من أكون؟
عبد الرحمن أبو المجد
وسألتُكَ يا رفيقَ الدربِ
من أكونْ ؟
وفي لهفةٍ تقولُ: شاعرٌ مجنونْ
غرَّهُ بعضٌ من حروفِ قافيةٍ
و رفعةٌ نالَها مع القانونْ
والدورُ و التبرُ و البنونْ
فمثلُكَ لا سهداً يطاولُهُ
ولا دمعةً تذرفُها العيونْ
لا يا رفيقَ الدرب ِ
لقدْ أسأتَ في سؤالي الظنونْ
فأنا ما أنا أو من أكونْ ؟
أنا من غاصَ في الأحلامِ أنزعُها
و سئمتُ التعمقَ في المتونْ
فما أنا إلا بعضٌ من الثرى
سوفَ يُملأُ في حدبِ الجفونْ
يَحملُني الشعرُ إلى الشعرِ
و لا أعرفُ دقاتِ الطبولْ
يُؤرقني الحرفُ و البحرُ
و تَقتاتُ القوافي من عمري
و سويداءُ الليلِ المجهولْ
و أعودُ دوماً مذبوحاً
كالعصفورِ في ثوبِ البتولْ
كمْ ظننتُ الشعرَ رسولاً
ولكنهم قتلوا في قلبي الرسولْ
فهل عرفتَ ما أنا أو من أكونْ ؟
يحملُني الجرحُ إلى الجرحِ
فأنا فيضٌ من غوائلْ
ولم أحصدْ يوماً في عمري
غيرَ الجرحِ من أرحامِ السنابلْ
وأبحثُ في المدنِ عن ترانيمِ المآب ْ
ولم أجدْ في المدنِ غيرَ المزابلْ
و لم أعدْ أكتبُ غيرَ السرابْ
و القلمُ أعياهُ نبضُ الأناملْ
و يكبحُ صوتي نعيقُ الغرابْ
فقد اغتالوا من الدنيا البلابلْ
فهل عرفتَ ما أنا أو من أكونْ ؟
أنا يا رفيقي من القطافِ الأوائلْ
وعلى وِجنتيَ وسمُ الشجونْ
وأنسجُ من جراحي شعرَ الأيائلْ
و يرعدُ أذني صمتُ السكونْ
فهل عرفتَ ما أنا أو من أكونْ ؟
يَحملُني الليلُ إلى الليلِ
فالدنيا ليالٍ لا أكثر ْ
كلُ ليلٍ فيها .. كلُ يومٍ يَكبُرْ
و يَقْتُلُنِي الغدرُ من سهمِ الخليلْ
ومن( سلوانَ) التي طَعَنَتْ في القلبِ خِنجرْ
و ترحالي و آهاتي و أضرحةُ الأحبةِ
وقلبي الجريحُ الأخضرْ
فإذا أردتَ أن تعرف َمن أنا
فسأكتبُ في كلَ يومٍ دفترْ
يَحملُني الشعرُ إلى الشعرِ
ولا أعرفُ دقات الطبولْ
يُؤرقني الحرفُ و البحرُ
وتَقتاتُ القوافي من عمري
وسويداءُ الليلِ المجهولْ
كمْ ظننتُ الشعرَ رسولاً
ولكنهم قتلوا في قلبي الرسولْ