بشائرُ الوحيِ تُذكي روحها عِظما!
هوامش :
- غُمَمَا : أياما ذات هموم وأحزان .
- الحشما : الخدم ومَن يعملون عند السادة .
- تمما : أي تاما كاملا .
- الآل : السراب .
لهفي عليها وحقدُ المعتدين رمى = من شره نُوَبًا ماكانَ منكتما
حتى إذا أدركتْ أسرارَ كبوتها = كَمُدْرِكِ الوعيِ هبَّتْ بالهدى قُدُمَا
قالوا صحتْ بعدَ رَقْدَاتٍ على غسقٍ = طوى المآثرَ والتاريخَ والسِّيمَا
وأدركت وصلها باللهِ مؤمنةً = بأنَّ عهدَ تفانيها لم يكن حلما!
وكيف تنسى وفي قرآنها نبأٌ = لِما يكونُ ، ومن آياته اتسما
وأكرمُ السعيِ ماكانت حوافزُه = حبًّا لدينِ نَّبيِّ لم يزل عَرِما
وهل تُلامُ على حبٍّ لدعوته = وإن أتى البذلُ في يوم اللقاءِ دما !
تجيبُ رَجْعَ الصَّدى في حبِّه مهجٌ = وإنَّهُنَّ يؤدِّين الفِدا ذِمما
صلى عليه إلهُ العرشِ أكرمه = في الحشرِ والناس في غفلةٍ وعمى
مقامُ سيدنا المحمودِ أدركهم = شفاعةً للذي قد لاذَ واعتصما
مُحَمَّدٌ سيِّدُ الدنيا وشرعتُه =وخيرُهأ لم يكن في الناسِ منبهما
وإنْ تصدَّى لها الطاغوتُ أركسه = وإن بدتْ حقبٌ من شره دُهُما
ولُّوا جميعا وما أجدتْ مكائدُهم = وحشدُهم لم يزل في الأرضِ منهزما
وأمتي لم تزل للفضلِ يحجبُها = عن الريادةِ هذا الوهْنُ ما انحسما
فشأنُها ليس في هذا مآثرُه = فهل أراها بيومٍ تسبقُ الأمما ؟!
وإنَّ عزَّتها هلَّتْ مقاربةً = لِما لَها من سُمُوٍّ بادرَ القِمما
وبيِّناتٌ من الذكرِ الحكيمِ لها = كانت يعزِّزُها إيمانُها قُدُما
وللرواةِ تفاصيلٌ يؤرخُها = صدقُ الأفاضلِ عافوا الزورَ والتهما
فَسِفرُ حُجَّتِهم فوَّاحُه عبِقٌ = فجاءَ بالحقِّ صدقُ القولِ والتزما
وباركَ اللهُ مسعاهم وجهدَهُمُ = وردَّ عنهم أذى الأشرارِ حثُ رمى
أحيوا زمانا بَكَتْهُ الأرضُ ثاكلةً = مذ غيَّبُوا الألقَ الممراحَ والشيما
إذا شكتْ من جفاف حلَّ أربعَها = أزجى لها الخيرَ في الآناءِ والديما
فاهتزتِ الأرضُ من وَدقٍ أتى وربتْ = وأنْبَتَتْ زرعها والضَّرع بعدُ همى
سبحان ربي هو الرحمنُ لم يَذَرَنْ= أهْلَ القرى في ليالٍ قد طووا ألما !
وإنَّما الخبثُ في أحناءِ مَن جَحَدُوا = وأحدثَ اللؤمُ في آذانِهم صمما
والحقُّ يُدرَكُ في صفوِ النفوسِ وكم = رأى الذين رماهم غيُّهم سقما
ماهيَّجَ الشَّرَّ إلا من ضغائنهم = فالحقدُ مولودُهُ الشَّرُّ الذي اضطرما
فداهَمَتَمنا بأحقادٍ فيالقُهم = ولم تجد في الحمى المسلوبِ معتصما
فذاقتِ الأمةُ الثكلى مجازرَهم = فكلُّ مَن في رباها بات متهما
فلا تسلْ عن مآسيها وإن عظُمَتْ = وهل يُجيب الذي من هولها وجما ؟!
