أرض الحرامِ
أرض الحرامِ
وحيد خيون
أطيلي اللقاءْ
فلم نَدْرِ ماذا سيَجْري غداً ...
إذا الليلُ جاءْ
إذا طائفُ الليلِ أرخى الرّداءْ
إذا الشّمْسُ غابَتْ
إذا اللحْنُ هَدْهَدَ أضلاعَنا
واستوي للبكاءْ
إذا بِتُّ وَحْدي
إذا عُدْتُ وَحْدي
كما لم نَكُنْ ذاتَ يومٍ معاً أصْدِقاءْ
إذا لم أجِدْ نظرةً منكِ ماذا أقولْ ؟
وماذا سأفعَلُ لو لم تكوني معي في المساءْ ؟
أنا لا أعيشُ سوى لحظةٍ بعدَ أنْ تذهبي
بعدَ أنْ تخرُجي من حياتي
سأرْمي بنفسي الى المَغْرِبِ
وتبقى على مكتبي ....
صورة ٌ منكِ تبكي اللقاءْ
فيا شمْسَ كلِّ الفصولِ التي في حياتي
ويا نجمة َ الحُبِّ لا تغْـرُبي
ويا نورَ عيْني التي ماتَ فيها أبي
بحقّ ِ الذي دارَ ما بيْنَنا
تأنّيْ ولا تَذهَبي
ويا ضوءَ أقماريَ الغافِياتْ
ويا نجْمَةً أشْرَقَتْ في زُحامِ الحَياة ْ
ويا زَهْرَةً أغرَقَتْني بعُطْرِ التغَنّي
وعُطْرِ التَمَنّي
وعُطْرِ الصّلاةْ
ويا طورَ سَيْناءَ
إني خلَعْتُ الحِذاءْ
وأقبَلـْتُ أبْكي
فلا تحْرِميني قـَبُولَ الدُّعاءْ
بحقِّ العيونِ التي علـّمَتـْني البُكاءْ
بحقّ ِ الخرائطِ لا تَسْـألي
بحقّ ِ التّواريخِ لا تَرْحَلي
بحقّ ِ السّـماءْ
أطيلي اللقاءْ
خُذيني لأرضٍ بلا ماءْ
يا ماءَ عَيْني التي يرقصُ الصّبْرُ في جَفْنِها منذُ عامْ
عيوني اللواتي تنامينَ فيهِنّ
قد أعْلـَنَتْ حَرْبَها للمَنامْ
خذيني الى ما وراء البِحارْ
خذيني الى ما وراء الظلامْ
خذيني بعيداً عن النّاسِ يا كلّ َ ناسي
ويا كلّ َ معرِفَتي بالغرامْ
خذيني أنا واحِدٌ في الزّمانِ
و جثــّة ُ شوقٍ بأرضٍ حَرامْ
ملأتُ لكِ الكونَ شِعْراً و نَثْراً
كلاماً ولكنّهُ لا ككلّ ِ الكلامْ
خذيني لأرضٍ بلا ماءْ
يا ماءَ عيْني و كُحْلَ العُيونِ و مِسْكَ الخِتامْ
خُذيني لصَحراءَ لا هَمْسَ فيها
ولا صَوتَ إلا هديلُ الحَمَامْ
إلى موطِنٍ فيهِ نبقى معا
إلى موطِنٍ فيهِ هذا التلاقي يدومْ
أخافُ أنا مِنْ غَدٍ فامْنَحيني
سَلاماً فإنّي كثيرُ الهُمُومْ
وصَلـْنا إلى نُقـْطةٍ في الطريقْ
وصَلـْنا الى حيثُ لا شيءَ إلا نقومْ
نودّعُ شوطاً قضَيْناهُ حُزْناً
ولا شيءَ فيها يَدُومْ
نودّعُ ألحانَكِ الصّارخاتْ
نودّعُ أشْجارَكِ الوارِفاتْ
ونترُكُ قيثارَنا وحْدَهُ في المَكانْ
يرِنّ ُ على وَتـَرٍ خائِفٍ
ويبكيكِ في زَمَنٍ زائِفٍ
ويبكي على لحظةٍ مِنْ أمانْ
لقد عُدتُ وحدي
وقد كنتُ وحدي بها مِنْ زَمانْ
أُمَشـِّـطُ أوراقَ صبري بمِشْطٍ قديمْ
أُعَطـّـِرُ أغصانَ وقتي بعُطْرِ النّـسيمْ
وأخلعُ عنّي الرّداءْ
لقد عدْتُ وحدي
فلا تتْـرُكيني وحيداً
أطيلي اللقاءْ
هُنا بينَ أقطابِ هذي العيونْ
تدورُ النّجومْ
ويكبُرُ وجْهُ القـَمَرْ
و يهْطلُ ما بينَ تلكَ الرّموشْ
سَحابٌ يُبَلّلُ ثوبَ الشّجَرْ
و تبْني العصافيرُ أعْشاشَها
و تنقشُ إحْساسَها بالحنينْ
على صَفْحةٍ مِن حجَرْ
هنا بينَ أقطابِ هذي العيونْ
تَسَرّبَ للكونِ أحْلى نَهَرْ
هنا كلّ ُ أوتارِ عشقي تَرِنْ
وقيثارة ُ العِشْقِ ليلاً تَئِنْ
هُنا يَنْزلُ الشِّـعْرُ مِثـْلَ المَطَرْ
هنا بينَ عَيْنَيْكِ أوشَكْتُ أهوي
فلو تـُغْمِضينَ العُيونْ
أصيرُ كفيفَ البَصَرْ
لقد صرْتِ عَيْني
فلا تزرَعي في عيوني بذورَ البُكاءْ
ولو جِئْتِ يوماً ونحنُ التقيْنا
فأرجوكِ كلّ َ الرّجاءْ
أطيلي اللقاءْ