أسماءُ كلّا لمْ تمُتْ
(إلى شهداء رابعة والنهضة)
|
سعيد عبيد |
"ركعتان في العشق لا يصح وضوءهما إلا بالدم"
أبو منصور الحلاج
أسماءُ كلّا لم تمُتْ
هي حيةٌ في طُهر كل فضيلهْ
في حُمرة الخجل المُوَرَّد في أزاهير الخميلهْ
في سجدة الوجه المضمَّخ بالدماءْ
أرداهُ سيفُ الغدر غِيلهْ
قد نالَ منه حُشاشةً
لكنه ما نالَ منهُ الكِبرياءْ
في خَفْر كُلِّ جميلهْ
في كُلِّ وجهٍ مِن شباب اللؤلؤِ المنثورِ ضاءْ
في قلبه وَحْيُ السماءْ
في كل حُرٍّ لم يُطوِّقْ عُنْقهُ نِيرُ الولاءْ
إلا لمن يَهَبُ الحياةَ
ووحدَهُ يُفني الحياهْ
ما زادهُ إلا ثباتاً أن رأى
نارَ العساكرِ جَمرةً
وبلادهُ الحَيْرَى قتيلهْ
في كُل معنى رائعٍ:
صبرِ النبيئينَ، انفتاحِ الياسمينْ
أنشودة "الغرباءِ"، صفْوِ الماءِ، صدقِ الأتقياءْ
في "حَيَّ حَيَّ على الصلاهْ"
تسبيحةِ القُمريِّ فوق الكَستناءْ
يتلو الدعاءَ مع الأذانْ
في دمعةِ الطفل اليتيم رأى أباهُ على التُّرابِ مُجَنْدلاً
نبتتْ بصدره وردتانْ
في بسمةٍ من أمِّه الثكلى
وقد قرأتْ: لمن خاف المقامَ مقامَ ربه جنتانْ
في دورة التاريخِ
أسماءِ العِظامِ
خَواتمِ القَصصِ
انفلاقِ الصُّبحِ
همسِ النجمِ في أُذُن الزمانْ: "من هؤلاءْ؟
من هؤلاءِ الفِتيةُ الغُرُّ الكِرامْ
يتسابقون إلى الشهادة في ازدحامْ
يَصَّعَّدون إلى السماءِ وقد دَنَتْ لهمُ السماءْ؟
من هؤلاء؟
أرأيتَ مِثْلهمُ رجالاً
في إهابٍ من إباءْ
مُذْ كَرْبلاءْ؟
أسماءُ كلا لم تَمُتْ
لمّا تَجرَّد في يَد الحَجَّاج سيفُ البطشِ
واختبأ الصّغارْ
خلفَ اللئامْ
خَلفَ اللصوصْ
والمُرجفون الماردونَ على الصَّغارْ
والنّاكصون تَجرَّعوا ذُلَّ النُّكوصْ
هَبّتْ وقالتْ: "هأنا
يأيها السَّفّاح إن تقتلْ من الشعب الألوفْ
تحيا أُلوفْ
ما عادَ تُرهِبنا خفافيشُ القبورْ
وروائحُ الخوفِ المُغَمَّس في الدماءْ
وقنابلُ الحِقدِ المُوجَّه للصدورْ
إنّا قَتلنا الموتَ فينا
كيفَ كيفَ يموتُ مَن غلبَ الفَناءْ؟
فتقدّمي يا باركَ اللهُ ارتصاصكِ يا صُفوفْ!"
..............
مساحة للشهادة
..............
هُوَ "علَّم الأسماءَ" يا أسماءُ
فلتهنئي في موكب النورِ
الذي يحدو بِه الشهداءُ
هُوَ ذا اسمُكِ المِسكيُّ في أسمائهمْ
وَضّاءةً في جبهةِ التاريخِ
إذْ أسماءُ من سفكوا الدماءَ غُثاءُ
سُبحانَ يا شُهداءُ مَن يَمحو ويُثْبتُ ما يشاءُ!
ملحوظة: القصيدة ملقاة بصوت الشاعر على الرابط أدناه: