رسالة... إلى الرئيس
رسالة... إلى الرئيس
قدري شوقت محمد الراعي
سيدي الرئيس
التحية والسلامة والأمانْ
إن ذا قلبي حبيب ..يرتضيك وينتوي
صدق الحماية والإعانة..خالص الإذعانْ
هذي صفحة بيضاء هيا نتفق..
إني أبايعك الولاية والسيادة والصولجان
لكن بشرطٍ أن تكافئني
بالعدالة ...والكرامة ...والحنانْ
إن ذا عهد عليك
إن أردت الود يسري
في صفاء ..أو أمان
ليس فرق يا صديقي بيننا
غير أنك في الأساس
مؤهلٌ.....ربان
هذي البلاد بلادنا
ذرفت دموعاً
كم بكت من قسوة القرصان
فامض يا صاحٍ بنا
إنا وراءك نرتجي
صدق الفعال قرينة الإيمان
هيا نلملم شملنا
هيا نولي شطرنا
نحو العلا...وريادةِ الأوطان
**
سيدي الرئيس
إن العبد لله الموقر شخصكم مجهول لديكم
يا سيد الوجهاءْ
فالرعية في بلاد النيل غفيرة
وكثيرة الأسماءْ
كان الله في عون الخلافة سيدي
لا تعرفون شعوبكم من كثرة الأعباءْ
سمني إن شئت زيداً ...أو عبيداً
أو سعيدا ...أو بهاء
ما تنفع الأسماء؟!
إن أقداح الشراب عديدة
والمرتجي من قعرها
للظامئ المشتاق شربة ماء
أنا عبد من عباد الله الطيبين
لست من خبراء المكر
أحترف الدهاء
لست علاماً في السياسة
أو خبيراً في القضاء
لست أعرف حين تختبئ الكهانة في مطابخ الوالي السعيد
ما الثواب ..وما العقاب ..وما الجزاء؟!
وأين معيار الكفاءة في قصور الأثرياء؟!
لست أعرف حين يستعر النفاق
في دواوين الحكومة والقضاء
ما الحقيقة ..والمجاز؟!
ما الوجاهة في الذكاء؟!
ما الوضاعة في الرياء؟!
لست أدري حين يهوِي العدل حتفاً في نعوش الإنتخاب
ما الخطية في البكاء؟
قد تساوي كل شيئ
الضبابة.....والصفاء
الدعارة......والنقاء!
قطعان الرعية قد تهاوت فوق سكين البغاء
العبدلله ....قد تساوي والحمار
في البلاهة
والبلاء..!
والحق يا مولاي أني ما كرهت
قدر كرهي للحمار
المؤصل في الحواديت القديمة بالغباء
يحيا في البرية بين قطعان الضواري
في ازدراء
لا رأياً يدين له بين الرفاق
ولا انتماء..!
**
سيدي الرئيس
هل وصفوا جنابك يوماً بالحمار.؟
هل جربت يوماً أن تُعامل كالحمار؟
أن تُوطأ كالسبايا في الليالي
أن تُعير بالبلاهة في النهار
أن تسافر في ركاب البكم دوماً
يطعموك الجوع...تشكو
بالنهيق ...أو السعار
يتحفونك بالأساور ..والقيود
ويلهبونك بالسياط ...وبالمرار
يظهرون الود زيفاً للتجمل والتباهي
ويزدرونك حين ينفض المزار..!
من أجل ذلك يا سيادة الراعي الكبير
حزب الدعارة في بلاد النيل كان
يقتنص الحمير..
كان يهرع للنخاسة كل يوم
يزهد في جواريها
ويستلب الحمير...!
يريد قطعان الرعية كالأتانِ
حبلي...ولكن بأنجال الحمير!
