رشيد نيني قُرباناً
ذ. سعيد عبيد 1 / مكناس - المغرب
الإهداء: إلى بروميثيوس الصحافة الحرة
رشيد نيني[ii]
عتبة الدخول:
وإن تكُ قد سُجنتَ وأنت حرٌّ فكم في السجن من أسدٍ هصورِ
لقد أعليتَ قدْرَ السجن حتى أحبَّ السجنَ سكانُ القصورِ
إيليا أبو ماضي
جَبلٌ أَشَمُّ بِسحنةِ يرنو إلى الصَّفَدِ المُسَنَّنِ هازئاً أَوْدى به في قَعر قبرٍ مُوحِشٍ لما رأوْهُ يدكُّ زُورَ حُصونهم وَضَّا من الخوف الذَّليل مدادَهُ واستقبل الحقَّ الوضيءَ بِركعةٍ لم يألُ يكتب ساخرا متهكما عن دمعة الضعفاء عن آلامهم عمّا يُخيَّلُ في روائع حُلْمهم عن هؤلاء المجرمين الخاطفي الحاملين مُداهُمُ ليُوزِّعوا السارقين الناهبين المفسدي ببراعة الأدب الجميل بلاغةً فغدا مقالُهُ للأُلوف هواءَهُمْ واليومَ يرفُلُ في السواد عمودهُ إن كان يُبْصرهُ سوادُ عَماهُمُ * * * كم ساوموه على جراءةِ حَرْفهِ كَمْ حذَّروهُ وأنذروه ولوَّحوا كم بعثروا الأشواكَ بين سبيلهِ كم غرَّموهُ ليُخضعوهُ خزينةً كم حاصروهُ لِلَجْمهِ أو خنقهِ وتقاسموا ليُكسِّرُنَّ جناحهُ لكنَّ نيني لم يُطأطئ رأسَهُ واشتد صوتُهُ كالرعود مزمجرا أعلى لواءَ الحق رُغم وَعيدهم أغْضى، وأقسمَ: لو وضعتمْ في يدِي لا أستحلُّ أمانةَ القلمِ الذي لا أُشترَى حتى ولو باعَ الجمي سأظلُّ يا شبحَ الظلام منارةً سأظلُّ أحمِل صخرةَ الفقراء والْ قلَمي صَليبي، فَلْتُمتني إن تشأْ إني التحفتُ، فلا تُضيعوا جهدَكمْ * * * أجريمةٌ كشفُ الستائرِ للوَرى أوَليس قولُ الحق يُصلح وطْننا أوَليس للصحفيِّ سابقُ ذِمَّةٍ فلئنْ دفَنتمْ في دُجاكم جُثتي وحرمتموني ريشَتي وصَحيفتي سيظلُّ روحي في الضمائرِ ساكناً وأظل أُلهِمُ كلَّ حُرٍّ هَدْيَهُ في صرخة الثُّوَّار في أحلامهمْ كالصخرة الصماء أبقى واقفاً لن تَنكِسوا قلمي الأبيَّ وعَزْمتي إني عشقتُ الحقَّ أبذُلُ رَيَّهُ أدمنتُ حبَّ الحرْفِ حدَّ جُنونهِ * * * إني أرى خلفَ الزنازن فُسحةً وأرى البِشارةَ من بعيدٍ كالسَّنا وأرى طُيورَ الشمس تحملُ نورها فَلْيَهْنَ بالُ المُرجِفين بِعَتْمتي ما السجنُ عندي غيرُ مِنحة جَولةٍ ولْيَقبَل الشعب المُفَدّى مِحنتي | الفرسانِيَختالُ خَلف شَماتة وإلى العُداة ببسمةِ الإيقان حُكمُ الطُّغاة بشِرْعة الذُّؤبان بيَراع صِدقٍ ناصع البُرهان وشباتَهُ من لَطخة الأدْران بِتبتُّل الإخلاص في الرُّهبان بمرارةٍ عن واقع الأحزان عن مِحنة البُؤساء كالأقنان[iii] كالطفل بين أظافر الغِيلان ن سفينةَ الأحلام كالقُرصان مِثلَ الغنيمة كعكةَ الأوطان ن المُغرقين الشعبَ في الحِرمان وحذاقة المتمرس اليقظان وغداءَهُم وحقيقةَ الوجدان غضَباً، ونِعم رسالةُ الغضبان أو كان للظُّلاَّم مِن آذان * * * بالجاه أو بالأصفر الرَّنان في وجههِ بهراوة السُّلطان وسبيلِ ضَوءِ النجم ذي اللَّمَعان لو قُدِّرتْ وزناً فبالأطنان أو وَأْدهِ في ظُلمة النسيان عن نعمة التحليق والطيران ومَضى مُضيَّ الخُلَّص الشجعان جهراً يرتِّلُ سُورةَ العِصيان وأذلَّ أرضاً رايةَ الإذعان كنزَ الدُّنى ومَفاخرَ الأزمان به أقسمَ الله العظيم الشَّان عُ نفوسَهم، وا ذلَّةَ الخِذلان! تَهدي سبيلَ التائه الحيْران مستضعفين، قضيةَ الإنسان أو فاصْلِني سَاقورةَ النيران منذُ الرشادِ بِعِفَّةِ الأكفان * * * حتى يَروْا؟ والخُبْرُ كالبُهتان؟ والزورُ ينخرُ قامةَ العُمران؟ حتى في عُرف دُويلةِ الشيطان؟ وعزلتموني عن ضُحى الأكوان حتى تُشلَّ يدي عن التِّبيان وقْداً يؤجّجُ خامدَ البُركان وأظل أُلْهِبُ نَبْضةَ الخَفَقان من ساحة التحرير للميدان[iv] ضدَّ الفساد وجبهةِ الطُّغيان لن تُعدِموا حُلُمي بصُبْحٍ ثان لمعاشرِ الظَّمْأى بِلا كِتمان هَيْهاتَ تُكْسرُ شوكةُ الإدمان * * * من دون قيدٍ ناتئ الأسنان خلفَ الظلام وعتْمة الجُدران لِقُرى الظلام ومَعشرِ العُميان يا بؤسَ حالِ السِّجن والسَّجَّان! لتجدُّدِ الغَلَيان في الشِّرْيان لا بُدَّ للتغيير مِن قُربان | القُضبانِ
عتبة الخروج
فصبراً يا نزيلَ السجن صبراً فما عَرف الهناءَ سوى صبورِ
وحسبُك عطفُ هذا الشعب فخراً وحسبُ عِداكَ توبيخُ الضميرِ
إيليا أبو ماضي
[i] - صدر له "الإهانة" (مجموعة قصصية) و"مكابدات في الطريق إلى النور" (ديوان شعري).
- [ii] مدير جريدة "المساء" المغربية. حكم عليه بسنة سجن نافذ.
- الأقنان: العبيد.[iii]
[iv] - "ساحة التحرير" اسم أطلق على ساحات كثير من البلدان العربية (كالمغرب وليبيا وعمان...) التي شهدت مؤخرا حراكا متأججا ضد الفساد والاستبداد. و"الميدان" ميدان التحرير الشهير بالقاهرة.