أقصري اللوم
مصعب بن سلطان السحيباني
أقصري اللّوم لا تطيلي مُصابي
لا تزيدي فداكِ روحيَ ما بي
خلقَ اللهُ للقلوبِ احتمالاً
وابتلى كلّ عاقلٍ بالعذابِ
نعمةُ العقلِ نقمةٌ لو تغطّتْ
بجميلِ الكساءِ والأثوابِ
لو درى الجاهلونَ عنها لقالوا
إنّ ذا الجهلِ لهو عينُ الصوابِ
أقصري اللّومَ فالحياةُ عُبابٌ
كل حرٍّ بها غريق عبابِ
فمُغيثٌ – اذا وجدتَ – كفيفٌ
ومُغاثٌ – إذا نجى – في ارتيابِ
أقصري اللّوم فالحياةُ شجونٌ
تقتفي الحرّ والزمانُ مُرابي
كلما مدّ باليمينِ نعيماً
مدّ لي بالشمالِ كفّ اغتصابِ
إنما الحرّ في الحياةِ بحربٍ
بين نصرٍ ونكبةٍ وانسحابِ
وأرى الأشقياءَ داموا بحالٍ
واحدٍ بالنفاقِ أو بالكِذابِ
ما لأحلاميَ الجميلةِ ولّتْ
أمْ تُرى أنهنّ مثل السرابِ
في الصبا أرسمُ الأماني عِذاباً
فاستحالتْ لما جرى لعَذابِ
لمْ أعاتبكِ يا مليحة إلا
من هوىً في الفؤادِ غير مُشابِ
وأرى العتبَ للحبيبِ وفاءً
كم بغيضٍ يجلّ عنه عتابي
ولكل إذا أردتَّ بديلٌ
غير حلو الهوى وعهدَ الشبابِ
لا تقولي أراكَ غضّاً نضيراً
أنتِ لا تعرفين ما أسبابي
لا يغرنك ما رأيتِ فإني
ضاحكُ الوجه فاقدٌ لصوابي
إنني شاعرٌ فداكِ رقيقٌ
يبصرُ القلبُ ما وراء الحجابِ
ليتني أستطيعُ بوحاً ولكن
ربما في القصيدِ بعض جوابي
أقصري اللوم فالصحابُ تولوا
كل من تبصرين غير صحابِ
ذهبَ الودّ والوفاءُ وإنا
من قديمٍ نراهما في الكلابِ
أقصري اللوم عن دياري فإني
لستُ أرضى الحياةَ في وسطِ غابِ
يأكل الذئبُ غيلةً ما يراه
دونه بالقوى وبالأنيابِ
وإذا عافتِ الديارُ بنيها
نشدوا العزّ إنفةً في اغترابِ
فاعذريني إذا قرأتِ وإلا
لا تزيدي فداكِ روحي ما بي