الهجرة النبوية

عبد الباقي عبد الباقي

عبد الباقي عبد الباقي / سوريا-دير عطية
[email protected]

الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة هي المنعطف الرئيس في مسيرة الدعوة الإسلامية وأهم حدث في تاريخها.

غيرت مجرى التاريخ، وعدلت موازين القوى، وبدلت المفاهيم الاجتماعية، وكانت فيصلاً بين العهدين السري والعلني، وقد ترتب عليها مبادئ ونتائج كثيرة من أهمها:

1- إعلان علنية الدعوة الإسلامية وعالميتها.

2- إعلان الجهاد والشهادة في سبيل هذه الدعوة.

3- اعتبار تاريخها بدءاً للتاريخ الإسلامي.

كتب عنها المؤرخون، وألف عنها العلماء والكتاب، ونظم فيها الشعراء القصائد والمعلقات، وقد رأيت أن أدلي بينهم بدلوي فنظمت قصيدة بعنوان (من وحي يثرب).

وقد كانت أول قصيدة دينية أنظمها، وهي طويلة تقع في 110 أبيات تحكي قصة الهجرة وأحداثها وأهميتها التاريخية في سيرة الإسلام.

ولأن النبي عليه السلام نهى عن إطلاق اسم يثرب على المدينة المنورة واستبدل به اسم طيبة فقد عدلت عنوان القصيدة ليصبح (من وحي طيبة).

ونظراً لطول القصيدة، وخشية الملل على القارئ، فقد قسمتها إلى ثلاث قصائد تحت العناوين التالية:

1- الحسناء: وهي المقدمة وتبحث في الجهاد والشهادة والتمهيد للهجرة.

2- من مكة إلى المدينة: وتحكي قصة الهجرة وأحداثها.

3- عهد الأنصار: وفيها أهداف الهجرة والبيعة عليها.

من وحي طيبة

في ثلاث قصائد (الحسناء – من مكة إلى المدينة – عهد الأنصار)

أ- الحسناء

خـطرت  تميس بقدها iiالحسناء
بـيـض اللآليء لونها iiبصفائه
سيف  الحواجب صارمٌ iiومسلط
وشـبـابها عمر الربيع iiوزهره
بـجـمالها،  بدلالها، iiوبزهوها
فـرنـت  إلي بنظرةٍ iiفتهدهدت
فـدنوت  أطلب ودها iiووصالها
فـتنهدت،  وتأوهت، iiوتجانفت
قـالـت بصوتٍ خافتٍ iiمتلهف
من  يخطب الحسناء يبذل iiدونها
إن الحسان، كما علمت، مهورها
مـهري  الشهادة في سبيل iiإلهنا
والـجنة الفردوس بيت iiزواجنا
جـنـات عـدنٍ تحتها iiأنهارها
والروح والريحان عطر iiنسيمها
فـيـها  الفواكه غضة قد iiدللت
وشـرابـنـا عسلٌ شهيٌ iiكوبه
إسـتـبرق الديباج ثوب iiزفافنا
وحـلـي ثـغري لؤلؤٌ iiمتوهجٌ
فـرش المحبة سندسٌ iiموضونةٌ
عـسل الزواج شهوره لا iiتنتهي
هـذي حـيـاتي، هذه iiنعماؤها
إن  رمـت ودي فالجهاد iiسبيله
فـأجبتها،  والفخر يملأ iiأضلعي
أنـا عـاشقٌ، أنا والهٌ، أنا iiهائم
فـلـقـد أتيتك مسرعاً iiفتزيني
الله  ربـي، والـجهاد iiشريعتي
دقـي وغني يا ملائك iiواضربي
واسقي  خمور العز حفل iiزفافنا
إن  الـجـهـاد عقيدةٌ في iiديننا
والـجـنة  الفردوس في iiآمالنا
ونـبينا  المختار طه iiالمصطفى
فأنا  على الإسلام قامت iiفطرتي
































وتـتـيه فخراً خطبها iiالجوزاء
وخـدودهـا  تـفـاحةٌ iiحمراء
يـسبي النهى، وعيونها iiحوراء
وعـلـى  الشفاه بشاشة iiوحياء
خـطرت تميس الكاعب iiالهيفاء
مـنـي  الـقوى فكأنني iiأشلاء
فـشـفـاء  قـلبي قبلة iiوهناء
وعـلـى الـمحيا بسمةٌ iiوحياء
إنـي الـمليحة واسمي iiالحسناء
أغـلـى الـمهور، فإنها iiعلياء
بـذل  الـنفوس ومهجة iiودماء
وشـمـوع عرسي أنجمٌ iiوسماء
تـعـلو رباها روضة iiخضراء
فـيـهـا  الشذى وحدائق iiغناء
وأريـجـهـا  مسكٌ شذاه iiشفاء
لـحـم  الطيور طعامنا iiوغذاء
مـن فـضـةٍ، بـصفائه iiلألاء
ومـن الـحـرير عباءةٌ iiورداء
ذهـب  الأسـاور  لونه iiوضاء
ومـن الأرائك رفرفٌ iiخضراء
فـدوامـهـا  مـا دامت iiالآلاء
إنـي  أنـا  الـحورية iiالعذراء
أمـا  الـوصـال مكانه iiالعلياء
إنـي  الـمـتيم فيك يا iiحسناء
أنـت الـحبيبة، أنت يا iiحوراء
وانضي  ثياب العرس يا iiعذراء
مـهر  الصداق دمائي iiالحمراء
دف الـزفـاف فـيومه iiوضاء
فـشهود عرسي إخوتي iiالشهداء
نـيـل  الـشهادة  غاية iiودعاء
لـب  الـرجـاءٍ ودعوةٌ iiونداء
خـيـر  الأنام، ودينه iiالمعطاء
حـب  الـرسول  أصالةٌ iiونقاء

