في اغتيال البوطي
عبد الرحمن العشماوي
وقفةٌ أَمَامَ رَحيلِ البُوطِيّ
حَزِنتُ لأنَّهُ فَقَدَ البَرِيقَا
ولم يسْلك إلى الحَقِّ الطَّرِيقا
حزنتُ لأنَّهُ وَالَى عَدوَّاً
وأيَّد ظَالماً وَغْداً (صَفِيقَا)
وللعُلمَاءِ في البُوطِيِّ درْسٌ
يُذكِّرُ غَافِلا منهُم غَرِيقَا
مُمَالأةُ الطُّغاةِ نَفَـتْهُ حتَّى
رَأينَا بُـعـدَهُ عنَّا سَحِيقا
حزِنتُ لهُ رَأى شَعْباً جَريحاً
تسيلُ دِمَاؤُهُ وَ رَأى حَرِيقَا
فأغضى طَرْفَهُ عنْ جورِ بَاغٍ
و أَيَّدَهُ ولَم يَرْعَ الحُقُوقَا
مضَى البُوطيّ وهوَ يَرَى بيُوتاً
مُهدَّمةً وَنهرَ دَمٍ أُرِيقَا
فلَمْ يُنكر على البَاغين بغْياً
على الشَّعبِ الجريحِ ولا عُقُوقَا
ولَمْ تُبْصِرهُ عَينُ الشَّامِ شَيخاً
يقولُ الحَقَّ أو رَجُلاً شَفِيقَا
لقدْ زَكَّــى طُغَاةَ الشَّام حتى
رآهُ النَّـاسُ للطُّغيَانِ بُوقَا
وتلَك رَزيِّةٌ في العِلْمِ كُبرَى
تَزيدُ بها قُلُوبُ النَّاسِ ضِيقَا
وأَنَّى ينفَعُ العُلمَاء عِلْمٌ
إذا نقَضُوا بهِ الحَبلَ الوَثِيقَا ؟
أعُوذُ بخِالِقِي من شَرِّ وَهْمٍ
يُصيِّرُنِي بمَنْ يَبْغِي رَفِيقَا
رَأى البُوطِيُّ أحدَاثاً جِسَاما
وأبصَرَ شَعبَهُ دَخَلَ المضِيقَا
فلَمْ يصْدَعْ بقَولِ الحَقِّ فيهَا
وكانَ - لو اسْتَقَامَ - بهِ خَليقَا
لقدْ نَصَرَ الطُّغَاةَ فكَانَ لحْناً
لهُمْ و عَلى مَسَامِعنا نَعِيقَا
وَمَا تركُوهُ بَل قَتَلُوهُ عَمْداً
كَذاكَ البَغيُ لا يَرعَى صَدِيقاً