رجوع ماشْطة ترجع من غيابها
رجوع ماشْطة ترجع من غيابها
د.حسن الأمراني
واثقةً بالنّصرْ
ترفل في إهابها
واعدةً بالطّهْرْ
فلم يعُدْ في القصْرْ
فرعونُ يمشي تائهاً بالكُفْرْ
ولم تعدْ جنودهُ مهيبةً
ولم يعدْ يملك شيئاً سامريُّ العصْرْ
ماشطةٌ تؤوب من إيابها
طافحةً بالبِشْرْ
تقول: قدْ آذنتكمْ بالفجْرْ
فجْر المساكين الذي انتظاره
طال وراء الأسْرْ
تبعثُ سيرة اللواتي كنّ مثل الشمس خلْف الخِدْرْ
على جبين الدَّهْرْ
سميّة، وخولة، ومن بهنّ يستضيء البدْرْ
تبشّر الماشين في جوف الظلامِ بالثياب الخُضْرْ
تنفخ من إيمانها في القلْبِ روح الشّعْرْ
بين حروفها ترقرقّ البهاءُ مثل نفْث السّحْرْ
كمْ هُبَلٍ يهْوي إذا ما نطقتْ
وكمْ سُواعٍ خَرّْ
كأنها وقد مشى سرب الظباءِ
يوقد البخور حول ظلّها
ويسْكبُ الألحان في آنيةٍ من زهْرْ
حورية من جبل الأولمب مدّتْ يدها إلى عروس البحرْ
أستغفر الرحمنَ..أين جبل الأولمب؟
أين بابلٌ وما بها من معجزات السّحْرْ ؟
من نورها الوهّاجِ وهْيَ ترتدي عباءةً من (الليالي العشْرْ)
من يا تُرى يُمِدّني بالحِبْرْ
كي أودعَ البَحْرَ إذا أدهشني
قارورةً من عطْرْ؟
وهل يطيقُ البحْرْ
أن يحمِل الصّفاتِ والأَسْماءَ
أو بين حنَايا الدُّرّْ
يزرعُ سرّ السرّْ؟
ماشطةٌ شرارة الإباء تسري في عروق النّهْرْ
فينتشي ويمنح الحقول ما ينعشها
وما به تخضرّْ
تقول: من كان إلى الله فقيرا وحده
ليس يخاف الفقْرْ
ولا يقيم الخوفُ منه في خبايا الصَّدْرْ
فاتْلُ إذنْ: " والفَجْرْ"
تنْفتحِ السماءُ بالمُزْنِ، وتكْشِفِ النجوم الزُّهْرْ
عن الثنايا الغُرّْ
وعندما تدفّقتْ ماشطةٌ كالنّهْرْ
حين يشُقُّ الصّخْرْ
فاض على العالمِ صوتُ الطّيرْ:
" ما دام في نسائكمْ ماشطةٌ
فلا سبيلَ للطُّغاةِ غير جوف القبْرْ"