وصلى الله وسلَّم على سيدنا محمَّد القائل :
دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ
فإنَّ العنصرية مرفوضة من كلِّ العقلاء في هذه الدنيا ، فهي كما قال أحد الدعاة الفضلاء يرحمه الله : (هي قائمةٌ على التفرقة بين البشر بحسب ألوانهم أو أجناسهم أو أعراقهم أو ثقافاتهم أو لغاتهم أو أديانهم أو قِيَمهم، وذلك كله مما يُغذِّي روحَ الكراهية بين البشر، ويدفع إلى إيقاد نيران الحروب والعداوات التي لا تنتهي بين الأمم، وهو ما عانت منه البشرية كثيرًا إبَّان تاريخها الطويل، ولا تزال البشرية تعاني آثاره وتحصد ثماره المرَّة يومًا بعد يوم ) فتبًّا للعنصرية البغيضة ، وتبًّا لدعاتها الذين فقدوا قيم الإنسانية العالية ، ويريدون إيقاد نار الفتن التي يأباها أهل المحتد الأصيل
وأكَّد الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه المعاني في أقواله الشريفة، فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ؛ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ؛ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ) رواه أبوداود )؛ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الَّذِينَ مَاتُوا ؛ إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ ؛ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ؛ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ ؛ إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ؛ النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، بل قد وضع النبي صلى الله عليه وسلم العنصرية تحت قدميه في خطبة الوداع، فعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال : حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: (ألا وإنَّ كل شيء مِن أمر الجاهلية موضوعٌ تحت قدميَّ هاتَين ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ) رواه أحمد والطبراني والبيهقي وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح .
والمرأة التي كانت تقم المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وقلَّلَ الصحابة من شأنها وظنوا أنها أقلّ من أن يخبروا بموتها رسول الله ، فلما تفقدها الرسول صلى عليه وسلم قالوا : ماتت يا رسول الله ، قال : هلَّا أعلمتموني ؟ وقام إلى قبرها وصلى عليها صلاة الجنازة استثناءً من أحكام صلاة الجنازة ؛ ليذيب الفوارق بين طبقات المجتمع؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَت. قَالَ: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟! قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا؛ فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرهَا ؛ فَدَلُّوهُ ؛ فَصَلَّى عَلَيْهَا . ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ . متفق عليه . وصلى الله وسلم على حبيبنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين .
***
***
هوامش :
(1)البَدْء : أول كل شيء .
(2)المقت : مُقُتَ الشَّخْصُ بين النَّاس أي: صارَ مكروهًا عندهم .
(3) كان جَبَلَةُ بنُ الأيهم آخرَ أمراء بني غسَّان، وكان حديثَ عهدٍ بالإسلام، وجاء مكة ليَحجَّ أو يعتمرَ، وفي أثناء طوافه بالبيت الحرام وَطِئ إزارَه رجلٌ من بني فَزَارةَ، وكان رجلاً فقير الحال فغضب الأميرُ الغسَّاني لذلك، فلطَمه لطمةً قاسيةً هَشَمت أنفَه، فأسرع الفزاريُّ إلى أمير المؤمنين عمرَ بنِ الخطاب رضى الله عنه يشكو إليه ما حلَّ به، فأرسل الفاروق إلى جَبَلة يدعوه إليه، ثم سأله فأقرَّ بما حدث، فقال له عمر: ماذا دعاك يا جَبَلة لأَنْ تظلمَ أخاك هذا، فتهشَم أنفَه؟ فأجاب بأنه قد ترفَّق كثيرًا بهذا البدوي، وأنه لولا حرمةُ البيت الحرام لقَتَلَه، فقال له عمر: لقد أقرَرْتَ، فإما أن تُرضِيَ الرجلَ، وإما أن أقتصَّ له منك ... وزادَت دهشةُ جَبَلة بن الأيهم لكل هذا الذي يجري، وقال: وكيف ذلك وهو سُوقَةٌ وأنا ملِك؟! فقال عمر: إن الإسلام قد سوَّى بينكما، فقال الأمير الغسَّاني: لقد ظَنَنْتُ يا أميرَ المؤمنين أن أكونَ في الإسلام أعزَّ مني في الجاهلية! فقال الفاروق: دَعْ عنك هذا، فإنك إن لم ترضِ الرجلَ اقتصَصْتُ له منك، فقال جَبَلة: إذنْ أتنصَّر! فقال عمر: إذا تنصَّرْتَ ضربتُ عنقَك؛ لأنك أسلمت، فإن ارتدَدْتَ قتلتُك . ولم يُطِقْ جَبَلة أن يُقتَصَّ منه، فقال: دعني أفكر ! فما كان منه إلا أن أخَذَ قرارَ الفرار والتنَّصُّر؛ فخسر دينَه ودنياه .
