حين حورب الإسلام في شخص نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ، وأُغلقت جميع الأبواب الدنيوية ، فليس من نصير ولا منجد . فتوجه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى ربِّه ، فباب المدد الرباني مفتوح لمَن يستغيث بالله العظيم ، ولن يخيِّب المولى تبارك وتعالى مَن يرفع يديه بصدق ويقين إلى مالك الملك ، رب الأرض والسماوات ورب العرشِ العظيم ، أجل توجَّه الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى ربه والدم ينزف من قدميه فقال : ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك الحمد حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك) . أفلا تتوجه شامُنا بل وأمتُنا الإسلامية إلى الله بعد هذه الأهوال والشدائد والتآمر ... تسأله النجدة والنصرة والفتح !
والنورُ في وجهِ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ = مُتألِّقٌ في الدَّارةِ الزَّهراءِ
هذا رسولُ اللهِ جاءَ مبشرًا = برحيلِ عهدِ الغيِّ والأهواءِ
***
من هاهنا فابدأ مسيرَك مؤمنًا = بمعيَّةِ الرحمنِ ذي الآلاءِ
لم تنسَ تاريخَ البطولةِ أُمَّةٌ = حملتْ مآثره على الوجناءِ (9)
ياويلهم لن ينْفعَ الناسَ الذين . = . استنكروا ماجاءَ في السَّمحاءِ
بشراكِ أُمَّتَنا فدينُ محمَّدٍ = فيه النجاةُ لسيِّدِ الشُّفعاءِ
هوامش :
(1)الليلة الليلاء : الليلة الطويلة الشديدة الصَّعبة .
(2)الخطل : الكلام الفاسد الكثير المختلط .
(3)القعساء : الهمة الممتنعة الثابتة .
(4)جلجلات : الجلجلة: من أفضل أنواع الصهيل ، ويخرج الصوت صافيا وفيه غنَّه ، وطريق الجلجلة طريق الخلاص بإذن الله .
(5)دالتْ : زالت و ولَّت .
(6)البسلاء : · صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من بسُلَ.
(7) العسراء : الهجمة الشديدة الظالمة .
(8)رأد الضحى : وقت ارتفاع الشمس وانبساط النور في أول النهار.
(9)الوجناء : الناقة الشديدة شُبِّهت بالوَجِين من الأرض ، و قيل هي العظيمة الوجنتين.
(10)البلهاء : مَن ضَعُفَت عَقْولُهم ، وغلبت عليهم الغَفْلَةُ ، وقلَّ تمييزُهم للحق .
(11) شلة الإغواء : جماعة من الأصدقاء ذات ميول واحدة قذرة .
صبحٌ تفتَّقَ في دجى الغبراءِ = فأنارَها بالمِلَّةِ الغرَّاءِ
وَجَلا سناهُ الجاهليَّةَ فانطَوَتْ = ظلماتُ ما في الرؤيةِ البلهاءِ
وتأرَّجَتْ أعنانُ دنيانا على = قيمٍ برحبِ الجنَّةِ الغنَّاءِ
فالوحيُ بالقرآنِ هلَّ بأفقِنا = وأتى المبشِّرُ بالهدى اللألاءِ
