محمدُ الدرة
محمدُ الدرة
عبد الرحمن أبو المجد
أتدفنني يا أبي في ثرى قبورْ ؟
كيفَ الرفاتُ مع الترابِ تغورْ !
الزهرُ يمضي في الحزنِ بهاؤهُ
فلا تكابدْ فوقَ نعشي زهورْ
و اجعلْ عظامي حجارةً حجارةً
و اقذفْ صهيوناً في أرضي يجورْ
جميعُ الحقوقِ نعيدُها قوةً
حتى لو بلغَ الرصاصُ النحورْ
ثم اشعلْ لحمي شعلةً شعلةً
واحرقهمْ يومَ الغضبِ الجسورْ
وطهِّرْ بالنارِ أنقاضَ مجدي
علَّ مع الحريقِ يظهرُ النورْ
يذرفُ شارونَ دمعةً دمعةً
مثلما السامري و العجلُ فجورْ
و اكتبْ بدمائي جهادَ شعبٍ
أزاحهٌ الرعاعُ من رَبعٍ و دورْ
إنَّ في دمي المخضوبِ لوعةٌ
من شتاتِ عربٍ ملءُ الصدورْ
لا تبكي يا أمي فالقدسُ مطلبٌ
و الموتُ حياةٌ و التاريخُ يدورْ
لا تبكي يا أمي فالدمعُ قاتلي
لم أمتْ يا أمي و الشعوبُ تثورْ
أتدفنني يا أبي في ثرى قبورْ ؟
كلُ لحدٍ فداءِ القدسِ مسرورْ
أينَ السلامُ نالَ السلامُ مصرعَهُ
سلامٌ على ذاكَ السلامِ الزورْ
غدا السلامُ إلى المنايا مضجعهُ
خسئ الكلابُ فالدماءُ بحورْ
بني اسرائيلَ: ما خطبُ موسى
يومَ خرَّ عن ناظريهِ (الطورْ)!
راوغوهُ في بقرةٍ لا وصفَ لها
أم أنَّ ذاكَ الوصفَ كانَ مبتورْ؟
هدموا دياري و ستبقى عروبتُها
عربيةٌ يا قدسُ من بِكرِ الجذورْ
قتلوني يا أماهُ و لستُ قاتلا
و اغتالوا براءتي و القلبُ محسورْ
احترقتْ فراشاتي ومن سيدركُها
و حصادُ البارودِ لأسرابِ الطيورْ
ليتَ الرصاصَ قدْ عادَ لنحرِهمْ
وعْدُ الأطفالِ و اليومُ منظورْ
نصبوا المذابحَ و الدنيا واقفةٌ
يعلو ندائي و (الفيتو) منصورْ
لا تبكي يا اماهُ في يومِ غضبٍ
تموجُ الأرضُ من تحتهمْ و تمورْ
أتدفنني يا أبي في ثرى قبورْ؟
كيفَ الرفاتُ مع الترابِ تغورْ !
نمْ يا بنيَ كما تنامُ الحمائمُ
فمَنْ قالَ أن شهيدَنا مقبورْ !
يا درةَ الفؤادِ بين جوانحي
أنا لم أبكِ بل فاضَ مني شعورْ
إنْ لم نلقِ على مثواكَ زهرةً
فلا جدوى يا مهجتي لزهورْ
تلألأ الدرُ على موكبِ دُرهِ
ولم يعدْ بعدَه لؤلؤٌ منثورْ
تبسّّمَ القبرُ حينَ هلَّ رحيقهُ
كبسمةٍ تنسابُ من نجوى ثغورْ
كيفَ أُلقي اليهودَ بطهرِكَ
كيفَ تمسهُُم الرفاتُ الطَهورْ
هيهاتَ لو نائوا عن نهجِ حربهمْ
من خلفِ الحصونِ أو وكرِ الجحورْ
لكنَّ الجبانَ يسعى لعمرهِ
ألفَ عامٍ و لو عاشَ مزعورْ
يزعمونُه المبكى وهو شاهدي
ويكابرونَ بوعدٍ باتَ مقهورْ
إنها قدسي و حائطُ براقهِا
وصخرتي شهباءُ و الملكُ يزورْ
نحنُ ملأنا الصلاةَ حولها
و هم ملئوا من حولِها خمورْ
سامحنى يا درتي فقدْ تاهتْ
فصاحتي و لم يكنْ لشعري حضورْ
بَيْدَ أني أجلُّ إليكَ ومضةً
و تحيةً من(ابن المجدِ) و شكورْ