هوامش :
(1)جــام : إناء مصنوع من الفضة لشرب الخمور .
(2) الذَّام : هـو الذَّم والتحقير .
(3) الطَّغام : شرار الناس وأوغادهم .
(4) الرجام : القبور .
إخاءٌ في محبتِه يُقامُ = فلن يُخزَى المحبُ ولا الوئامُ
أخي في اللهِ عهدُ اللهِ بـاقٍ = كما كنَّـا وما ولَّى الذِّمامُ
وما هانتْ أُخوتُنا لدنيـا = ولا ماتَ الإخاءُ له الدوامُ
وعشناها لياليَ حالكاتٍ = ويومُ الضِّيقِ يُمتَحنُ الهُمـامُ
وما كنا لنخشى بغيَ طاغٍ = فللطاغوتِ في الدنيا انهزامُ
وما في العيش في الدنيا سلامٌ = وعند الله موئلُنـا السلامُ
وهذي الأرضُ ماكانت لخُلدٍ = ويدركُ أهلَها فيهـا الحِمـامُ
وفيها قد يعيشُ المرءُ عبدًا = له بالبارئ الأعلى اعتصامُ
فذاك المؤمنُ الناجي إذا مـا = بيوم الحشرِ يُفتَقدُ الزِّمامُ
ويحشرُ في جهنمَ مَن تعالى = وكان إناؤُه ذهبٌ و جـامُ (1)
وعاشَ يقودُه وهـمٌ وكِبرٌ = وليس عليه في الأخرى مَلامُ
وهذا في غباءٍ قد تعامى = فَدَاءُ فؤادِه داءٌ عُقـامُ
وآخرُ إذْ يقولُ بلا حياءٍ = ليعلو دون خسته المقامُ
يقولُ أنا الإلهُ وليس غيري = فكيف وبين كفَّيْه الطعامُ !
فإن شبعَ الغبيُّ أليس يمضي = وفي حضن الخلاءِ له مُقـامُ !
ليدفعَ عنه أقذارًا وريحًا = وبولًا في تدفقه احتدامُ !
إلهٌ ! ياغبيُّ ألا تراهـا = هنالك جيفةً والحالُ ذامُ (2)
أيا فرعون أبشرْ في لظاها = مقامُك ليس يوليك اهتمامُ
ويانمرودُ نارُك والتعالي = همـا قاداك فالمأوى انتقامُ !
جزاءُ الظلمِ في الدنيا جسيمٌ = وأهـوالٌ بأُخراهـم جِسامُ
وفيها لايموت أخـو التعالي = فدارُ الخلد ليس لهـا انفصامُ
لقد خسر الطغاةُ ولم ينالوا = سوى كأسٍ وتملؤُها المُـدامُ
وقد باؤوا بظلم الناسِ دهرًا = فهم في الحشرِ ياخِلِّي طَغامُ (3)
فللفوزِ العواقبُ بعدَ صبرٍ = وبعدَ الكربِ في الدنيا ابتسامُ
فلن يشكو مرارَ العيشِ قلبٌ = تسلَّحَ بالهدى ولـه التزامُ
ولن يشقى أخو الإيمان فيها = فلا حزنٌ هنالك أو رجامُ (4)
سنلقى اللهَ أحبابًا كراما = بيومِ الحشرِ إن جاءَ القيامُ
ونحمدُ ربَّنا أنْ قد هدانا = لهذا الدِّينِ عُقباهُ تُـرامُ
وفيه الخيرُ لم يُصرَم وفيه = أمانٌ للأفاضلِ واحترامُ
وفيه الفتحُ لايُطوى بيومٍ = إذا ماحانَ للصِّيدِ اعتزامُ
ومَن يرجُ المفازةَ لـم يُخَيَّبْ = فعندَ اللهِ للأتقى مقـامُ
فأبشرْ يا أخا الإسلامِ فيهـا = لك البشرى ستُدرَكُ والمرامُ
ولا تجفلْ فليلُ العصرِ يُطوَى = وليس لليلِ خستِهم دوامُ
فقد آنسْتُ في الفجرِ انبلاجا = لصبحٍ ركبُ طلعتِه كـرامُ
فليس يدومُ للسفهاءِ ظلمٌ = فأهلوه الأذلةُ واللئـامُ