في مسجد (مصعب بن عمير رضي الله عنه)

قم باسم ربك بانيا ومشيدا = وارفع على تقواه ويحك مسجدا

واسمع نداء الله فوق منارةٍ   = لحنا سماويا وطيرا منشدا

ينساب في أعماق كل موحد = فيضا ونورا للحياة مجددا

لا صوت أكبر منه أو أعلى ولا =تفنى جلالته على طول المدى

خير البقاع مساجدٌ معمورةٌ = تلقى بها الأرواح أفضلَ مُنتدى

تسمو بها نحو الفضيلة والتقى = وتنيلها العيش الهنيَّ الأرغدا

يهوى سكينتها المنيبُ وينجلي= عن نفسه وقد استجار بها الصدى

ينسى بها دنياه وهو مكبرٌ =ويرى حقيقةَ نفسِه متجردا !

جافت جنوب الصالحين مضاجعا = وقضوا ليالهم قياما سجدا

وسعوا إليها في الظلام يحثهم = شوق بهم ملأ المرابعَ والمدى

يتلون آيَ اللهِ في محرابها = والفجر يوشك نوره أن يولدا

حتى إذا ارتفع النداء وكبروا =وتوجهوا لله ربا مفردا

أبصرت أروع ما يرى في لحظة =ووقفت إجلالا تحيِّي المشهدا

ورأيتهم صفَّا وقلبا واحدا =ولسانَ حب للسلامِ مردِّدا

في المسجد: الإسلامُ ربى جيله =وبه احتمى ممن تمرَّد واعتدى

ومساجد الإسلام خيرُ مدارس =قد أشرقت منها مصابيح الهدى

ومن المساجد شع نورُ محمَّدٍ   =وبنى فكان بناؤُه مُتَفَرِّدَا

ومطلقٌ دنياه لم يرَ أنسه = إلا بها فأحبَّها وتزهدا

حُيِّيتَ مسجدنا وبورك من رعى = حرماتِه ودعا به وتهجدا

رفعتْ قواعده سواعدُ لن تزل =تُحيي قديما إذْ تَشيدُ مجددا

كم يحزن الشيطانُ أن تُبْنى بيوتٌ. = .للعبادة لا تَسُرُّ هوى العِدا !

كم تائه ضلَّ الطريق ولم يجد = في دربه نورا وصوتا مرشدا !

سمعَ الأذانَ فأيقظتْ إحساسه =كلماته فأعادها وتشهَّدَا !

رجعى إلى أخلاقنا، رجعى إلى = دين الفضيلة والمروءة والنَّدى

لا خير في رجل تراه مصليا =وعلى المساجد في الدجى مترددا

إن لم يكُ الإسلامُ نوَّرَ قلبَه =وصفا ضميرا واستقام على الهدى

ما ضاع مالٌ أنفقتْهُ أمةٌ =في مسجد أو مصنع يغني اليدا

يا من يتوق إلى الجنان وحورها = شيِّدْ بمالك معملا أو معبدا

وفِّرْ رصيدك في خزائن مصرف = أرقامُه في رحمةٍ لن تنفَدا

واغنمْ حياتَك قبل موتٍ داهم = واعمل من الحسنات ما تلقى غدا

من لي بيوم لا أرى فيه فقيرا . = .أو يتيما ضائعا متشردا !

ما للمساجد في الحياة رسالة = إن لم تعلمْنا التكافلَ والفدا !

ونجاتُنا عوْدٌ إلى الدين الذي = سدنا به يومَ اتَّبعنا أحمدا

ولمصعبِ بنِ عُميرِ منَّا عهدُنا = وبه نحبُّ مدى الحياةِ محمَّدا

*مصعب بن عمير رضي الله عنه صحابي من السابقين للإسلام، حاز السبق في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والتضحية في سبيل ذلك بمتاع الدنيا وجاهها. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة مبعوثا لتعليم الأنصار، ونال الشهادة يوم أحد، وبات رمزا للبذل والتضحية ودور الشباب المسلم في الذود عن رسالة الإسلام.

وسوم: العدد 1090