بأي حال عدت يا عيد

د. محمد مصطفى أفقير

عدت بأي حال عدت يا عيد

بما مضى أم بأمر فيك تجديد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا عيد عدْتَ، فما الفرحُ مسموعُ

وفي القلوبِ جراحٌ لا تُدارِيها الدموعُ

كأنَّما الحُزنُ في الأرجاءِ محتومُ

والليلُ ليلُ شقاءٍ، لا يُباليهِ الهجوعُ

ضاعَ الأمانُ، وضاعَ الحقُّ وانتكبت

أحلامُنا، فالصدى في القلبِ مَمنوعُ

أيُّ احتفاءٍ بعيدٍ والضيمُ يَغمرنا

وكلُّ حُرٍّ على الأقدامِ مَصروعُ

نمنا على غدرِ الأيامِ، فاجتاحت

أحلامَنا ريحٌ عاتٍ لا تُرجِعُ الينوعُ

أضحى الفراقُ حبيباً لا يُفارِقُنا

وغدتْ تُؤَرِّقُنا الآلامُ والجوعُ

عُذراً، يا عيدُ، فلا الأفراحُ حاضرة

ولا الضياءُ بليلِ الحُزنِ مشموعُ

لكننا نَصبرُ الأحلامَ في أملٍ

أن يعودَ النصرُ، والعزُّ مَتبوعُ

يا عيدُ، عدتَ، وهل في العودِ تسبيحُ
أم أنَّ في قُدُومِكَ الجراحَ تَفتيحُ

يا عيدُ، هل تَفْرَحُ الأجيالُ في وَطَنٍ
أضحى بهِ القلبُ بالأشجانِ مشروحُ

ضاعَ السلامُ، وضاعَ الحقُّ، وانتهكَت
أرضُ الكرامةِ، فالأنوارُ تَطْويها الدُّموعُ
أيُّ احتفاءٍ بعيدٍ والظلمُ يَغلُبُنا
وكلُّ حُرٍّ على الأقدامِ مَقطوعُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا عيدُ، عد فأنتَ النورُ في الظُّلَمِ
بشر القلبَ بأنَّ الفَجْرَ في القُدُمِ

يا عيدُ، فيك الوعدُ والأملُ مكتملٌ
أنَّ السلامَ سيأتي رغمَ كلِّ ألمِ


يا عيدُ، نبني على الأيامِ رايتَنا
ونرتجي في علاك نصراً من الكرَمِ

سنُرجِعُ الحقَّ في الأوطانِ جُملَتَهُ
وتزهرُ الأرضُ بالعدل كالعَلَمِ


يا عيدُ، هذي فلسطينُ الفِدا سُكبتْ
فيها الدماء، ولكنْ بالدماءِ سقيت

سترجعُ القدسُ بالإيمانِ منتصراً
وتُزهر الأرضُ بالآمالِ، كالعِصَمِ


يا عيدُ، نبصرُ في عينيكَ بشرتَنا

أنَّ النَّصرَ سيأتي، والظلمُ سينْحَسِمِ

يا عيدُ، عدْتَ، ومعكَ الوعدُ بالنصرِ
بشائرُ الفجرِ في الآفاقِ تبتسِمِ


تَسْبِقُ الفرحةُ الأحزانَ في وطنٍ
قدْ كانَ دوماً من الأحزانِ مُتَّسِمِ

فالعدلُ عائدٌ، والحقُّ منتصرٌ
وفي فلسطينَ، وعد من الله منتظر...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الكلمات:

ملخص القصيدة

تستهل القصيدة بمخاطبة العيد ببيتين للمتنبي، ثم تسأله عن حاله وما إذا كان يحمل معه جديداً أم مجرد تكرار لما مضى من الاحزان. على غرار قصيدة المتنبي. ثم تستمر بتصوير الواقع الحزين المعتم. الأحزان مسيطرة على القلوب ولا يجد الفرح طريقاً إلى النفوس. يتم تسليط الضوء على الضياع وانكسار الأحلام، حيث باتت الأحزان جزءاً من الحياة اليومية، والفراق والآلام تسيطر على النفوس...

غير أن القصيدة لا تستغرق في وصف الأحزان واليأس، بل تنتقل إلى إشعال الأمل في النفوس، مؤكدة على أن النصر والعدل سيعودان. يتم تصوير العيد كرمز للأمل والنصر والاستقرار المستقبلي، داعية إلى الإيمان بأن السلام سيعود وأن الأرض ستزدهر بالعدل كما تزهر الزهور.

تكشف الأبيات الأخيرة أن القصيدة موضوعها فلسطين، مؤكدة على أن الدماء التي سُكبت في أرضها لن تذهب سدى، بل ستثمر في نهاية المطاف وتينع نصرا وعدلا، محققة الوعد الإلهي المنتظر، مما يملأ القلوب بالأمل واليقين بعودة الفرح ونهاية الأحزان...

وسوم: العدد 1087