فريسةُ الأمم العظمى لقد وهنتْ = فلم تقدِّمْ إلى ساحِ الوغى قَدَما
ولم تجنِّدْ لِما قد حلَّ موكبَها = ذاك الذي هزمَ الرومانَ منتقما
يهزُّني مجدُهم والدمعُ منهملٌ = رغم التَّصبُّرِ إذ هاجَ الأسى حمما
قد أطعمونا صناعاتٍ بنا فتكتْ = من دهنِ خنزيرِهم إذْ أورثَ الوَصَمَا
من دهنه : علكةٌ والبسكويت وفي = حلو السكاكرِ للطفلِ الصغير نما
وللحلاقةِ معجونٌ لأهلِ لحىً = إذ يحلقون اللحى مالم يكن جرما
وغيرها ويحنا هاهم قد ابتكروا = وإنما نحن قومٌ نشتري الوَخَمَا
والشَّرُّ عند أولي الإفسادِ ذو وصمٍ = يؤذي ويوقدُ في أرجائها ضرما
لله دَرُّكِ يامَن كنتِ سيدةً =في العالمين حفظتِ الأمنَ والسَّلما
وعشتِها رحمةً للناسِ في حقبٍ = لَمَّا يجدْ مثلَها تاريخُهم نعما
ولا اطمأنتْ لياليهم لمعتقدٍ = ولا لحزبٍ تهاوى ركنُه ثَرَما
ولا استقامت لهم بالعدلِ محكمةٌ = إلا على منهجِ اليسرى أتى حكما
فأقبلتْ نحو دينِ اللهِ أنفسُهم = أغرى تطلعَها ما يجمعُ الأمما
فمن أقاصي بلادِ الغربِ سؤددُهم = بادٍ وأغنى ربوعَ الشرقِ ما سئما
إلى شمال بخارى أسلمتْ أممٌ = إلى رُبَا يَمَنٍٍ مَن جاءَ معتزما
قبائلُ العُربِ لما آمنتْ ملكتْ= مآثرَ الدينِ واعتزَّتْ بها عِصَمَا
فروحُ أمتنا قد جلَّ منجدُها = والفتحُ في سعيِها أغنى الرؤى رَسَمَا
أتنحني أمتي للعاصفاتِ فما متى أراها وفي كَفَّيْ عقيدتها=زالَ الشُّموخُ بدينِ المصطَفَى سَنِمَا
يستأثرُ المجدُ تيَّاهَ الإباءِ بها =فخطوُها لم يزلْ في أفقِه شَمَمَا
وما انثنى وجهُها يومًا ، فوجهتُه =إلى الإلهِ إذا في السيرِ قد عزَمَا
هيهاتَ يوهِنُ عضُّ الكربِ قبضَتَها =أو أن يرى سيفَها المصقولَ منثلمَا
قد تعتريها صروفُ الدهرِ حالكةً=ويطمعُ الشَّرُّ في خيراتِها نَهِمَا !
وقد تنامُ ، وقد تنأى محامدُها =وقد يصبُّ الونى في صدرِها سَقَمَا !
لكنَّها تستقي من نبعِ مصحفِها =مُزْنَ المآثرِ لايُبقِي بها ألما
تردُّ ما استوردَ الأعمى ، لعزَّتِها =فما أقامَ لها مستورَدٌ سَلَمَا
لها المتونُ التي تروي فضائلَهَا =أكفُّ أهلِ الهدَى بَدْءًا ومختَتَمَا
لاتكسرُ القيدَ إلاَّ قبضةٌ مَلَكَتْ =عهدَ الوفاءِ ، ولم تُبدِلْ به التُّهَمَا
وسِفرُها الحقُّ لايطويه ذو صَلَفٍ =إنْ جالَ مستكبرًا ، أو صالَ منتقمَا
فللخبيثِ وإنْ طالتْ أذيَّتُه =يومٌ تراهُ بعارِ الذُّلِّ منهزمَا
وليس ينكصُ مَن كانتْ لرايتِه =عنايةُ اللهِ تحمي الدِّينَ والقيَمَا
ألم تَرَ الأرضَ بالدِّينِ القويمِ ربتْ =وأنبتتْ في حنايا أهلِها الهِمَمَا
واستيقظتْ مقلٌ من ليلِ هجعتِها =إذْ هلَّ فجرُ الهُدَى في الكونِ مبتَسِمَا
وجنَّدَ الشَّوقُ للإسلامِ فتيتَها =فليس يرضى بنوها في المسيرِ عمَى !
ويُعشَقُ الموتُ إنْ ردَّ الرجالُ به =إلى الشَّريعةِ ماقد باتَ منصرِمَا
والموتُ يُحيي الذين الوهنُ غيَّبَهُم =بوهدةِ الذُّلِّ إنْ ما بالدماءِ همى !
في غزَّة استرخصوا بذلَ القلوبِ ولم=يَجْفُ الجهادُ سوى مَن لاذَ مُتَّهَمَا
أو عاشَ مختبئًا في حضنِ خِسَّتِه=أو ذلَّ للمعتدي الجزَّارِ مُلتَدِما
أيا فلسطينُ ماجدوَى تحرُّقِنَا =للثأرِ إنْ لم نجدْ في القادةِ الشِّيَمَا !
عاثَ الصهاينةُ الأوغادُ في بلدٍ =قد أرغموه ، وجاسوا كالوحوشِ حِمَى !
والعربُ من حولهم تكبو سياستُهم=وحقُّنا ويلهم مازالَ مُهتَضَمَا
كأنَّهم مااجتلوا شلاَّلَ مقصلةٍ =فارتْ عليه دماءٌ لم تجدْ دَعَمَا
ولا رأتْ عمرَ الفاروقِ يردعُهم =يوما ، ولا وجدتْ للثأرِ معتصمَا !