من ظلِّ عرشِ الله أنزله هُدَى = للناسِ من عجمٍ ومن فصحاءِ
فإذا بمكَّةَ والمدينةِ أزهرَتْ = خيرًا فيوضُ البِرِّ بالنَّعماءِ
وإذا اليبابُ المشرئبُ بعُسْرِه = يُطْوَى بِيُسْرِ شريعةِ الحنفاءِ
والشَّوكُ واللفحاتُ أضنتْ أهلَها = في عيشهم بمفاوزِ الفيفاءِ
والناسُ في ضنكٍ على صحرائهم = أعيتْهُمُ اللأواءِ في الصَّحراءِ
وإذا بفضلِ اللهِ يهمي رحمةً = تُحْيِي القلوبَ بأطيبِ الأشذاءِ
فالشِّرك دُكَّتْ في المدى أصنامُه = وتبعثرتْ في الليلةِ الليلاءِ(1)
وإذا النفوسُ استنفرتْ إيمانَها = باللهِ لا بالكفرِ والشَّحناءِ
وسما الرجالُ بدعوةِ الهادي فما = أبقتْ على خطلٍ لدى النُّجباءِ(2)
فمضوا بها في العالمين أعزَّةً = ليؤولَ حكمُ الخَلْقِ للسَّمحاءِ
جاؤوا بظلِّ الرحمةِ المُهداةِ ما = جاروا بها حتى على الأعداءِ
حكموا البلادَ فما شكا في عهدهم = شاكٍ ولا عانى من البلواءِ
إذْ أنبتَ الإسلامُ جنَّاتٍ فما = من حسرةٍ تؤذيهُمُ وشقاءِ
وأدرَّ ضرعًا لايغيضُ عطاؤُه = للظامئ الجوَّابِ في الأرجاءِ
وزهتْ بشرعتِنا الخلافةُ في الورى = لتردَّ عنهم سطوةَ الَّلأواءِ
وعلا بها عذْبُ الأذانِ مردِّدًا = في الأرضِ عزَّتَه وفي الجوزاءِ
ولقد عجبْتُ اليوم من قومي لهم = هذا الفخارُ بعالَمِ الأحياءِ !
يلهون والأعداءُ في أكنافهم = بلهيبِ أحقادٍ وسفكِ دماءِ
فالعصرُ ذابت في جحيمِ عُتُوِّهم = مافيه من أمنٍ مدى الغبراءِ
واربدَّتِ الآفاقُ فوق شعوبه = بالبأسِ والبغضاءِ والشَّحناءِ
وتَسَلَّطَ الأوباشُ فيه فأمعنوا = بالمكرِ والترهيبِ والإيذاءِ
والعالم المرهون في أيدي القُوى = قد ضاقَ ذرعًا تحتَ كلِّ سماءِ
تبَّت يدا تلك القوى مشؤومةً = ملعونة تُنْمَى إلى السُّفهاءِ
هلاَّ رأيتَ شقاءَ أبناء الورى = وعلمْتَ ما في العيشِ من أرزاءِ
وطغاةُ عالَمِنا الفسيحِ استسهلوا = وّضْعَ ابنِ آدمَ في فمِ البأساءِ
فالأرضُ داميةٌ بأجسادٍ جرتْ = ثكلى بدمعٍ دافقٍ و دماءِ
يشكو بنوها جَوْرَهم وفسادَهم =والخِسَّةَ العمياءَ في الإغواءِ
والناسُ في قلقٍ يدمَّرُ أمنُهم = يغدون في ضنكٍ وطولِ عَناءِ
وهنا تُنادي للسَّلامةِ أُمَّةٌ = أهلَ الحِجَى لكتابها الوضَّاءِ
تهفو نفوسٌ آمنتْ بشريعةٍ = في عالم يشكو لطولِ الدَّاءِ
لكتابها ولِسُنَّةٍ فيَّاضةٍ = بالخير لا الأعباءِ والآلاءِ
ولنورِ آياتِ الكتابِ تحثُّهم = ليزولَ ما في الكونِ من إدجاءِ
فالأمنُ والإيمانُ في لآلائه = ونجاةُ أهلِ العصرِ من أعباءِ
شُلَّتْ يمينُ عدوِّنا وشمالُه = مَن عاشَ للإرهابِ والإقصاءِ
