فيمَ اتِّكاؤُكُمُ المذمومُ ياعربُ = على العدوِّ وفيه الأمرُ مضطربُ !
مِلتُمْ إليهم وجافيتُم شريعَتَكم = فنابكم وَهَنٌ بالسُّوءِ ينقلبُ !
هوَ اتِّكاءٌ تلظَّتْ فيه حسرتُكم = ففي صدورِكُمُ بالخطبِ تلتهبُ !
وفيه مُرُّ الونى والعارِ مابرحا = وفيه زيفُ الرُّؤى الجوفاءِ والكذبُ !
ألم تروا أنَّها ماتتْ مروءتُكم = وأجفلتْ عزماتٌ صنوُها الغلبُ !
مِن قبلُ قالَ الفتى غاصتْ لكم ركبٌ = في الهمِّ والغمِّ واجتاحتْكُمُ النُّوبُ !
فما نقولُ وهذي حقبةٌ شهدتْ = سودَ النَّوازلِ ، والأهوالُ تصطخبُ !
قد غاصت الرُّكبُ اعتلَّتْ مفاصلُها = وأخرتْها الأماني ليس تقتربُ !
وغاصت اليومَ في بحرِ الأسى فَسَلَنْ = هذي البطونَ : أسُحتٌ جاشَ أم قُرَبُ !
بل طمَّ موجُ العنا ياويلكم لجِبًا = تلكَ الجباهَ ، فزالَ المجدُ والأدبُ !
واحسرتاهُ عليكم كيفَ يُدركُكُم = صوتُ الصَّريخِ الذي أودى به العجبُ !
مِلتُم إلى الغربِ دهرًا ويلكم فبكى = عليكُمُ الدَّهرُ إذْ عضَّتْكُمُ الرُّقُبُ !
وجئتُمُ الشرقَ فاعتلَّتْ إرادتُكم = وسامكم خطلٌ ، واقتادكم عطبُ !
والحالُ بينهما شؤمٌ لأمتِكم = ألم تروا كيف بالأرزاءِ تنتحبُ !
لايملكون بها شيئا لأنفسِهم = والكلُّ ياقومَنا عادٍ ومغتصبُ !
قد دبَّرَ الأمرَ والآيات فصَّلها = ربُّ الأنامِ ، وحاشا لا كما رغبوا !
أخذتُمُ النَّهجَ عنهم غيرَ ذي قيمٍ = ولم تبالوا ، وأنتُم في الورى النُّجُبُ !
جاؤوا بقوَّتِهم والضَّعفُ أقعدكم = عن الجهادِ ، ولم تسعفكُمُ الخُطبُ !
وكيف يقوى على الأحداثِ ساعدُكُم = وقد جفتْهُ لسوءِ الطالعِ القُضُبُ !
وأشغلتْكُم أغانيكم وما حفلتْ = به الملاهي ، وما وافى به الطَّربُ !
فرسانُكُم كلُّ رقَّاصٍ وراقصةٍ = وكلُّ غاوٍ له في حبِّهم نسبُ !
وناخَ إعلامُكم للشَّرِّ يركبُه = هذا السَّفيهُ ، وذاك الملحدُ الذَّنبُ !
كم من زنيمٍ علتْ بالإثمِ نزوتُه = مستهزئًا عابثًا ماردَّه أدبُ !
لقد طمى الغيُّ واستشرتْ مخالبُه = تمزِّقُ الشِّيمً العليا وتستلبُ !
يحاربُ الشَّرعَ من أبناءِ جلدتِنا = قومٌ تساقيهُمُ الأهواءُ والرِّيبُ !
لكنَّهم حبطتْ أعمالُهم ورأوا = خسرانَهم ، فعليهم ويلهم غضبُ !
شريعةُ اللهِ للإنقاذِ باقيةٌ = ماضرَّها ثبجٌ أو عاصفٌ لجبُ !
رغمَ الطواغيتِ مازالتْ بفطرتِنا = تُذكي جوانحَنا ، والظُّلمُ ينشعبُ !
هي الوسيلةُ للفتحِ المبينِ ولن = يُرَى لنا بسواها الفتحُ يقتربُ !
ماتَ الجنى بِيَدَيْ مَنْ باتَ مُتَّكئًا = على العدوِّ ، وغرَّتْ كِبرَه الرُّتبُ !