(4) الفزاري : رجلٌ من بني فَزَارةَ .
(5) الحديث النبوي : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلَام ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ قَالَ : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، ابْنُ الْإِسْلَامِ ، قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ ، أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوْ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ، فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ ) رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح .
(6) لمَّا يفت : فاته الأمرُ: مضى ولم يدركه ، فاته أنهم كانوا يخدعونه، ومن معناه : ( لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) .
(7) أزَّت : تؤزهم أزَّا قال ابن عباس : رضي الله عنه تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى المعصية .
(8)العزة القعساء : المنيعة الثابتة التي تليق بعظمتك .
العنصريةُ أهلُها السُّفهاءُ = والناسُ في الدِّينِ الحنيف سَواءُ
فأبوهُمُ بَدْءُ الخلائقِ آدم = والأمُّ أمُّ بني الورى حوَّاءُ (1)
والعنصريَّةُ جاهليَّةُ مَن بغى = فالمقتُ للدَّاء الوبيلِ دواءُ (2)
ومَن ارتدى هذا اللباسَ فكافرٌ = لم ترضَهُ في قومه العلياءُ
فالعنصريةُ خسَّةٌ ودناءةٌ = وتطاولٌ قد عافه النجباءُ
والفتنة الرعناءُ زادُ فسادِه = والحمقُ فيهِ سلعةٌ ربداءُ
فَلْيَسْتَحِ المنبوذُ من أفعاله = فهو المذمَّمُ صحبُه الغوغاءُ
وَترُ المفاسدِ لم تزلْ رنَّاتُه = تُملي أذاها في المدى الأهواءُ
والعارُ يلحقُ مَن أتى أوزارَها = تلك التي في سمتِها استهزاءُ
دنياهُ بعضُ سفاهةٍ لاتنطلي = فبوجهها الإيذاءُ والضَّرَّاءُ
والأفضليَّةُ بين أبناء الورى = للمتقين وكلُّهم سمحاءُ
مَن صانَ بالتقوى سلوكَ حياته = فهو الكريمُ وللكريمِ ثناءُ
يحيا يريدُ الخيرَ في أرجائها = لشعوبها وَلْيَخْرَسِ الجبناءُ
هي دعوةُ الإسلامِ دينُ إلهنا = ولِغيرِه لا يُحمدُ الإصغاءُ
جاءتْ مقدمةً لنظمِ قصيدة = في العنصريةِ نارُها شعواءُ
تأتي إليكم من ضميرٍ لم يزل = يشدو فترضى شدوَه الغرَّاءُ
إن شاء ربي إخوتى سأُتمُّها = في موقع ترتادُه الأدباءُ
إنا جميعا للشريعةِ جندُها = والله يُمضي أمرَه ويشاءُ
تتسابقُ الفتنُ البغيضةُ إنَّما = يبقى الحنيفُ وترحلُ الأرزاءُ
فالعنصريةُ للشقيِّ ومَن افترى = وهراؤُها لكبيرِهم أصداءُ
إبليس نادى حين جيءَ بآدم = بالعنصريةِ فاعتراهُ الدَّاءُ
داءُ التَّكبرِ والتميُّزِ والهوى = والعُنْجُهِيَّةُ سمتُها بلهاءُ
ومضى يوسوسُ للنفوسِ بمكره = والمكرُ للقُبحِ المريبِ غطاءُ
مَن عاشَ والكِبرُ البغيضُ رداؤُه = فله به اللعناتُ واللأواءُ
فالعنصريُّ يرى صَغارَ سِواه في = دنيا يعيشُ بضنكها الضُّعفاءُ
أولم يُصَلِّ المصطفى إذ فارقت = هذي الحياةَ المرأةُ السَّوداءُ !
