﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾
الآيــة 102 / سورة الإسراء .
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُمْلِي لِلظّالِمِ، فإذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ وكَذلكَ أخْذُ رَبِّكَ، إذا أخَذَ القُرَى وهي ظالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ).رواه مسلم .
وفي الحديث القدسي : (وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله ، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم ينصره ، وعزتي وجلالي لأدبرن الأمر لمن لا حيلة له حتى يتعجب أصحاب الحيل )
هوامش :
(1)أجْمِــلْ : أَجْمَلَ في الطلب : اتَّأَدَ واعتدَلَ . وفي الحديث الشريف : (أَجمِلوا في طلب الرِّزق فإِنَّ كُلا مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له ) .
(2)مثبورا : الثبور : الهلاك والخسران . وقال ميمون بن مهران عن ابن عباس : رضي الله عنهمـا : مثبورا : أي ناقص العقل .
(4) إشارة إلى الحديث النبوي : يقول ﷺ: ( اللهم مَن وَلِيَ من أمر أُمَّتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومَن وَلِيَ من أمر أمَّتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُقْ عليه ) ، فالواجب على ولي الأمر أن يرفق بالرعية، وأن يعتني بهم، وأن يجتهد في إصلاح أحوالهم، وأن يحذر من المشقّة عليهم.
(5) مقدورا : أمْرٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ ، مَحْتُومٌ عَلَيْهِ ، مُقَدَّرٌ عليه .
(6) المأزور : الإِزَارُ : ثوبٌ يُحيط بالنِّصف الأَسفل من البدن يذكر ويؤَنث .
(7) الهجينة :الهجين : حيوان ينتج من تزاوج نوعين أو سلالتين أو صنفين مختلفين لجنس واحد.
فرعـونُ أجْمِلْ نلتَه مـوفورا = سوءَ المـآلِ وجئتَه مدحـورا (1)
وفسادُك المأفون حِملُكَ لم يزل = تلقى به ظَهْرَ العُتُـوِّ جـديرَا
أمعنْتَ ياممقوتُ في فعلِ الأذى = وغدوتَ في نيرانِـه مثبـورا(2)
ولقد جنيْتَ المقتَ من ربِّ الورى = واللعنةَ الكبرى فعش مبتورا
جبروتُك المنهارُ يلفظُ في الدُّجى = أنفاسَه ويـرى المآلَ ســـعيرا
والظلمُ يابن المجرمين حصادُه = هذا التبـارُ تنالُه مكسورا
والويل في وادي لظى متوهِّـجٌ = تأتيه في يوم الحسابِ عَثـورا
أتظنُّ دنياك التي قد عشتها = تبقى ، وتبقى في الهوى مبهورا !
هيهاتَ يابن اللـؤمِ فاتك حظُّها = وأتيتَ باب عذابِها مجرورا !
هذي جهنَّمُ والخلودُ عقابُها = فيها ولن تجــدَ الحشودَ نصيرَا
أين الذين لِمــا تـرى جَنَّدَّتَهم = أين الذي أرسلتَه مأمـورا
غابوا جميعا يامُغَفَّلُ وانتهى = عهدُ التَّسلُّطِ خائبا محسورا
ونظامُ زيفِك لم يـزل في عـزلةٍ = شعبيَّةٍ وبـه تعيشُ صغيرا !
قد غـرَّك الأوباشُ مثلك غرَّدوا = لــكَ والغرورُ يسوقهُنَّ فجــورا
لن ينفعوك وما لديهم شربةً = للظامئِ الحـرَّانِ يلقى بــورا (3)
هـم مثل حالك يالئيمُ وكلُّكم = لمَّـــا نجدْ فوق العروشِ ضميـرا
تاهوا بتزييف النياشين التي = لمعتْ على صدرِ الشَّقيِّ فَخـورا
ياويل مَن ظلموا الشعوبَ وعربدوا= بيدِ المخازي منكرا ونكيرا
شقُّوا عليهم عنوةً وتسلُّطًا = والشَّعبُ يكرهُ مَن طغى مغرورا
مابالهم قتلوا الشعوبَ وعذَّبوا = والسجنُ باتَ لظلمهم مسجورا
الأولياء الصالحون به ثووا = تحتَ العذابِ عشيَّةً وبكـورا
اللهُ أكبرُ يازمانَ تَسَلُّطٍ = أعمى فآتى المفسدين وثيــرا
فتفرعنوا واستنسروا واستكبروا = ونسوا مصيرًا مؤلمًـا مقدورا (5)
دنياكُمُ أهلَ المخازي ساعةٌ = ستمرُّ تخـزي الظالمَ الموتورا
لمَّـا يجدْ لفِكاكه من منقذٍ = لمَّــا أتــى وَهَــجَ الجحيمِ أسيرا
فاستفتِ حالَـك يامغفَّلُ إنَّـــه = وافى الخلودَ مُذَمَّمًــا مدحورا
هيهات يابنَ الإثــمِ إنْ لـم تكترثْ = بالمنجيات البيِّناتِ بصيرا
ستلمُّ ثوبَك يامُرَفَّهُ غارقًــا = بــدمِ البريءِ ولم يكنْ مهدورا !
