*اشْمَخَرَّ : اشْتَدَّ ارتفاعُه ، وطال ، والشَّمْخَرُ :الطَّمُوحُ البعيد النظر
جيلنا هذا ومضةٌ من رؤانا= فهواه الميمون رفَّ أمانا
فيه فتيانُنا أجادوا خطاهم= وجروا في دروبها فرسانا
ترجمتْها أشواقُهم عن يقينٍ= ما أرادوا لشرحها ترجمانا
فطرةُ اللهِ فيهُمُ تتجلَّى= حكمةً في إبداعه واتِّزانا
هؤلاء الفتيان سِفرٌ كريمٌ= لو مضينا من أجلهم نتفانى
ونُنَمِّي روحَ البطولةِ فيهم= ونربِّي الشعورَ والوجدانا
فستبقى أيامُهم وارفاتٍ= وَلْنُشيِّدْ في ظلِّها مغنانا
لغدٍ نرصدُ العدوَّ فقد غامتْ = بأفْقِ اكتوائنا شكوانا
وأذقنا الآمالَ من كأسها المُرِّ = ومن خطبِ عصرِنا حرمانا
فَلْنُفَتِّقْ في جيلنا عزةَ الدِّينِ= وحبَّ الهدى وشذوَ رجانا
وَلْنَدَعْهُمْ بصدقِنا يستجيبون = إذا نودوا للفدا شجعانا
ولْيكنْ عيشُهم بظلِّ المثاني= فطريق الضَّلالِ قد أوهانا
حبُّهم للشريعةِ اليوم يُرجَى= فالضياعُ الضياعُ قد أشقانا
يقظة المسلمين في الأرضِ حانت= وزمانُ انتصارِهم قد آنا
هكذا تبصرُ العيونُ الرواني= ومضاتٍ تنمُّ عن رؤيانا
فَلْنُجَنِّدْ أشبالَنا للمعالي= وَلْنُطَرِّزْ قلوبَهم عرفانا
ماأجلَّ الإسلام إن هذَّبَ الجيلَ = وأرسى عبر الصدورِ حنانا
وأعادَ الشبابَ للسِيرِ المُثلى = وأغنى نفوسَهم إيقانا
فلنا من تاريخنا العطرِ الشَّذوُ = نشيدًا يُشنِّفُ الآذانا
الفتوحاتُ والمآثرُ والفضلُ = عناوينُ أكرمتْ دنيانا
لو سبرنا أطيافَها لوجدنا= في حنايا أسفارِها مُبْتَغَانا
في عطايا أفنانها خيرُ عيشٍ= حملتْها للعالمين يدانا
وجهها السَّمحُ مشرقٌ بالمزايا= يغمرُ النورُ بالهدى الأعنانا
والرضا باسم الثغورِ فإنْ ما= لألأ النُّورُ ضمَّه في مدانا
فيه مافي قلوبنا من وفاءٍ= وَجَدِيْدَاهُ أُولِعا بعلانا
والأماني لم تبقَ قيدَ التَّواني= حيثُ أضحى انبعاثُنا عنوانا
كم نشرنا على الوجودِ بنودًا= خافقاتٍ ولم نجدْ خذلانا
يتوارى إذا رآنَا عدوٌّ= ويولِّي بعد اللقا خسرانا
هكذا يصنعٌ الحنيفُ رجالا= لم تجدْ في صفوفهم خوَّانا
لم يزل نورُه يضيءُ الدياجي= ونرى وجهَ خيرِه مزدانا
هو يحنو على الشعوبِ ولمَّا= تُرَ في دور الآمنين حزانى
أسعدَتْهم شريعةُ اللهِ طوبى= لشعوبٍ لم تعبد الشيطانا
غرَّ ذا الملعونُ الرجيمُ أناسًا= فرماهم في شَرِّه عُبدانا
وسقاهم مُرَّ الحياةِ وبالا= ونكالا وحسرةً وهوانا
والمثاني للمؤمنين حبتْهم= رحماتٍ وسيَّرت ركبانا
ورعتْهم في النائبات مدى الدهرِ = وأذكتْ صدورَهم إيمانا
