السبت أو فرحةٌ بين يَديْ سيِّدة الكرامة
(الفَرحةُ نِيلٌ مُندفِعٌ |
* |
مِنْ أرضِ القُدس إلى المِرِّيخْ |
شُكرا مِلءَ الدنيا شُكرًا |
* |
يا أجملَ سَبتٍ في التاريخْ!) |
*** *** ***
بَكَرُوا
وكُنَّا مِثْلَ عادتِنا نِيامًا في العَسَلْ
أجَل، فقدْ كُنا نيامًا يا صديقي
مِثلَما كُنا نيامًا مُذْ قُرُونْ
بَكَرُوا وفي أيديهِمُ بِيضُ الأسَلْ
كُنَّا تَعوَّدْنا - صَديقي – أن نُفيقَ على الدماءِ
دِمائِنا
خَلْفَ الدماءْ
تَجْرِي بها الأنهارُ في الشاشاتِ
تَسْقِي حُزنَنا حتَّى الثُّمالَةِ مُثخَنًا
والعالَمُ المأفونُ عاتٍ مُدمِنٌ
سادِيَّةٌ نَزواتُهُ
حتى ولوْ بَشِمَتْ عِطاشُ فَطِيرِهِ الدمَويِّ
وهوَ يَلُمُّ مائدةَ الفُطورِ
فلا يَمَلْ!
كنا تَعوَّدْنا نُفيقُ على غِناءٍ كالنواحْ:
(عشرون عاما وأنا أحترف الحزن والانتظار)[*]
لكنَّنا يا صُبحَنا اليومَ السَّعيدْ
بَكَرُوا، فكانَ الصبحُ عِيدًا أيَّ عِيدْ!
عِشْنا طويلا يا صديقَ الحُزنِ
قد عشنا، ونُوشكُ أن نموتَ
ولمْ نَذُقْ في العُمْر مِنْ كأسِ انتصارٍ نَشوةً كاليومِ
غَنِّي يا عصافيرَ البِشارةِ
وارقُصي فَرَحًا فَراشاتِ الحُبورِ
وزَغْرِدي يا جَدَّتي في قَبرِكِ المنسيِّ مُذ حِطِّينَ
واخلَعْ أيُّها التاريخُ نَعليْ بُؤسِكَ الماضي
لِتَدخُلَ هذه اللحظَهْ
صَلاتُكَ لا تَحِلُّ بِغَيرِ غُسلٍ مَرَّتيْنِ بعِطْرِ نَصرِ الفاتحينَ
وَضُوؤُهُ مِسْكُ القُرنفُلِ والشهادةِ والفَرَحْ.
***
ماذا أرَى؟!
طَيرًا أبابيلًا تُحلِّقُ
فَوقَ أوكارِ اللُّصوص الهانئينَ
الوالغِينَ إلى التَّراقِي في كُرومِ الأنبياءِ خِلالَ أُولَى القِبلتَيْنِ
أَمِ الجُنودُ مع البُنودِ كمَا الرعودِ مُسَوِّمينَ
تَنزَّلتْ مِن كُلِّ أَمرٍ بالرَّدَى والكِبرياءْ؟!
سِجِّيلُها الإيمانُ باتَ مُعتَّقًا في سُورةِ الإسراءِ
يا سُبحان من أسْرَى بعَبدِهِ
للصلاةِ هُنا
ويا سُبحان من أجلَى عُصاةَ الأنبياءِ إلى الشتاتِ
وثُمَّ أرْجعَهُمْ إلى المَسْرَى ليَومِ المَلْحمَهْ
أَسْرَى سَرابِهِمُ
لِيَجمعَ شَوكَهُمْ
ويَذُوقَ جَمْعُهمُ وَبالَ القائمينَ على طَعامِ حَمَام قُدسِ اللهِ
حتَّى لا يَجُوعَ
ولا يُفَزِّعَ سَجْعَهُ أحَدٌ
"ذَرُوهُ، فإنهُ حَرَمٌ حَرامٌ
قاتِلوهُ إلى الخسارةِ والخرابِ!"
كذَا تَقولُ نُبوءةُ العرَّافِ عِزرَا بِنيامينَ لِقَوْمهِ
لكنهمْ لا يَسمَعونْ
ويُؤكِّدُ الرِّبِّيُّ مُوشِي قَولَهُ:
"يا أشقياءَ الحُلْمِ في ذِكْرَى يَهوذا
يا خُطاةَ السَّامِرَهْ
ويَمينِ يَهْوَهْ، إنَّكمْ جِئتُمْ إلى الخَوْفِ المُقيمْ
فتفَرَّقُوا
ويَمينِ يَهْوَهْ، لا بَخورَ بأورْشَليمْ
عُودوا إلى بوخاريست وبراغ وفاسٍ سالمينْ
وإلى زُقاقِ "الحاجِ عَدْلِي" في رياضِ القاهِرَهْ
ويَمينِ يَهْوَهْ، غرَّنا الحُلُمُ القَديمُ
ولا يَزالُ بهذه الأرضِ
العَماليقُ الجَبابرةُ الذينَ زَعَمْتُموهُمْ مَيِّيتِنْ
فهُمُ أُولاءِ
كمَا رأتْهُمْ في كوابيسِ الشتاتِ مُغمَّضاتُ عيونِنا
مِثلَ النُّسورِ
أتَوْا مِنَ القِمَمِ العَنيدةِ يَنْسِلُونَ
أراهُمُ – يا أيها العُميانُ – في أيديهِمُ
حُمْرُ المَناجِلِ
يَحْصُدونَ الغَرْقَدَ الحامِي الصَّديقَ
مِنَ الوَتِينِ إلى الوَتينْ!"
وأتَوْا كما الرِّبِّيُّ قالَ... أتَوْا كما الرِّبِّيُّ قالَ
وفي صَباحٍ لا نَظيرَ لِشَمسِهِ بين الشموسِ
أتَوْا فجَاسُوا واثقينَ خِلالَ دُورٍ مِنْ خُيوطِ العنكبوتْ
وأتَوْا فداسُوا فوقَ أعناقِ العساكرِ
والعساكرُ في الدساكرِ واطِئونْ
وهُمُ بِتاجِ العِزِّ في حِرْزِ القُنوتْ؟
وأتوْا فحاسُوا الحَيْسَ
كُلَّ الحَيْسِ
يا بُشْرَى!
وتِلكَ حكايةٌ أخرَى
فحاذِرْ أيُّها التاريخُ
ألا تَخلَع النَّعلَيْنِ
إنْ هَيَّأْتَ حِبْرَكَ واليَراعَ
لِتَكتُبَ الفَصْلَ الحديثَ
فهذه سَرديَّةٌ أُخرَى جَديدَهْ
واخلَعْهُما – فَضلًا – إذا أبْصَرْتَنِي
أُلْقِي وُقوفًا عِندَ سَيِّدةِ الكرامةِ غَزَّةٍ
هَذِي القصيدَهْ!
10 أكتوبر 2023
[*] من أغنية لفيروز، كلمات وألحان الأخوين الرحباني.
وسوم: ألعدد 1056