وسقطتَ رغـم الحشدِ حولَكَ داسها = نتنَ الزعامــةِ قد غــدا محذورا
لـم يرضَ وجــهُ الأرض مشيةَ عابثٍ = ملأ البسيطةَ لم يكن مأزورا (6)
اللهُ يمهلُ ياشقيُّ طغاتها =لكنَّه لايهمــلُ المسعورا
كالوحشِ في غـابِ السفاهة نابُه = قــد مـزَّقَ الميثاقَ والمأثـورا
حانت وربِّ العرشِ ساعاتُ القضا = ونرى ونعلمُ شأنَه المذكـورا
والكونُ تحكمُه مشيئةُ بارئٍ = عــَدْلٍ فبشِّرْ قـومَنا تبشيرا
سينالُ مَن ظلمَ الشعوبَ عقوبةُ = إذْ باتَ وجـهُ عُتُــوِّه مهدورا
وكأنه لم يقرأ التاريخَ في = صفحاتِــــــه نبــأٌ أتــى مشهورا !
نمرودُهم ماشأنُه قارونُهم = ماخسفُه أولم يكنْ مسطورا !؟
فرعـون في مصر الكنانة آيـةٌ = لمَّــأ يـزل قانونُهـا منصورا
وعجيبُ مافي الأمر أنَّ طغاتنا = عمــيٌ فما كانَ الزعيمُ بصيـرا !
أعمتْهم الدنيا التي ميزانُها = جعلَ السَّفيهَ بزيفهـا مسحورا
لكنَّهم سيرون عاقبةَ الهـوى = نارًا لدى يومِ القَضَا لا نــورا
فهمُ الجناةُ المسرفون استكبروا = والكِبرُ يجعلُ تافهًــا مشهورا
لاتأسَ يابن الصَّالحين فإنَّها = ساعاتُ حُلمٍ لن تدومَ كثيــرا
ولساعةٌ في طاعةِ الرحمنِ لن = تُنْسَى وكان ثوابُها مـوفورا
أجدى وأفضلُ من سنينَ لفاسقٍ = أمضى لياليَ عمْرِه مخمورا
لم يعلموا سرَّ الحياةِ وجلُّهم = باتَ لشهوةِ نفسِه مأسورا
واللهُ ما برأ الخلائق للهـوى = ليظلَّ دينُ إلهنــا مهجورا
والأصلُ للثَّقلين ألا يعبدوا = إلَّاهُ حمدًا دائمًـا وشكورا
فهو الإلــهُ الواحدُ الأعلى ولن = يجدوا سِواه لِما يشاءُ قديــرا
أما الذي جحدَ الحقائق ملحدًا = أو فاسدًا متزندقًا شِرِّيــرا
فهو الشَّقيُّ الآثمُ المثبورُ مـــا = ألفى له عقــلا ولا تحبيــرا
فانحازَ للمللِ الهجينةِ وارتمى = للجهلِ في أحضانها مثبورا
فاسجدْ لربِّ العرشِ أبقى أُمَّــةً = لن تستكينَ لِمَن أباحَ الــزُّورا
فمن الكبائر كفرُهم وعقوقهم = لعقيدةٍ قد حذَّرتْ تحذيــرا
قُـلْ للجناةِ الظالمين ألا ارعووا = فأوانُ ذا الدولاب باتَ قصيرا
والأمرُ كلُّ الأمرِ في يــدِ قادرٍ = وسِواه مهما كان ظلَّ صغيرا !