شعب الخلود
شعب الخلود
إلى ثوار سوريا الأعزة الأحرار
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]سَكَبَتْ بِلَوْعَتِهَا الدُّمُوعَ دِمَاءَ
لَمْ تَنْسَ مِنْ غِيَرِ الزَّمَانِ أَحِبةً
لَمَّا تَزَلْ تِلْكَ الطُّيُوفُ عَلَى الْمَدَى
تُهْدِي إِلَى الأَجْيَالِ عَنْهَا قِصَّةً
نَطَقَ الرَّصَاصُ فَلَيْسَ يُسْمَعُ غَيْرُهُ
إِلاَّ صَدَى الرَّشَّاشِ أَوْ صَوْتَ الرَّدَى
وَالظُّلْمُ بَاحَ بِسِرِّهِ وَتَوَثَّبَتْ
وَقَضَى بِأَبْشَعِ مَا قَضَى مِنْ جُرْمِهِ
يَغْتَالُ يَقْصِفُ يَعْتَدِي وَيَظُنُّ أَنْ
أَزْرَى بِهِ شَعْبٌ تَخَلَّدَ مَجْدُهُ
بِالنَّارِ وَالتَّقْتيلِ ظَنَّ خُضُوعَهُ
وَالظُّلْمُ يَحْفِرُ كُلَّ يَوْمٍ قَبْرَهُ
* * *
أَرْضٌ كَسَا الدَّمُ حُسْنَهَا فتَأَلَّقَتْ
غَرَّاءُ تَنْبِضُ بالْحَيَاةِ وَإِنْ عَلاَ
شَهِدَتْ "حَمَاةُ" بِأَنَّهَا لاَ تَنْحَنِي
وَمضَتْ تُعَانِقُ فَجْرَهَا وَتَضُمُّهُ
رَغِبَتْ عَنِ الذُّلِّ الْمَهِينِ وَلَمْ تَزَلْ
* * *
أَرْضٌ تَخَلَّدَ عِزُّهَا مَا مِثْلُهَا
مَنْ سَامَهَا بِالضَّيْمِ رُدَّ مُخَيَّبًا
هَيْهَاتَ يَبْلُغُ مِنْ عُلاَهَا عَابِثٌ
لَمْ يُرْضِ شَعْبًا، أَوْ يَرُدَّ هُمُومَهُ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّامَ مَزْرَعَةٌ لَهُ
خَبِّرْ جُنُودَكَ يَا نِظَامُ بِأَنَّنَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الشَّعْبَ بَالِغُ أَمْرِهِ
وَلَقَدْ دَنَا زَمَنُ الْخَلاَصِ وَأَوْشَكَتْ
* * *
يَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الْأَبِيُّ لَقَدْ دَرَى
أَنَّ التَّحَكُّمَ فِي الشُّعُوبِ جَرِيمَةٌ
مَنْ يَسْرِقِ الْأَوْطَانَ يَسْرِقْ شَعْبَهَا
شَهِدَ الزَّمَانُ عَلَى الطُّغَاةِ بِأَنَّهُمْ
كَمْ خَيَّبُوا الآمَالَ لَمَّا أَخْضَعُوا
وَتَعَقَّبُوا أَثَرَ الضِّيَاءِ وَضَيَّعُوا
وَالشَّعْبُ أَبْلَغُ حُجَّةً مِمَّنْ عَلَا
وَالشَّعْبُ عَبَّدَ لِلْخُلُودِ طَرِيقَهُ
* * *
شَعْبٌ إِلَى التَّحْرِيرِ شَمَّرَ فَاغْتَدَى
شَعْبٌ إِلَى التَّحْرِيرِ شَقَّ مَصِيرَهُ
وَأَبَى لِغَيْرِ الْفَجْرِ مِنْهُ تَطَلُّعًا
هُوَ أَرْشَدَ الدُّنْيَا السَّبِيلَ وَلمْ يَزَلْ
جَلَّتْ عَزَائِمُهُ وَعَزَّ مَرَامُهُ
نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَتَسَمَّعَتْ
أَنْ يَرْفَعَ الشَّبَحُ الْمُخَيِّمُ ظِلَّهُ
مَهْمَا طَغَى مَهْمَا الرِّيَاحُ تَجَبَّرَتْ
وَالشَّعْبُ قَرَّرَ مَا يُرِيدُ وَقَالَ: لاَ!
