أجالسُ ليلاً لا يَمَلُّ رجوعا= يطاردُ شمسًا لا تكُفُّ سطوعا
بهِ عازفاتُ الصمتِ تسكرُ نشوةً= إذا حلَّ ضيفًا للقلوبِ نزوعا
و بالأرضِ تهذيبٌ و ذعرٌ و ذلّةٌ= كأنَّ بها سُقْمٌ يُطيلُ هجوعا
يمرُّ بها يمشي الهوينى رعونةً= خطاهُ كظلِّ الضوءِ ماتَ خضيعا
اُحدّثُ في صمتٍ مسافةَ خطوهِ= الى أينَ تمضي في خُطاكَ سريعا ؟
تطاولَ من طولِ الأناةِ جناحُهُ= برفقٍ يمنّي العاشقينَ دموعا
وما ذرفتْ عيناهُ دمعًا للوعةٍ= سوى دمعةِ المَهزومِ حينَ اُريعا
كأنَّ بهِ منْ شوقِ قلبي بقيّةً != أمثلُكَ يا ليلُ امتلكتَ ضلوعا ؟
إذا جمعوا كلَّ اشتياقِ ولوعةٍ= لمَا وجدوا بين الأنامِ وَلوعا
صديقينِ كنّا من زمانٍ وصحبةٍ= و يجمعُنا بدرٌ أنارَ ربوعا
وكلُّ تلاقٍ لا يملُّ ثواؤهُ= وكلُّ فراقٍ يستديمُ صُدوعا
تفرّقُنا الأحزانُ وهْيَ لئيمةٌ= تكشِّرُ أنيابَ الحدادِ جميعا
أما لكَ في لؤمِ النفوسِ مقالةٌ ؟= أ لستَ بخُلْقِ الّلؤمِ كنتَ ولوعا ؟!
تُحدّثني عنكَ النجومُ وتدّعي= بأنّكَ خوفٌ يستظلُّ وُقوعا
أ في كبرياءٍ عشتَ صمتَكَ زاعمًا= بأنَّ ظلامًا كانَ فيكَ شفيعا
ألا أيُّها الّليلُ الّذي منكَ علّتي= لحتفِكَ تمضي أو تعيشَ قنوعا
فكلُّ إيابٍ أنتَ فيهِ مكابِرٌ= و كلُّ رحيلٍ كنتَ فيهِ شُروعا
تناصبُني جهرًا عداءً كأنّنا= و من أزلٍ لِلعزمِ كنتَ منوعا
لِعمرِكَ أزمانٌ تطولُ وتبتدي= و عمري مع الأزمانِ ظلَّ صريعا
أتعلمُ أنّ الأرضَ قبلكَ شعلةٌ= فصارت بك الدنيا تدانُ خُنوعا
فأعجبُ ما يبدو عليكَ لطافةً= ملأتَ وقارَ الزاهدينَ رُكوعا
و أكبرُ منكَ القلبُ فاضَ محبّةً= بحبٍّ لمَنْ أحيا النفوسَ جميعا
أ يُغريكَ عمرٌ ؟ لن يطولَ لأزمُنٍ= و للقلبِ عمرٌ, كم تراهُ وسيعا ؟
لهُ سعةُ الأكوانِ تصغرُ عندهُ= و أنتَ بهِ يا ليلُ صرتَ وضيعا
كئيبٌ يُسمّيكَ الهزيمُ و ما وعى= و ظلَّ هزيمُ الرّعدِ فيكَ مُريعا
سنمضي كلانا في الحياةِ نعيشُها= بسيطًا سأحيا في الحياةِ قنوعا