على الأيكِ البكاءُ
عبد الرحمن أبو المجد
إلامَ يا دمعُ على الأيكِ البكاءُ
شِئنا الفراقَ أم فَرَقَنا القضاءُ
يجمعُ القلبُ رغم البعدِ نبضتَنا
ويجمعُ القدرُ مَن عن القلبِ غرباءُ
تفرقُنا مسافاتٌ تذوبُ فيها صبوتُنا
الليالي والجرحُ والغيرُ والداءُ
في مملكةِ العشاقِ صرتُ كأنني
هاجرٌ للأيكِ وفعلتي نكراءُ
أنا واللهِ ما استنفرتُ غربةً
متى برعَ في حزنِ الرثاءِ رثاءُ!
زفراتُ عمري تسرفُني كأنها
سِقامٌ هاجرتْ دونها الأدواءُ
يا ساكنً الحزنِ إنْ ضاعَ موعدُنا
كلُ ليلٍ إذا ما افترقنا لقاءُ
عندما ترسلُ الذكرى صبوَ الغِنا
كلما يشرقُ الفجرُ أو يحلُّ مساءُ
في احتراقِ الغيدِ إذا جُنَّ اللظى
في باطنِ الحرفِ إذا غصَّ الرجاءُ
كلما يهفو إليكِ جنونُ أصداحي
كلما تشرقُ من القوافي أفياءُ
أينما أغدو ففي عينيكِ رواحي
وكلُ جمالٍ بلا عينيكِ هباءُ
لازلت ُوإياكِ والأشواقُ سكارى
فكيف سيهربُ من الثالوثِ داءُ
في دجى البينِ أضرمُ اللحنِ وحدي
النغمُ محمومٌ وقيثارتي أشلاءُ
مكبولٌ قد أعيتْ القيودُ زندي
الرحيلُ يلذعُني ويقتلُني البقاءُ
في ربيعِ الجدبِ ما أزهرتْ ورودٌ
ما جدوى القطافِ والورودُ جدباءُ
كأنَّ فصولي طولَ العامِ قد وحدتْ
فحقولُ الخريفِ قحلةٌ ظمآءُ
غداً أرحلُ وظلمُ الليلِ يصحبُني
وضوءُ القناديلِ أعياهُ الضياءُ
الهزيعُ الأخيرُ قد ألقى سطوتهُ
فلا أنتِ أنتِ ولا أنا الجوزاءُ
دروبُ النوى سأمضي في مهالكِها
فابقي كما أنتِ وحولكِ الأنواءُ
بعض الورى يحيا دونما أملٍ
إنْ كانَ الردى أو الحياةُ سواءُ
فمن لي بأيكٍ ما عادَ يعرفُني
على بابهِ زهرةٌ غِنةٌ عذراءُ
يعيدُ الشبابَ حيث كانَ زمانُنا
وحيثَ الشرفاتُ خمائلٌ وبهاءُ
الحلمُ كالدنيا كالسرابِ من خبلٍ
كرجاءٍ يهجوهُ في سخطٍ رجاءُ
لقد جفتْ دموعُ العينِ من أجلٍ
فاصنعْ بدمعِ الفؤادِ ما تشاءُ