ب – من مكة إلى المدينة

أنـا  عـنـد  ذكرك يا نبي iiأنتشي
هـزت مـشـاعر عزتي iiوفخارها
يـتـلو  القوافي في سطور iiقصيدةٍ
أهـلي  وعرضي،  إخوتي وأحبتي
فـالـهـجـرة  الغراء في iiتاريخنا
هـي  فـيـصلٌ للحق عن iiأغياره
هـي  سـنـة  لـلأنـبياء وشيمةٌ
فـالأنـبـيـاء جميعهم قد iiهاجروا
إن الإلـه إذا قـضـى iiبـمـشيئةٍ
فـلـقـد  تمادى القوم في iiطغيانهم
شـتـمٌ وضـربٌ بـالحجارة iiتارةً
هـذي  قـريـشٌ، هـذه iiكبراؤها
نـقـمـوا مـن الإسلام عزة iiدينه
حـتـى إذا بـلـغ الزبى iiطوفانها
فـقـضـى  الإله بأن يهاجر iiأحمدٌ
إذ  يـمـكـرون، ويـمكر الله iiبهم
أعـشـى  الإلـه فؤادهم iiوعقولهم
مـن بـينهم، من خلفهم، من iiدونهم
طـلـع الـصباح وأشرقت iiأنواره
أين النبي؟ هل غاصت الأرض به؟
وقـفـوا أمـام الغار يسأل iiبعضهم
هـذي  خـيوط العنكبوت iiتشابكت
لـو  كـان  فـيـه محمدٌ iiلتقطعت
فـبـكـى  أبو  بكرٍ وأوجس خيفةً
قـال الـنـبـي مـطمئناً iiلصديقه
وتـجـلـت الأخـلاق في iiدعواته
أشـكـو لـربـي ذلـتي iiوإهانتي
اغـفـر  لـقومي ظلمهم iiوعنادهم
عـطـفٌ  ولطفٌ في مقابل iiظلمهم
هـذي  خـصـال  الأنبياء iiوحبهم
طـارت عـقـول القوم في iiأعقابه
وهـبـوا  مئات النوق من يأتي iiبه
فـتـسابق الفرسان في طلب iiالغنى
ونـضـى سـراقـةُ سيفه iiمتعجلاً
إعــجـاز ربـك صـده iiوأذلـه
فـاسـتـنجد المختار، يرجو iiعفوه
فـالـعـفـو  من شيم الكرام iiوإنه
وتـجـلت  الأسرار.. حيث iiأجابه
كـسـرى.. يزين معصميك iiسواره
نـعـم،  ابن هرمز، تاجه iiوسواره
وتـدق  أعـنـاق  الـطغاة، iiيدقها
ويـسـود ديـن الله فـوق iiربوعه
ويـزول مـلك الروم من iiأمصارنا
ونـغـم  أصـوات الهدى iiبرحابها
جـاء الـمـدينة أحمدٌ خير iiالورى
إن  الـمـلائـك فـي ذرا iiعليائها
والحور في الفردوس أسعدها iiالهدى
والأرض  فـي وديـانـها iiوجبالها
والـطـير غرد، والرياض iiتمايلت
يـروي  على  الأجيال قصة هجرةٍ
بـشـراك طـيبة فارقصي iiوتهللي
تـخـتـال  فخراً شدوها iiونشيدها
أهـلاً وسـهـلاً بـالرسول iiمحمد
سـطـعت على أصقاعنا iiوربوعنا
فـالـشـكـر منا واجبٌ ما iiرتلت
يـا  أيـهـا الـمبعوث في iiأقوامنا
سـيـظـل نـورك ساطعاً iiبديارنا
























