* * *
إِنِّي رَأَيْتُ الشَّامَ جَوْهَرَةً سَمَتْ
وَقَصِيدَةً قَدْ نُظِّمَتْ أَبْيَاتُهَا
فَلْيَشْهَدِ التَّارِيخُ وَالدُّنْيَا لَنَا
وَ لْتَسْطُرِ الْأَقْلاَمُ عِبْرَةَ ثَوْرَةٍ
وَلْتَرْوِ لِلْأَجْيَالِ خُبْرَ أَعِزَّةٍ
أَهْدَوْا إِلَيْهَا عِزَّةً وَكَرَامَةًلَمْ تَسْلُ أَرْوَاحَ الصِّحَابِ وَفَاءَ
آوَاهُمُ بَطْنُ الثَّرَى أَشْلاَءَ
تَدْعُو عَلَى مَنْ غَالَهَا وَأَسَاءَ
تُحْيِي الْجَمَادَ وَتُنْطِقُ الأَشْيَاءَ
إِلاَّ أَنينًا يَمْلَأُ الْأَجْوَاءَ
وَمناحَةً فِي إِثْرِهِ وَبُكَاءَ!
بَلْوَاهُ تَصْنَعُ بِالْوَرَى مَا شَاءَ
يَسْبي النِّسَاءَ وَيَقْتُلُ الْأَبْنَاءَ
قَدْ صَانَ كُرْسِيًّا هَوَى مُذْ جَاءَ!
مَا مِثْلُهُ رَغْمَ الْبَلاَءِ مَضَاءَ
وَالسِّجْنِ وَالتَّنْكِيلِ ظَنَّ بَقَاءَ
وَالشَّعْبُ يَرْفَعُ لِلْخُلُودِ بِنَاءَ!
* * *
قَدْ زَادَهَا فَيْضُ الدِّمَاءِ بَهَاءَ!
صَوْتُ الرَّدَى فِيهَا صَبَاحَ مَسَاءَ
كَلاَّ وَلاَ تُهْدِي الظَّلُومَ رَجَاءَ
وَتُنَاشِدُ الْحُرِّيَّةَ الْحَمْرَاءَ!
طُولَ الزَّمَانِ عَزِيزَةً شَمَّاءَ
* * *
مَجْدًا يَدُومُ وَنَخْوَةً وَإِبَاءَ
مَهْمَا أَرَادَ بأَهْلِهَا إِزْرَاءَ
لَمْ يَرْجُ عَدْلاً، أَوْ يَصُدَّ عَدَاءَ!
لَمْ يَبْنِ سَعْدًا، أَوْ يَهُدَّ بَلاَءَ!
وَالشَّعْبَ طَوْعُ يَمِينِهِ اسْتِعْلاَءَ
هَيْهَاتَ نَرْفَعُ لِلظَّلُومِ لِوَاءَ
وَمُطَهِّرٌ مِنْكَ الْبِلاَدَ جَزَاءَ!
شَمْسُ التَّحَرُّرِ تَطْرُدُ الظَّلْمَاءَ
* * *
كُلُّ الْوَرَى حُكْما جَرَى وَقَضَاءَ
أَوْهَتْ مَصِيرَ الظَّالِمِينَ فَسَاءَ
وَيُذِقْهُ مِنْ سُوءِ الْقِيَادِ شَقَاءَ
سبَقُوا الْبَرِيَّةَ غَفْلَةً وَغَبَاءَ!
أُمَمًا لَكَمْ سِيمَتْ بِهِمْ ضَرَّاءَ
فُرَصَ النَّماءِ وَأَوْرَثُوا الْبَغْضَاءَ
كَذِبًا، وَأَفْضَلُ مَنْطِقًا وَذَكَاءَ
وَالشَّعْبُ أَدْرَكَ مَا يُرِيدُ وَشَاءَ
* * *
دُونَ الْقَضِيَّةِ وَالْبِلاَدِ فِدَاءَ
لَمْ يَثْنِهِ أَنْ كَابَدَ الْأَرْزَاءَ
وَأَبَى لِغَيْرِ الْمُنْتَهَى إِسْرَاءَ
لِلسَّائِرِينَ مَنَارَةً زَهْرَاءَ
إِنْ تَدْعُهُ الْأَوْطَانُ هَبَّ وَفَاءَ!
كُلُّ الدُّنَى وَالْأَرْضِ مِنْهُ نِدَاءَ
أَبَدَ الزَّمَانِ وَيُخْلِيَ الْأَرْجَاءَ
عَمَّا قَرِيبٍ تَسْتَجِيبُ رُخَاءَ
لاَ! لَنْ نَلِينَ وَلَنْ نَعُودَ وَرَاءَ!
* * *
تَحْكِي النُّجُومَ وَتُشْبِهُ الْجَوْزَاءَ
مِثْلَ الْعُقُودِ نَضِيرَةً وَمِلاَءَ
لِرَبِيعِنَا مُتَوَثِّبًا مِعْطَاءَ!
بِالسِّلْمِ كَانَتْ لِلسَّلاَمِ وِقَاءَ!
لَمْ تَشْهَدِ الدُّنْيَا لَهُمْ نُظَرَاءَ
طُولَ الزَّمَانِ وَرِفْعَةً وَعَلاءَ