ثم يزأر في الضواري ..أو ينادي
اليوم نحظي بالتسيد والأماني
بشراكمو..هذا هو المجد الكبير
هذا هو العون النصير
هذا هو المدد المطأطئ كالنعامة
والمعبأ بالخرافة
والمسافر في الضبابة كالضرير
حزب الدعارة يا جناب مولاي الكبير
كان يمتهن الدعارة باقتدار
في الضلالة مستشار
مستشير
طمس الشموس...والأجرام
والحلم المعتق من سنينٍ في بلادي
والقمر المنير
هتك البلاد...والأعراض
والعرف المسطر في الديانات القديمة
والصبح البشير
سرق العباد....والأرواح
والنور المبصر للحياري في بلادي
والخير الوفير
خان الأمانة ..واشتري كهاناً
يحيكون الضلالة للتقية
في ثوبٍ حرير
يصيغون الضلالة للرعية
في متن دستور مكير
**
سيدي الرئيس
جسد العدالة في بلاد النيل متهاوٍ...أقمْه
لن يُبن حكم علي جورٍ وبهتانْ
لا تجعلن سوف العدل مشرعةً
علي الضعيف..وصقر البغي منطلق العنانْ
قانونَ ساكسونيا يا جناب حاكمنا الجديد
فدعوة المظلوم إن تظلم سهم من النيرانْ
امحْ المظالم عن سواد النيل ناجزةً
فعدالة العمي البطيئة والظلم صنوانْ
دع عرشك الموقوت يا مولاي ..وادنُ من همي
فأنا الرعية أفتديك ..وجنابك الراعي المُصان
واستشر الرجال الطهر أرباب المروءة ..والثقاة
حذارٍ..حذارٍ..فقد سئمنا دولة الخصيان
ودستورَ البلاد فإنه..عهد علينا موثق
عقد سيسري بيننا في غير ما نقضان
أنت ميزان العدالة في بلادي
وعلينا-الرعيةَ-صادق الإذعان
واربأ بنفسك أن تُذل ..وأن تُضام..وأن تهان
إن التقية في العدالة والتواضع والحنان
إن ثار شعبك للمظالم سيدي
تلق الجزاء...مذلةً..وهوان
لا تحسبن العرش ضيعة والدٍ
قد نال سلفك في الخطية فاحش الأثمان
لا تُعر أسماعك للحواة...فإنهم
في الرخا أُسْْد علينا...في الوغي غلمان
لا تركنن إلي الأقوال معسولة الطعم
لن تستولد الأنوار من جعبة الهذيان
طهر دواوين الحكومة من حراميها
فتحت الدَسْت يا مولاي جرذان وثعبان
أكرم شباب النيل يا مولاي..إنهمو
عُمُد البلاد...جياد السبق معتمداً وتكلانْ
حطم غوائل الأثقال عن زهرة مصرنا
فأين تنتشرْ البطالة يرتعْ الشيطان
أعد الجيوش حماة الشعب والوطن
إلي الحدود فطوبي...لمن ساند الثوار أو صان
قالوا: يا أيها الجيش المؤهل للنضال
عدْ فقد عم البلاد كثير اللغو والهذيان
أجر الضعيف..والمسكين..والعاجز
لولا المروءة بيننا...ما تنفع الأوطان؟!
أغث الرعية في بلاد النيل ....مولاي
واخفض جناحك للجاهل الغفلان
لا تحرمن رقيقاً من أياديكم
وأقل جنابك عثرة الحيران
لا تمنحن لصوص الغاب أوسمة
سرقوا البلاد...وأضرموا النيران
رأسمالياً يتاجر في العباد وفي الضلال
وطأ الهلال...ودنس الصُلبان
أرجوزاً يمجد في الصحافة ربه
رضع النفاق ...وروج البطلان
طفيلياً تراه علي الموائد كلها
"مات الملك.عاش الملك"
هذي شرعة الفئران!!
واختر لمصر ولاة الطهر والشرف
كم حاسب العمري حكاماً في فتنة السلطان
اعدلْ...ففاروق الخلافة قبلة
قد كان يغفو في العرا..والذئب يقظان
كذا رآه رسول الفرس منطرحاً
قمراً ينام بغير ما أعوان
فقال: رعاك الله حاكم أمة
عدلتَ حين حكمتَ-واعجبي- فكان الأمن عنوان!