كانت تنظِّفُ يالها من خدمةٍ = أركانَ مسجدِه فنعمَ أداءُ
هذا هو الإسلامُ أكرمَ مَن سعى = طوعًا لخالقهِ له استثناءُ
يوم القيامة والأنام بشدِّةٍ = ولهولها تُسْتَصْغَرُ البأساءُ
يأتي الحبيبُ ملبيًا وحيًا أتى = من ربِّه إذْ تُرفعُ البلواءُ
صلَّى عليك اللهُ أنتَ( مُحَمَّدٌ) = فلك الشفاعةُ إن أتتْ ونداءُ
فالجاهليةُ داسها فتقهقرت = والعنصريةُ في التبابِ هباءُ
إذْصاغَها في الأرضِ إنسانيَّةً = فيها لكلِّ العالمين إخاءُ
هي في نداءِ الوحيِ إسلاميَّةٌ = وسِوى هُداها في الأنامِ هُراءُ
لكنَّ مَن عَصَرَ الحنيفُ قلوبَهم = إذْ حاربوهُ وجلُّهم أعداءُ
ركبوا هواهم فازدرَتْهم أُمَّةٌ = تأبى حماقتَهم فهم خلطاءُ
ما العنصرية غيرَ كِبْرٍ فارغٍ = كالطَّبلِ صوتُ ضجيجِه إيذاءُ
لايرعوون إذا الحقائقُ أفردتْ = برهانَها فبعلمهم فقراءُ
كفروا بربِّ العالمين وأذعنوا = للتائهين فدربهم دكناءُ
والناسُ تعرفهم بأسوأ سيرةٍ = ولغيِّهم من شأنه الغُلوَاءُ
مَن هم ومَن آباؤُهم والفضلُ إن = وافى الكرامَ فشأنهم كرماءُ
وابنُ الكرامِ يعيشُ في أخلاقه = فالناسُ للناسِ الكرامِ دواءُ
هم للملماتِ الشديدةِ إخوةٌ = ماضرَّهم عِرقٌ ولا استعلاءُ
سبحان مَن برَاَ الأناسي حكمة = فيهم وفيها يُحمدُ الإنشاءُ
أوَلَم يموتوا كلُّهم مهما جَنوا = وسيقبرُ الكبراءُ والزعماءُ
وتؤولُ أعظُمهم به لترابها = وبه ينالُ من الكفورِ جزاءُ
والصَّالحون الأتقياءُ يَزفُّهم = لظلالِ رحمةِ ربِّهم بُشراءُ
والعنصريةُ لامكان لها ولم = تجدِ القبولَ وما لها شفعاءُ
ولعلَّ قصةَ ابن أيهم أثبتتْ = أنَّ التكبُّرَ شأنُه الإزراءُ (3)
إذ أنَّه لطمَ الفقير فأوجعتْ = ذاك الفقيرَ اللطمةُ الهوجاءُ
فشكا الفزاريْ حالَه لأميره = عمر الأميرِ وللفقيرِ رجاءُ (4)
طوبى أمير المؤمنين لعدله = فأبان حكما ليس فيه خفاءُ
ترضيه أو نقتصُ منك لأجله = لِيُقامَ للشرع الحنيفِ إياءُ
فاقرأ أخي لذوي المآثرِ قصَّةً = يعنو لها مَن عاندوا وأساؤوا
والعنصريةُ سُبَّةٌ ممقوتةٌ = يأبى أذاها الإخوةُ الحنفاءُ
وبإرثنا الميمون من قصص بها = عِبَرٌ لأصحابِ الحِجى عصماءُ
فاقرأ هنا فحوى حديثِ نبيِّنا = يروي لِمُنْتَسِبَيْنِ فيه عزاءُ (5)
فالفخرُ بالتقوى وبالعمل الذي = لسُمُوِّه لايعجبُ التُّعساءُ
ولفضلِه في الناسِ في سِيرٍ زكتْ = ولحسنِه يتسابقُ الشُّرفاءُ
أما هُراءُ العنصريةِ ينطوي = حيثُ اسْتُثيرَ لسوئه الأُمناءُ
فإثارةُ الأحقادِ رأسُ بلائها = إذْ من أذاها حذَّرَ العلماءُ
كم أزهقتْ بلواؤُها من أنفُسٍ = يشكو لهول شرورها الآباءُ
والناسُ لو تركوا العداءَ لبعضهم = ورأوا بها ما لا يرى الزعماءُ
ولأوجدوا طيبَ المقامِ بأرضهم = ولما رمتْهُم بالأذى الشحناءُ
فمودَّةٌ وتراحمٌ وتعاطفٌ = باسمِ الحنيفِ تعارفٌ و إخاءُ