طـربـاً  فـهـذي الهجرة iiالغراء
فـرحـاً،  فـجاش شعورها iiالغناء
أبـيـاتـهـا مـدحٌ لـكـم iiوثناء
روحـي ومـالـي، لـلـنبي iiفداء
فـيـض  الإلـه، وفضلها iiصغراء
هـي ثـورةٌ وحـضـارةٌ iiوبـناء
تـزدان فـيـهـا الـحكمة iiالعلياء
طـوبـى  لـهـم فجميعهم iiغرباء
أمـراً،  فـإن قـضـاءه iiإجـراء
كـلـمـوا  الـنبي، وسبه iiالسفهاء
إلـقـاء  فـرثٍ تـارةً وهـجـاء
هـاهـم  عـتـاة الكفر iiوالرؤساء
قـتـل  الـنـبـي شعارهم iiولواء
جـاء  الـنـذيـر وطارت iiالعنقاء
فـبـغـار  ثـورٍ حـكـمة iiولقاء
لـكـن مـكـر الله فـيـه iiقضاء
أسـهـى  الـقلوب، فعينهم iiعمياء
سـدٌ،  فـذي آذانـهـم iiصـمـاء
هــذا  عــلـيٌ دونـه iiوفـداء
أم  هـل طوته السحب iiوالجوزاء؟
مـاذا  نـرى؟ مـا هـذه الأشياء؟
فـوق  الـمـداخـل نسجها iiوبناء
نـسـج الـبيوت وطارت iiالورقاء
أن  تـرنـو تحت الأرجل iiالأعداء
الله  خـيـر حـافـظـاً، iiووقـاء
مـلء الـدعـاء تـضرعٌ iiورجاء
حـسـبي استجابةُ دعوتي iiورضاء
واعـطـف  عـلـيهم إنهم iiجهلاء
حـبٌ ولـيـنٌ، رحـمـةٌ iiوسخاء
هـذي  شـمـائـل أحمد iiالسمحاء
جـدوا  الـسـرى  تعلوهم الغلواء
حـيـاً  ومـيـتاً،  والعطاء iiسخاء
وتـعـالـت  الأصـوات iiوالأنباء
ذيـل  الـعـطـاء حـداؤه وغناء
فـطـوت  قـوائم خيله iiالصحراء
طـلـب الـنـجـاة مرامه iiودعاء
قـبـس  الـنـبـوة، نوره iiوضاء
أبـشـر  سـراقـةُ سـؤددٌ iiوبهاء
إكـلـيـل  رأسـك تـاجه اللألاء
فـغـداً  تـدك حـصـونه iiالعلياء
أهـل الـوفـا، فـرساننا iiالعظماء
وعـلـى  الـربا راياتنا iiالخضراء
إن  الـشـآم  بـلادنـا الـغـراء
الله  أكــبــر، دعـوةٌ iiودعـاء
فــازدانــت  الأكـوان iiوالآلاء
فـرحـت وأشـرق نورها iiاللألاء
فـسـمـت عـلـيها بهجة iiوهناء
مـاست،  وماس السهل iiوالصحراء
طـربـاً،  فـجاش شعورها iiالغناء
عـم الـوجـود سـناؤها iiالوضاء
فـرحـاً  فـهـذي الكائنات iiضياء
جـاء  الـنـبـي،  فزغرد iiالأبناء
جِـئـتَ  الـمـدينة  فالسماء بهاء
شـمـس  الـنبي، وزالت iiالظلماء
آي الـكـتـاب وسـورة iiودعـاء
أنـت  الـحـبيب  ودينك المعطاء
حـتـى  تـقـوم الـساعة iiالعلياء

ج- عهد الأنصار

يـا أهـل طيبة من قبيلة iiخزرج
الله  يـشـهـد والـرسول iiبأنكم
فـلـقـد  صـدقتم عهدكم iiلمحمدٍ
لا  تـشـركـوا  بالله شيئاً مطلقاً
لا تـقتلوا، لا تسرقوا، لا iiتسرفوا
لا  تـفتروا، لا تعتدوا، لا iiتكذبوا
شـرطٌ  عـليكم  أن يصان محمدٌ
هـذي  شـرائـط عهده iiوبنودها
قـد  سـطـر التاريخ أن iiوفاءكم
فـروى  الـزمان قصيدةً iiعنوانها
*              *             ii*
عـذراً أبـا الزهراء إن iiقصيدتي
هـي دون قـدرك رفعة يا iiسيدي
فلقد هجرت الشعر في زمن الصبا
حـسـبـي  بأنك قائدي ومشفعي
مـني السلام عليك ما هب iiالصبا
سـأظـل  أنشد ما حييت iiمفاخراً
















يـا  آل أوسٍ، عـنـكـم iiالنقباء
أهـل الـوفـا والـسادة iiالشرفاء
فـي  الـبـيـعتين فعهده iiوضاء
جـل  الإلـه  فـمـالـه iiنظراء
إن  الـفـجـور جـريمةٌ iiنكراء
صـدق الـعـهود شعاركم iiووفاء
مـمـا يـصـان الأهل iiوالأبناء
فـيـهـا  الـمكارم غايةً iiورجاء
فـي عـهـدكـم لم يستبقه iiوفاء
(مـن وحـي طيبةَ كانت iiالعلياء)
*              *             ii*
دون  الـمـقـام، وإنـكم سمحاء
هـي فـي الدنى، ومكانك iiالعلياء
فـعـصت  علي الجملة العصماء
حـسـب  البرية فضلك iiالوضاء
فـوق الـرياض وناحت iiالورقاء
عـيـدي  ومجدي الهجرة iiالغراء