عن بورما قِصَّتُنا اليوم
ثريا نبوي
**مِن سلسلةِ الظلمِ سنحكي يا أحفادي عن مِحرقةٍ للبُرآءْ:
يُحكى أنَّ الدَّاعي بوذا أوصى أجدادًا أُمناءْ
كونوا غيماتٍ تُمطرْنا: نسرينًا.. صدقًا.. ونقاءْ
كونوا، إنْ سِلمًا أو حربًا، كونوا أتباعًا رؤفاءْ!!!
حَضنَ الأجدادُ وصيَّتَهُ، واعوجَّ مسارُ الأبناءْ
تَبِعوا صنمًا باسمِ الداعي.. واقترفوا غَبْنَ الشُّرفاءْ
فتفشَّت تأكلُ أخضرَهم.. يابِسَهم.. نارُ الأدواءْ
والحقدُ الأعمى في صَلَفٍ يتحدَّى فنَّ الحِرَباءْ:
بَنَتِ الأعشاشَ الرُّوهِنجا.. فاحترفَ الخطفَ الغُرباءْ
في الأرضِ القَفْرِ مِن التقوى والرحمةِ هانَ الإقصاءْ
سِكِّينُ الكَاهنِ لم ترحمْ أعناقَ القومِ الضعفاءْ
والحِلْمُ تَفحَّمَ مقهورًا .. نيرانُ المُوصي عمياءْ
*يا جَدَّتَنا هذا بَشِعٌ، هل مِن رِفْقٍ، أو إطفاءْ؟
**يا أحبابي: بوذا حجرٌ..هل تقوَى الأيدي العجفاءْ،
أن تجمعَ أضواءَ العدلِ، تغزلَها مِشكاةَ قضاءْ؟!
وَلــِ بوذا قلبٌ نَمرودٌ خالٍ مِن نبضِ الرُّحَماءْ
لا يألمْ إنْ سُجِرَتْ يومًا نارُ الأرَكانِ الأحياءْ
إنْ حملَ الموجُ مراكبَهم والنجدةُ أذْنٌ صمَّاءْ
والموتُ الرَّاصِدُ عودتَهم قد أصلتَ سيفَ الأرزاءْ
= = =
**مِن بَوْحِ القربانِ انهمرتْ باكيةً سُحُبُ الدَّمعاتْ:
يا مِجدافَ الزحفِ أغِثنا وسِّعْ في دَفْقِ الموجاتْ
يا أجفانَ القمرِ انسدلي.. تحت عيونِ الضوءِ مماتْ
يا أصواتَ الصمتِ انخرسي.. للصمتِ الراحلِ أصواتْ
يا وجهَ المجهولِ سئمنا فانضُ الثوبَ عن القَسَماتْ
أَوَ تختزِلُ الرحلةُ رُعبًا عشَّشَ في صدرِ اللحظاتْ؟
وَيْحَ استفهامٍ لا يُلقي للسائلِ أطواقَ نجاةْ
= = =
يتمدَّدُ في العينِ الوَجْلى، كجبالٍ، جَمرُ النيرانْ **
وتَراءى في الليلِ الداجي، قصَّابٌ للدمِ ظمآنْ
*هل مِن شرطيٍّ جَدَّتَنا يتعقَّبُ سَطوَ الغِيلانْ؟
** آهٍ مِن شوكِ الأسئلةِ..آالغربُ الراعي الحرمانْ؟
مَنحوا، سَلبوا، هَدموا، رَدَموا، وإذا بالجُرحِ السهرانْ؛
سحقتْهُ قدمُ النسيانْ
أَوَ يبقى الشجْبُ – بلا طحنٍ أو نارٍ-خُبزَ الأسوانْ؟
مِن سُمِّ الأفعى إنْ كُتِبَت، فاسودَّتْ صُحفُ الشيطانْ
*نَتساءلُ عمّا لو كانوا لهمُ في الشدَّةِ إخوانْ؟
**سأُنادي معكم أولادي، ولعلَّ صُراخًا في الوادي،
تَتَفَتَّحُ مِنْهُ الآذانْ
*** واإسلاماااهْ !..
**ما هزَّ الإخوةَ ترتيلُ الدَّمعِ الهَتَّانْ!
ما عادَ الفجرُ لهم يومًا قَصَبَ العُنوانْ
أفلا تَصَّدَّعُ مِن هولٍ أُسُسُ البُنيانْ؟
واإسلاماااهْ.. ما عادت تسقي لهفتَنا..كسرابٍ يبتزُّ الصَّديانْ
ما عادت تُوقِدُ نخوتَنا.. وخبَتْ شعلتُها في الأذهانْ
لمْ نَربِطْ خيلاً أو بغلاً .. وفَقَدْنا بُوصَلةَ الحيرانْ
ودَخَلْنا في عصرِ الوَهَنِ الخَرِبِ الوَسنانْ
= = =
**هيا نحدوهم نستدعى، في الظُّلمةِ فُرسانَ الفجرْ
أرَكانُ.. الوَحدةُ مِتراسٌ في وجهِ الغَدرْ
هل غيرُ الريحِ مُزمجرةً مَنْ يُتقِنُ صفْعَاتِ القَطْرْ؟
هُبِّي ووراءَكِ تاريخٌ وشَّاهُ النصرْ،
بصهيلِ الثورةِ مُندَاحًا وورودِ الصبرْ
إذْ حطَّمَ ظلمًا مقدودًا مِن صَلْدِ الصخرْ
فتدنَّت روما واشتعلتْ أسبابُ الثأرْ
= = =
شُدِّي قوسًا واسرجي فرسًا
وارمي سهمًا مِن نيرانْ
يُقتَلْ أشباهُ الفرسانْ
يُطوَ الكُفرُ مع الأكفانْ
تُزهِرْ أفئدةُ الإنسانْ
تُشرِقْ مِن كفَّيْكِ الشمسُ على الأوطانْ
= = =
كانت(أرَكانُ المسلمة) مستعمرةً إنجليزية، ولاقت انجلترا الأمرّين من مقاومة المسلمين لها حتى تحررت أرضُهم، فحرَّضت البوذيين جيرانَهم على احتلال أرَكان وضمِّها إلى ميانمار.. وتحت حكم البوذيين العسكر، لقي المسلمون الأقليةُ أو (الروهنجا) كلَّ ألوانِ التعذيبِ والتضييقِ، والإقصاءِ والتهجيرِ من أرضِهم، والقتلِ بالآلافِ: حرقًا أو ذبحًا، بتحريضٍ من الكهنةِ البوذيين.
وتتصاعدُ وتيرةُ العنفِ بين الفينةِ والأخرى، تحت غطاءِ الصمتِ الدوليّ الكثيف، أو مناشدةِ الطرفين التفاهمَ والاتفاقَ عَبْرَ أبواقٍ من القلقِ الرخيص.