا لِ"سَوْفَ" بِدُونِ خَوْفٍ أَوْ حَيَا
جَعَلُوا لَنَا صَحْرَاءَنَا فِي خُضْرَةٍ
وَالبَحْرُ عَبْرَ كَلاَمِهِمْ قَدْ صَارَ مَا
زَرَعُوا كَلاَمًا فِي العُقُولِ وَلَمْ نَجِدْ
شَعْبًا سَيَأْكُلُ مِنْ كَلاَمٍ كُلَّمَا
وَمَضَتْ مَوَاعِيدُ الكَلاَمِ بِدُلْجَةٍ
لِلَّيْلِ لاَ يَجِدُ الضِّيَاءُ بِهَا مَدَى
وَالشَّعْبُ يَأْكُلُ لَحْمَهُ صَبْرًا وَمَا
خَلْفَ اصْطِبَارِ الشَّعْبِ خَيْرٌ قَدْ نَمَا
وَالسَّارِقُونَ الْمُفْسِدُونَ تَسَلَّلُوا
فِي كُلِّ دَائِرَةٍ لَهُمْ جَمْعٌ طَمَا
سَرَقُوا غِذَاءَ الشَّعْبِ فِي صَمْتٍ وَمَا
شَبِعُوا وَهَا هُمْ يَشْرَبُونَ مِنَ الدِّمَا
وَتَوَزَّعَ الشَّعْبُ الْمُوَحَّدُ فُرْقَةً
مِنْ كُلِّ طَيْفٍ حُزْمَةٌ تَبْغِي الأَنَا
كُرْدٌ وَعُرْبٌ، تُرْكُمَانٌ غَيْرُهُمْ
فِي سُنَّةٍ أَوْ شِيعَةٍ أَوْ أَيِّ مَا
أَمَّا عِرَاقِيُّ السِّمَاتِ فَإِنَّهُ
قَدْ ضَاعَ وَسْطَ الْحَفْلِ حَتَّى غَرَّبَا
ضَاعَ العِرَاقُ فَمَا تَجِدْ سِمَةً لَهُ
حَتَّى الدِّيَانَةُ فِيهِ صَارَتْ مَغْرَمَا
فَعَلَى العِرَاقِيِّ السَّلاَمُ فَلَيْسَ فِي
هَذَا العِرَاقِ سِوَى الْمَقَابِرِ تُبْتَنَى
صَلَّى الإِلَهُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ
مَا إِنْ دَعَا دَاعِي العِرَاقِ وَأَذَّنَا