مَن حاربوا الإسلامَ أو عبثوا بما = للدِّينِ من قيمٍ ومن إعلاءِ
ولعله قد آنَ فيه أوانُه = فالعصرُ منتظرٌ جميلَ عزاءِ
ستهلُّ رغم الظالمين كتائبٌ = للفتحِ في الدنيا بخيرِ لواءِ
إنَّا لننتظرُ البطولةَ جنَّدَتْ = ركبًا بمصحفِ سيِّدِ البلغاءِ
لايستجيبُ لغيرِ صوتِ نَبِيِّنا = فهو الشِّفاءُ لهم وليس بناءِ
ماردَّه ثبجُ الخطوبِ ولا ونى = متسلِّحًا بالهِمَّةِ القعساءِ(3)
أَوَمَا سمعتَ بجلجلات زحوفِه = من غيرِ ما وَهَنٍ ولا إعياءِ
قد أذهلت روسيا برغم عُتُوِّها = وسلاحِها المشحون بالغلواءِ
اللهُ أكبرُ لم يكنْ إلا الفِدا = يكوي لظاهُ أضالعَ الأعداءِ
خرج الشيوعيون من أفغاننا = وهم الأذلَّةُ تحت كلِّ سماءِ
وغدا بإذن الله يخرج خاسئا = وجهُ اليهودِ وصاحبُ الأسواءِ
ستخورُ قوَّتُهم ويسقطُ شأنُهم = متمرغين على يدِ الفضلاءِ
وسيهلك الدَّيَّانُ مَن هم آزروا = هذا الكيانَ بضربةٍ نجلاءِ
فالملك للجبَّارِ ليس لقوَّةٍ = مهما تعالتْ رغم كلِّ نداءِ
كم أمَّةٍ دالتْ وزالَ عُتُوُّها= كالفرسِ والرومانِ بالإفناءِ
مازال أحفادُ النَّبيِّ أشاوسًا = يحيون مجدَ السَّادة الصُّلحاءِ
فالأولياءُ هم التُّقاةُ وربُّهم = يحمي أولي التوحيدِ في البأساءِ
واللهُ ينصرُهم بمعركةٍ تُرى = أطيافها في وثبةِ الشُّهداءِ
طوبى لكلِّ مجاهدٍ دفعَ الأذى = عن أمَّةِ الإسلامِ في الغبراءِ
ماقاتلوا إلا لنصرةِ دينهم = إذ يُفتَدَى بنفائس النَّعماءِ
وهنا هنا إخوانُنا في غزَّة = صبروا على الأهوالِ والأرزاءِ
وَأَرَوْهُمُ ما لم يكنْ في بالهم = من قوةٍ وعقيدةٍ وفداءِ
ومن الملائكةِ الذين استُنصِروا = فأتوا بإذن الله للهيجاءِ
فتزلزلَ المنبوذُ ذاك كيانُهم = وانظرْ جنونَ دُوَيْبَةٍ بلهاءِ
بشراك طائفةَ الثبات قد انتضتْ = سيفَ الجهادِ بهمَّةٍ و ولاءِ
يكفيكِ فخرا إذْ سبقتِ مَن ادَّعوا = حُبًّا لأقصانا وللإسراءِ
فتخاذلوا وكأنَّهم لم يبصروا = ما حلَّ في الأقصى من الجبناءِ
وبما جنى جندُ اليهودِ بأهلِنا = من قتلِ أطفالٍ لهم ونساءِ
ولحقدِهم قد دمَّروا مدُنًا على = سكانها حقدًا بغيرِ حياءِ
لكنَّ فرسان العقيدةِ أخرسوا = دعوى اللئامِ ونخبةِ العملاءِ
وقفتْ حماسُ بعزةٍ لم تلتفتْ = لعواءِ بعضِ سفاهة الخلطاءِ
وجهادُ في الميدانِ أبلتْ ما انثنتْ = عن صفعِ صهيونيةِ الدخلاءِ
يُطوى التآمرُ والتَّخاذلُ والونى = ويزولُ ما للغزوِ من خُيَلاءِ
ما استنسرَ الأعداءُ إلا عندما = خانَ الأمانةَ مُدَّعو الآراءِ