والخلاصُ الخلاصُ كان بدينٍ= لم تجدْ غيرَه للخلاصِ يدانا
والضلالاتُ للشعوب تلظَّتْ= بفسادٍ وأوهمتْ كُهَّانا
هو دينُ الإسلامِ يملأُ دنيانا = ابتهاجًا بخيرِه وأمانا
فالحضاراتُ أمرعتْ بيدينا= وأحالتْ وجهَ الرمالِ جِنانا
راقَ كأسُ التوحيدِ في ضفةِ الخلدِ= وحادي فردوسِه قد سقانا
مَن تُرى أكرمَ الأنامَ وأحيا= رَغَدَ العيشِ في الحياةِ سِوانا
يومها أمتي اشمخرَّتْ وهبَّتْ= من كهوفِ الظلامِ لاتتوانى
حملتْ شرعةَ الرسولِ شعارًا= وسلوكا ومنهجا وبيانا
فإذِ الأرضُ جنَّةٌ و ربيعٌ= تغزلُ الشَّدوَ في الوجودِ أذانا
وإذا الأنفُسُ الكريمةُ تملي= شرعةَ اللهِ في الورى قرآنا
هزَّت الغافلين فانتفض الناسُ = جهادًا يبدِّدُ الطغيانا
فتهاوى الطاغوتُ في كلِّ فجٍّ= طهرتْه من الجُناةِ دمانا
صورٌ هكذا تعودُ بأُفقٍ= وتروِّي بدفقها الظمآنا
هاهنا موئلُ السنين الخوالي= وشذاهُ من مجدنا يغشانا
ألمحُ النورَ في جباه شبابٍ= من بني أمتي هفا مزدانا
ينحرُ اليأسَ والخنوعَ ويمضي= وينيرُ الدروبَ والأعنانا
مَن مشاها بغيرِ دينِ إلهي= سيولِّي في تيهها حيرانا
جيلُنا هذا قد رماه أذاهم= فتحدَّى بالبيناتِ الهوانا
ما استكانتْ يداهُ إنَّ ثباتًا= ثارَ في وجه العدا بركانا
إنَّه اللهُ ماجفانا وحاشا= إنَّهُ اللهُ لم يزل يرعانا
إنَّه اللهُ ربُّنا وحِمانا= ولنا الفخرُ إنَّه مولانا
وكأني أرى الدوائر دارتْ= وفناءُ الطغاةِ في الأرضِ آنا
إنَّها الشَّامُ مَن أرادَ أذاها=جَنْدَلَتْهُ فرسانها خَزيانا
إنها الشَّامُ والحشودُ يقينٌ=قد حباها عزًّا هَفَا واتِّزانا
ولها ينصاعُ العدوُّ لنصرٍ=قد تجلَّتْ أنوارُه برهانا
ما استكانتْ أرضُ البطولة يومًا=لشقيٍّ ظنَّ الأبيَّ توانى
قد عَرَتْهُ الشِّدَّاتُ لكنْ تحدَّى=شانئَ الشَّامِ مجرما خوَّانا
فاستثارَتْهُ عِزَّةٌ بقويٍّ=فأتاها وشيَّدَ الأركانا
هدمتْها أضغانُهم فَأَرَتْهُم=إذ أتاها فبدَّدَ الأضغانا
فاشمخرِّي ياشامُ وجهُكِ صبحٌ=ليس يرضى في رحبِك الأصناما
واستعيدي ياشامُ مجدَك يتلو=سورةَ الفتحِ جدَّدَ الإيمانا
فلربِّي شعبُ العقيدةِ يُزجي=كلَّ آنٍ للبارئ الشُّكرانا
إنَّه اللهُ يمهلُ الظلمَ لكنْ=إنْ تمادى أذاقه الخُسرانا
كم تردَّى من حاكم في هلاكٍ=واحتقارٍ بلفُّه أكفانا
أيُّها الشَّعبُ لا تهُنْ لطغاةٍ=فالركونُ المذمومُ باتَ هوانا
كن مع اللهِ وابتهجْ بالمزايا=لك كانت واستحقرِ التِّيجانا!
وضعوها على الرؤوسِ افتخارا=فاستُذِلُّوا لغيرِهم عُبْدَانا
وأيادي أعدائهم صَنَعَتْهُم=فاستساغوا الهوانَ والإذعانا