وظبيٍ كحيلٍ نافسَ الحسن واحتفى = رشيق إذا ما ارتاب بالنسمة اختفى
رمته عيوني فاستوى ثَمّ مرهفا = فلمّا رجته النفس أن قُلْ ومُر هفا
فقلتُ أيا شهداً فديتك لا تُرع = وعُد ثمّ جُدْ أو عِد بوصلٍ وبالصفا
فإنّي أخا السحر العجيب أسيرُه = وإنّي أخا البدر البهيّ أخو وفا
ولمّا احتواني الصمت حتّى كأنّني = بجبّانةٍ واخترتُ أرجعُ آسفا
أتاني صدى صوتٍ رقيقٍ معنّفا = كأنّ جليد الماء أجَّ وما انطفى
ألا يا مريدَ الوصل دع عنك ذكره = ودع عنك معسول الكلام وما عفا
فليس لدينا للبليد وسيلةٌ = ولو كنتَ محتاجاً ولو كنتَ مُدنفا
فإن تَكُ ذا شأنٍ فلستُ بآبهٍ = وإن تَكُ ذا لهوٍ فلم أكُ مسرفا
ألستَ من العُرب الذين تواضعوا = على الخوف والخذلان والجبن والجفا
تغنَّوا بمجد الأقدمين ولم يُرَوا = أسوداً بساحٍ تترك البغي تالفا
ولا أطعموا الجوعى ولا الناسَ أمَّنوا = ولا نصروا حقّاً ولو كان مصحفا
ولم يدفعوا ظلماً ولم يقحموا وغى = ولم يكسروا غِمداً ولم يبلغوا الشَّفا
جيوشهمُ للقمع والقهر حشّدت = وليست لصون العرض ليست لتنصفا
خزائنهم دون الشعوب مصونةٌ = وتشرع لكن للحقير ليغرفا
بلى ورثوا كلّ الأسامي فقيرةً = وعرشاً عظيماً بازخ الوشي أجوفا
دعتهم إلى نيل المعالي مكارمٌ = فما وجدت فيهم مجيباً مهفهفا
ونادتهمُ أرض الرباط جريحةً = فلم تلقَ فيهم من يهبّ ليسعفا
وأسرف جند البغي في نهش جسمها = فهل رجلٌ في العُرب قال لهم كفى ؟!
ودارت رحى الحرب الغشوم فأيقظوا = مع العار أجناداً فأمسى مضاعفا
ذبابٌ وإعلامٌ ومَينٌ وشرطةٌ = كذاك حصارٌ واليهودَ تكاتفا
كأنّ ركوب الموت صار دنيّةً = أو انّ إباء الضيم قد ساء موقفا
أيا تعس أعرابٍ أضاعوا حلومهم = وساروا بركب الظالمين تعجرُفا
ويا تعس أقوامٍ أطاعوا ملوكهم = وهابوا شياطيناً من الوهن أضعفا
فلا خير فيهم ما استكانوا وطأطؤوا = ولم يعرفوا إلا الدراهمَ مشرفا
إلى الله أشكوهم وأدعو مسلّماً = فتدبير ربّي كان خيراً وألطفا