تاهوا بميدان التخاذلِ عنوةً = وارتدَّ منهم صاحبُ استهزاءِ
مَن عابَ دينَ اللهِ فَهْوَ مُذَمَّمٌ = وقرينُه في الكفرِ بات فدائي
سيرى اليهودُ مآلهم في أرضنا = يوم اللقاء وليس من شفعاءِ
الوالغون بهتك كلِّ مقدَّسٍ = والعابثون برفعةِ البُسلاءِ(6)
المجرمون وكيدُهم في نحرهم = مهما تطاولَ ليلُهم بالدَّاءِ
جاءت حماسُ وإخوةٌ صدقوا الفدا = فاستُقبلُوا في جنَّةِ الشهداءِ
ومقاتلون من الجهادِ وقوةٌ = أخرى بأرضْ العزِّ والنُّجباءِ
وتهبُّ أمَّتُنا وقد طاب الفِدا = وعدوُّنا يمسي بلا نصراءِ
مهما تعاظمَ واشمخرَّ بقوةٍ = فهو الأسيرُ لحقبةٍ فَقَضَاءِ
فاللهُ لايرضى التَّجبَّرَ والأذى = للناسِ ظلمًا باليدِ الرعناءِ
هذا الجهادُ وهذه أيامُه = حبلى بسؤددِ أُمَّةِ الغرباءِ
فالمسلمون اليوم أيقظَهم هدى = بندائه في السُّنَّة الغرَّاءِ
لم يرهبوا لُقْيَا العدوِّ ولا انثنوا = رغمَ الطغاةِ اليومَ والزُّعماءِ
فلهم من الوهجِ المقدَّسِ نصرةٌ = أزليَّةٌ هلَّتْ بدونِ خفاءِ
فالشَّعبُ كلُّ الشعبِ أضحى هكذا = جيشا لردعِ الغارةَ العسراءِ
فالنصرُ للإسلامِ وعدٌ قاطعٌ = لاريبِ فيما جاءَ في الأنباءِ
عن سيِّدِ الثقلين لا عن نخبة .= . الإعلامِ أهلِ الزورِ والأهواءِ
ولينصُرَنَّ اللهُ أجنادًا له = فاقرأْ كريمَ الآيِ في الإدجاءِ
تُبصرْ رفيفَ الفتحِ في رأدِ الضُّحى = متلهفًا لطلائعِ العظماءِ (8)
أملٌ تجلَّى في صحائف أُنْزلَتْ = لكنَّه المأمولُ قيد وفاءِ
ولقد تألَّقَ بشرُه في مقلتي = والآيُ بعدَ الآيِ من بُشَرائي
والآيُ في صدري يقينٌ دلَّني = رغم الأسى والضِّيقِ والأرزاءِ
أملي بجبَّار السماوات ازدهى = فأنا القويُّ ببارئ الأشياءِ
يُذكي عزائمَنا التي لم تندثرْ = فانْظُرْهُ وجهَ الليلةِ القمراءِ
هي إرثُنا لمَّا يزل في قوةٍ = ومكانةٍ علنًا وليس بالإيماءِ
هي قد طوتْ طول البلاد وعرضها = بالخيرِ والإيثارِ في السُّمحاءِ
ليست من الأطلالِ كي تمسي لهم = صنمًا يُزارُ وموئلا لغناءِ !
هذي عقيدتُنا وقد أغنتْ حضارتَنا . = . فلا لحضارةِ الغوغاءِ !
جاءت حضارتُهم بزينتها مغلَّفةً . = . بشَرِّ الرُّعبِ والإفناءِ
وغوتْ بها أجيالُهم وَنَفَى الهوى = حقَّ الإلهِ فكان في البعداءِ !
تُزجي لهم بالعفوِ والرحماتِ في = عُمْرٍ قصيرِ المُكثِ في الغبراءِ
عافوا نداءَ الأنبياءِ وأقبلوا = لنعيبِ أهلِ اللهوِ في الآناءِ
وتناسوا اليوم الذي فيه اللظى = لأُولي الهوى والزمرةِ البلهاءِ(10)
فلقد صحوتِ اليومَ من نومٍ طغى = فيه الجناةُ وشلَّةُ الإغواءِ(11)