في المعتقل
حذيفة العرجي
لو خيَّروهُ القتلَ أو أن يُعتَقَلْ
لاختارَ حتماً في بلادي قتلَهُ !
أسَمعتَ عن زنزانةٍ في المُعتَقلْ ؟
سجَّانُها يجري على رأسِ المُكبَّلِ بولهُ !
شيءٌ عجيبٌ ما رأيتُ لهُ مَثَلْ !!!
سوطٌ وجلادٌ وأربعةٌ من الأوباشِ ، كلبٌ
هائجٌ ربَّاهُ كلبٌ مثلهُ ..
صوتٌ بعيدٌ بُعدَ زُهرَةَ أو زُحَلْ
يدوي بأروِقَةِ السُجونِ .. يهُزُّ بابَ المهْجَعينِ وقِفلَهُ
رَجُلٌ مُسِنٌّ أنزعوهُ ثيابَهُ غصباً يولولُ في مدامِعِهِ الخَجَلْ !
وإذا صُراخُ سَجينَةٍ شدُّوا ظفائرها وجرُّوها على الإسفلتِ عاريةً لتَجلِسَ حولَهُ
سَكَتَ الجَميعُ ولم يَزَلْ
دمعُ الفتاةِ يأنُّ في وجدانِ والدها البَطَلْ
وكما الجَبَلْ .. كانت دماءُ فتاتهِ من بعدِ ما اغتَصَبَ الزُناةُ عفافها مثل الجَبَلْ
عشرونَ ذئباً قد تجمَّعَ حولها .. والوالدُ المطعونُ ودَّعَ عقلَهُ
ما أسهلَ الأسماءَ حينَ يُقالُ ماتَ فُلانُها
من أن يُقالَ زَنا بحاملةِ اسمهِ سجَّانُها ..
في ساحَةِ السجنِ الكبيرِ يقومُ ضُبَّاطُ الحرامِ بنَزعِ أغطيَةِ النساءِ ورميهنَّ أمامَ لذَّاتِ الكلابِ وقُبحِها ..
ويَصيحُ كلبٌ منهمُ :
أنتُنَّ من أجبرننا هذا .. لقد كُنتُنَّ في عيشٍ كريمٍ وافرٍ ، هل هذهِ الحريَّةُ الحمقى تُردنْ
وعلى اليسارِ بأولِ الدهليزِ ( شبيحٌ ) يُعذِّبُ طفلةً ويقولُ قولي لا إلهَ سوى عَتيدُ الشآمِ
حامِ ديارها
أحَدُ الشبَابِ مُمَدَّدٌ ضرَبوهُ حتَّى صارَ مُختلاً وجَنْ !
والأخر استَقوتْ عليهِ أُذنُه ، طَلَبَ الطبيبَ فجائَهُ جزَّارُها
قل لي بأيِّهِما الألَمْ ؟
في أذنيَ اليُمنى ألمْ ..
سأُريحُ رأسَك للأَبَدْ .. فلتقطَعوا هذي الأُذُنْ !!!
يا أُمَّةً وقَفتْ تُشاهِدُ ما جَرَى
والصمتُ يأكُلها ويأكُلُ عجزَهَا
ليسَ البلاءُ دخولنا للمعتقلْ
موتوا فواللهِ العظيم بقائُكُم فينا البَلاءْ
موتوا فواللهِ العظيم بقائُكُم فينا البَلاءْ