الدِّينُ زَهْوُ الْفَخْرِ
وبسيرة المختارِ سيِّدِنا الذي = أرسى بهنَّ قواعدَ الإيمانِ
إنَّ المآثرَ فخرُها تاجُ الفتى = ومراشفُ الآدابِ للخلاَّنِ
وأثيرُها الفوَّاحُ بالتَّقوى هفا = كالطيبِ طيبِ الزَّهرِ في البستانِ
فالدِّينُ عنوانُ المكانةِ في الورى = ومزيَّةُ الإكرامِ للإنسانِ
نورُ العقولِ وبهجةُ الوعيِ انجلت = في صفحةِ الإيثارِ والتحنانِ
فاهنأ أخا الإسلامِ في أفيائها = واحذرْ عروضَ عساكرِ الشيطانِ
لكَ في نُهاكَ من الهدى إطلالةٌ = قدسيَّةُ التمكينِ في الأزمانِ
مانالها واللهِ غيرُك في الورى = إلا الذي قد عاشَ عالي الشَّأنِ
أيقنْ بذلكَ وابتهجْ واهجرْ لهم = مستنقعَ التهريجِ والهذيانِ
للغافلين وإن تضاحك بعضُهم = حسراتُ أهلِ الغفلةِ العميانِ
قد أقحموا أيامهم في إثمِهم = واستمرؤوا الإغراءَ في الألوانِ
وهبوا العقولَ لحاقدٍ أو فاسقٍ = فترى الفتى كالهائمِ الحيرانِ
فالحمدُ كلُّ الحمدِ للهِ الذي = يهدي القلوبَ لرفعةِ الإحسانِ
قد أنزلَ القرآنَ وحيًا خالدًا = يوصي بحفظِ النفسِ والأبدانِ
وحبا ابنَ آدمَ بالبصيرةِ والهدى = وبظلِّ هذا الفخرِ يلتقيانِ
وأحلَّ نُضْجَ الطيباتِ لأجله = حتى يعيشَ بربْعِها الفينانِ
في ثوبِ عافيةٍ وسابغ صحَّةٍ = لينالَ عذبَ بشاشةِ اطمئنانِ
ونهاه عن نتنِ المحرَّمِ إنَّه = يفضي إلى الأوصابِ والحرمانِ
وبفضله أزجى إليه كما يرى = حلوَ الثمارِ تفيض في البستانِ
فالطيباتُ من الطعامِ تنوَّعتْ = ومن الشرابِ الرائقِ الجريانِ
فعلامَ ينأى مَن تناسى عَذْبَها = خلفَ المحرَّمِ والأذى الحيواني
وانقادَ للهلكاتِ لايلوي على = عقلٍ وَعَى أو ومضةِ استحسانِ
وأتى المخدرَ والهًا متلهفًا = يقتاتُه سَفَهًا مع الأخدانِ
فالعقلُ أُعْدِمَ والمشاعرُ أُخمدَتْ = في صدره المسعور بالنيرانِ
والنَّفسُ حائرةٌ تبدَّدَ أُنسُها = والقلبُ في قيدِ الأذاةِ يعاني
أرأيتَها بالويلِ إذ سقطتْ على = عبثِ الصَّريعِ لحالة الإدمانِ
لمخدراتِ العصرِ بابُ خسارةٍ = لمكانة الإنسان في الأزمانِ
كحضارةِ العصر الحديث ثبورُها = وافى البريَّة بعدُ كالفيضانِ
حرمتْ شعوبَ الأرضِ من قيمٍ زهتْ = بمودةٍ وأُخُوَّةٍ وتهاني
وبكلِّ ما يُنجي الشعوبَ من الأذى = بهدى النَّبيِّ الخاتم العدناني
بئستْ حضارةُ عالَمٍ لم تكترثْ = بهديَّةِ الإسلامِ للإنسانِ
فلقد أباحَ الآثمون خمورَها = ومخدراتٍ كُنَّ للهذيانِ
كم أقعدتْ ممَّنْ تعاطى سمَّها = متجندلاً في قبضةِ السرطانِ
أو حلَّ داءٌ في حنايا قلبِه = فأماتَ نبضَ القلبِ في الشريانِ
يا أيُّها الإنسانُ مالك لاترى = آثارَ ما للسُّكرِ في الهذيانِ
والمالُ أتلفَه التَّعلُّقُ بالهوى = في سوقِ هلوسةِ الفتى النَّشوانِ