تلكم مآثرُ دعوةٍ الإسلامِ في = دنياهُمُ وعن المِرَا بعداءُ
فالعنصريَّةُ لامحالَ تنازُعٌ = يفنى بوقدِ جحيمِه الشُّركاءُ
فَلْتَصْحُ وَلْتَسْتَيْقِظُ الدنيا على = شرٍّ يُدبِّرُ أمرَه السفهاءُ
فوراءَ هذا العصرِ فتنةُ عالَمٍ = فيه الجُناةُ تكالبوا مافاؤوا
ولمكرهم زورٌ وبهتانٌ وقد = ضمَّتْهُ بين ضلوعها الأحناءُ
هم يعمهون بجهلهم وبِحِيرةٍ = ضجَّتْ بحضنِ سرابِها الأهواءُ
لم يُدركوا أنَّ المآبَ لربِّهم = وبهم إلى دارِ الحسابِ يُجاءُ
ولعلهم لم يؤمنوا وعساهُمُ = يلقون مايُجزى به السُّفهاءُ
إلحادُهم قد حثَّهم فتجاوبوا = معه فمن إيمائِهِ الأُسراءُ
أسرى بأيدي العنصريةِ مارأوا = إلا التبابَ يلوكُه الإمساءُ
أعتى همومِ النفسِ همٌّ قاتلٌ = يخفيه لليوم الثَّقيلِ شقاءُ
لمَّا يَفُتْ عن وعدِ ربِّك فاسق = أو ملحدٌ لضلالِهم بنَّاءُ (6)
جاءت بهم ياويلهم حزبيَّةٌ = تمشي بهم لكنَّها عمياءُ
أو ملَّةٌ سيخيَّةٌ مأفونةٌ = من حولها مثليَّةٌ هوجاءُ
هذا زمانُ الفحشِ فاز بنكبةٍ = لحضارةِ لكنَّها عرجاءُ
نشكو إلى الديَّان مافعل الهوى = والحقدُ بالإسلامِ والأعداءُ
والمكرُ حيث ينالُ أمَّتَنا وهم = لمَّا تداعوا جاءت الأنباءُ
أنَّ الحشودَ أتتْ إلى قرآنكم = فله اللظى ولكم به الإفناءُ
فتلمَّسوا أهلَ المصاحفِ فضلَها = تُحفظْ بهنَّ السُّنَّةُ الغرَّاءُ
إنَّ العدوَّ وقد تفاقمَ شرُّه = أزَّتْهُ في أطوارها البغضاءُ(7)
سلبَ الحقوق وعقَّ أمر نبيِّنا = معيارُه الإفسادُ والإزراءُ
يأبى الحجابَ وللحجابِ مآثرٌ = مانالَ زهوَ فخارِها الدهماءُ
والعنصرية فتنةٌ لضلالها = أما الفساد فما له إرواءُ
في تيهِ عولمةٍ يُهدِّمُ صرحَها = سفيٌ لريحٍ أُذْنُها صمَّاءُ
هيهاتَ لاتُبقي لباغٍ منزلا = تأوي إليه الحيَّةُ الرقطاءُ !
لايلمزُ الناسَ الكرامَ سوى الذي = أحيا دناءَتَه فماتَ حياءُ
فإلى التنابزِ قد أتتْ ألقابُه = للناسِ والهمزُ الوضيعُ إناءُ
ولسانُه الممقوتُ تلعنُه التي = ألقابُها السوداءُ والبيضاءُ
تبًّا له ولكلِّ نفسٍ أدبرتْ = إذ صانَ رفعتَها الهدى اللألاءُ
ونأتْ ووجهتُها إلى مَن باعها = للمفترين ، وأمُّها الزهراءُ
هذي المنابرُ للغواةِ تسابقوا = لعقوبةٍ يأتي بها الإغراءُ
ياربِّ عونك فالأعادي أمعنوا = بالظلمِ فيه الغارةُ النكراءُ
يرجون طمسَ عقيدةٍ قرآنُها = خيرٌ لهم والسُّنَّةُ الغرَّاءُ
رامت سعادتَهم وراموا هدمَها = ولهم بها في الجنة الإيواءُ
فافتح إلهي بيننا فلأنتَ مَن = لك ياقديرُ العزَّةُ القعساءُ (8)
واحفظ إلهي مَن أتوكَ أعزَّةً = فجِوارُك النعماءُ والأفياءُ
تأبى عقيدتُنا الهوانَ بعصرِ مَن = تجتالُهم في الغمرةِ الأهواءُ
أنتَ الرجاءُ لنا لكلِّ مُلِمَّةٍ = وإليك من مهجِ الشعوبِ دعاءُ