تائهانِ في مكانٍ تائه
تائهانِ في مكانٍ تائه
تائهانِ في مكانٍ تائه
والتقينا ..
كأيّ غريبين ذاتَ رحيلٍ
على معبرٍ للبلاد المريضة بالأمنيات .
نهرّب أشواقنا في جيوب القصائد ،
نُخفي خيالاتِنا عن جنود الحدودِ .
بنا فائضٌ من معاني الحنين ،
بنا ما يجاوز ستّين سطراً من الذّكريات .
تعبنا من الذّكريات ، من اللاّيقين .
نريدُ من العُمر أن يستريحَ قليلاً لنحصي الخسائرَ.
عمّا قليلٍ سنطرقُ أبواب آمالنا من جديدٍ ،
وعمّا قليلٍ سينتبهُ الجندُ
أنَّ الحنينَ كبيرٌ علينا /
كبيرٌ على التائهَينِ أمام الحدودِ ،
وأنَّ المكان أقلُّ قليلاً من الأغنياتِ ،
وأقدَسُ من طائرٍ لا يجيدُ الصّعودْ
والتقينا
كأيّ غريبين نجهلُ ماذا نريدْ ..
من هنا
سيمُرُّ الحنينُ إلى أرضنا .
من هنا
والجنودُ كأسنانِ مشطٍ يجوبون كلّ القلوب
ينادونَ في النّاس :
" لا تدخلوها سجوداً ، جياعاً إلى الله ،
قولوا سلاماً ، ومرّوا بها مُغمِضين " ،
وأنتِ تهزّين قلبكِ كي لا يفيقَ
ويملأ صدري بكاءً
فنحنُ غريبان .. ما بيننا
مجدُ شعبٍ تعلّمَ كيف يكونُ البكاءُ صلاةً
بألفِ صلاةٍ .. وألفِ نشيدْ ..
من هنا
وأنا أستشيطُ حنيناً
أراكِ، أرى الأرضَ/ زنبقتينِ على باب قلبي ،
على بعدِ ومضةِ حلمٍ ببال الغريب ،
أراني- وقد أيقنَ الجندُ والموتُ والوقتُ
ألّا مفرَّ من الحبِّ في مقلتيّ-
أقدُّ قميصَ اغترابي
سعيداً بعريي الأخير ، وذنبي الطّهورِ
كأنّي شجيرةُ وردٍ تعرّتْ أمام الخريفِ وقالتْ :
" دع الرّيحَ تجني مفاتنَ روحي
فثمَّ شتاءٌ سيغسلني للرّبيع الوليدْ " ..
والتقينا
كأيِّ غريبين
نمسِكُ كفَّ الهواء لئلَّا يضيعَ ،
ونمشي بهِ دونَ وعيٍ إلى آخر الدّربِ.
ماذا نريدُ من الأرضِ غير الرّجوعِ ؟
وماذا نريدُ من الحُبِّ غير الدّموعِ ؟
عصافيرُ عينيكِ تنقُرُ قلبي ،
وشَعركِ يحرُثُ صدري ،
وطوقُ النّجاةِ يحاولُ قتلي .
أعيدي إليَّ شحوبي ،
أعيدي موانئ صوتي
فقد آن للبحرِ أن يتيمّمَ منّي (صعيداً طهوراً )
ويتبعني ليُصَلّي ورائي ..
بُعِثتُ من الحلمِ
والبحرُ فوق جبينيَ يقطُرُ ملحاً ،
رأيتُ الوسادةَ وهْي تنِزُّ رمالاً
كرمل الشّواطئ ،
شاهدتُ متنَ القصيدةِ في صورةٍ
تتوسّدُ صدر الجدار ،
تلوتُ التّراتيلَ بينَ يديها
وعدتُ إلى الحلمِ
علَّ الجنودَ أضاعوا الحدودْ ...
والتقينا
كأيّ غريبينِ نجهلُ ماذا نريدْ ...