أودى ببهجتِه الشَّقاءُ فعاشَ في = نكدٍ وفي وجعٍ وفي حرمانِ
أَوَلَمْ يجدْ طعمَ المرارةِ علقمًا = وهو المُباعُ بأبخسِ الأثمانِ
لفسادِ أخلاقٍ وقُبحِ مسيرةٍ = في حمأةِ الآثامِ والأدرانِ
يأتي الفواحشَ ناسيًا قيمَ الهدى = وطهارةَ الأحناءِ والوجدانِ
فكم اعتدى جهلا لسوءِ سلوكه = فأتى المحارمَ كالعدوِّ الجاني
فالأمُ باكيةٌ تكفكفُ دمعَها = والأختُ تشكو فعلةَ الحيوانِ
والنَّاسُ آذى فعلُه أبناءَهم = فأتى له ذمٌّ من الجيرانِ
هذا المخدِّرُ للعبادِ مصيبةٌ =حلَّتْ مآسيها بكلِّ مكانِ
فالمرءُ باتَ يمينُه كشمالِه = من غيرِ وعيٍ في يدِ الأرسانِ
والأسرةُ انتُهِكَتْ مكانةُ فخرِها = وذوتْ فروعُ خمائلِ الأفنانِ
وبها استبدَّ البؤسُ يطمسُ أمنَها = لتعيشَ في قلقٍ بغيرِ حنانِ
تعرو كتآبتُها ملامحَ أسرةٍ = فالنَّومُ لايأتي على الأجفانِ
إنَّ ابنَها أو بنتَها في ورطةٍ = من أهلِ حانِ الغيِّ يستقيانِ
والله هيَّأ للعبادِ برحمة = منه ابتغاء العفوِ للحيرانِ
بابَ المتابِ فليس يُغلقُ دونهم = واللهُ ذو فضلٍ وذو غفرانِ
واليوم هلَّ الصُّبحُ يحملُ توبةً = للمدمنين على الأذى في الحانِ
فعلاجُ مَن قد أدمنوا وتورَّطوا = عزمٌ يردُّ وساوسَ الشيطانِ
طوبى لِمَن تابوا ومَن قد أقلعوا = عن عادةٍ تودي إلى الأكفانِ
يغشاهمُ التوفيقُ من ربِّ الورى = ويثيبُ تائبَهم بكلِّ أوانِ
هاهم إلى الدنيا يعودُ نشاطُهم = ويطيبُ فعلَ الخيرِ للإنسانِ
فرحتْ بهم أرحامُهم وذووهُمُ = واعشوشبتْ دارٌ لهم ومغاني
واستبشرتْ أيامُهم جذلى فقد = تابوا و ولَّتْ عثرةُ الخذلانِ
بشرى لهم جاؤوا مرابعَ جنَّةٍ = ريَّانةٍ بالأُنسِ والتحنانِ
مع أهلهم وصِحابِهم ومع الهدى = أنجاهُمُ من غفلةٍ وتوانِ
فالحمدُ للهِ الذي يهدي إلى = سبلِ الفلاحِ وموئلِ الإيمانِ
يعفو ويصفحُ جلَّ في عليائه = عن تائبٍ لم يُصْغِ للأخدانِ
عِشْ يابنَ آدمَ للمآثر صالحًا = وَكُنِ الحريَّ بسيرةِ الفرسانِ
وانهض بنفسِك مؤمنًا وكن الفتى = سندًا لأهلِ عقيدةِ الفرقانِ
وانْسَ الذي قد كان في ماضٍ وقُمْ = متبتِّلا شهمًا بلا نكرانِ
أحلى ليالي المرءِ يومٌ لم يكنْ = يأتي إليه تخاذلٌ وتواني
فافخَرْ بدينك في البريَّةِ كلِّها = واهتفْ عرفتُ الحقَّ في قرآني
ونهلتُ من حوضِ المبشِّرِ شربةً = فالحمدُ للباري الذي أعطاني
أنا لاأُزاودُ أو أردِّدُ هكذا = لكنْ بنورِ فؤاديَ الضَّحيانِ
قلْ للبريَّةِ كلِّها إنِّي أنا = قد أُبْتُ للرحمنِ ذي الغفرانِ
فعقيدتي ضَحْيَانَةٌ ماهزَّها = خطبٌ ولا هانتْ بأيِّ زمانِ
فثبوتُها قدرُ الجليلُ وشأنُها = عالٍ عُلُوَّ الشَّمسِ في الأعنانِ
قد فازَ بالرضوان من ربٍّ الورى = والفخرُ باهى الخلقَ بالرضوانِ
وسوم: العدد 1084