تفاقمَ الخطبُ ترمينا أذيَّتُه =ولم يَعُدْ حقدُهُم والمكرُ مكتَتَمَا
وأوغلوا في ربانا ليس يُنكرُهم =بغيٌ تسلَّحَ بالإرهابِ محتدمَا
متى يُجدِّدُ أهلُ الحقِّ بيعَتَهم =للهِ ربِّ الورى ، فالحقُّ قد ظُلِمَا ؟
لِيُستَعادَ به ما كان من شرفٍ =وينسجَ المجدَ بالإسلامِ منتَظَما
ويجمعَ النَّاسَ في أفياءِ فطرتهم=وإن تمادى أخو الأهواءِ ما نَدِمَا
لن يصلحَ الحالَ إلا دينُ أحمدِنا =وما سواه فزيفٌ بالأذى وُسِمَا
وكاذبُ القولِ لم تصدق روايتُه= فالمُنقذُ الدِّينُ حقًّا لا كما زَعَمَا
إنَّ الحقيقةَ قد أوهتْ حضارتَهم = وصرحُها من مآسيهم قد انهدما
أتنفعُ ( التَكْنَلُوجْيَا ) أُمَّةً ذُبِحَتْ = يومَ استباحَ طغاةُ الشَّرِّ ما حَرُمَا
وهل سيجدي إناءٌ صيغَ من ذهَبٍ = وشاربُ السمِّ من ذي الكأسِ ما سَلِمَا
ألا كفاكم من التبذيرِ في ريبٍ = فمَن يرددُ دعواكم قد احتشما !
ماعادَ تُقنعُه الأقوالُ فارغةً = من المعاني ، ولا مَن أتقنَ النَّغما
هو التبابُ الذي نيرانُه التهبتْ = لتحرقَ البهرجَ المأفونَ منهزما
والناسُ قد كفروا جهرًا بزينتهم = وصاحبُ الزينةِ النكراءِ قد هرما
هذي الحضارةُ قد جاءت قذارتُها = تدمِّرُ الفطرةَ البيضاءَ والقيما
فهبَّ في وجهها دينُ الإله فما = من مؤمنٍ فَطِنٍ إلا لها رجَمَا
فليس يرضى أخو الإسلام مهزلةً = يسوقُ مُنْشِئُها نحو الفَنَا أمما
وإنما جاءَ دينُ اللهِ ينقذُها = من التبابِ الذي قد حيَّرَ الحُكَمَا
هيهات في غيرِه ياقوم مرحمة = وليس يجدي صريرُ الوعظِ مَن لُجِمَا
فالناسُ في غفلةٍ ساهون أسكرهم = حبُّ الحياةِ ولمَّا يرْعَووا ندما !
فبالشَّريعةِ إسلاميَّةٌ نهضتْ = من قبلُ أمتُنا لم تُبْقِهَا غُمَما (1)
واختارَها اللهُ إنقاذًا لِمَن عبدوا = أوثانَهم وأهانوا الأهلَ والحشما (2)
فالجاهليةُ ما كانت لأهلِ حِجىً = وإنما لأُناسٍ أوردتْ عدمَا
فآمنتْ بإلهِ العرشِ طائفةٌ = من الكرامِ وعافوا الشركَ منهدما
وأخلصوا في دروبِ السَّعيِ نيَّتَهُمْ = للهِ في ثقةٍ تستبعدُ الرَّغما
لم يسجدوا أبدًا إلا لبارئهم = والقرحُ يُطوَى وإنْ آذى وإن عَظُمَا
فجاءَ نصرٌ من الرحمنِ أكرمهم = به الإلهُ فولَّى الشركُ منهزما
والفتحُ كان رسالاتٍ ومرحمةً = للناسِ فاستقبلوا دينَ الهدى تمما (3)
لايبغضُ الدينَ إلا فاجرٌ عَبِثٌ = إن كان كهلا غوى أو كان محتلما
فدينُنا بهجةٌ للنفسِ تحفظُها = ونهجُها من سخافاتٍ لهم سَلِمَا
وإنَّما تُرْزَأُ النفسُ التي جحدت = فضلَ الإلهِ فأخوى عيشُها شَبِمَا
مَن عاشَ عمرًا بلا دينٍ ولا خُلُقٍ = وليس يعلمُ من نهجِ الهدى كلما
فقد أضاعَ ليالي العمرِ يُدركها = يومَ اللقاءِ بما للعمرِ قد رُجِمَا
أضحى به مبلسًا من أهلِ عَقْوَتِه = فما رأى عربًا ضَلُّوا ولا عجما
وليس ينفعُه مالٌ ولا ولدٌ = ولم تجد نفسُه في الحشرِ مُعْتَصَمَا
هيهاتَ يامَن طغى في عيشِه وبغى = هذا هو الآلُ لايجديك مُرْتَسَمَا (4)