الأجنحةُ السود

وحيد خيون

[email protected]

منْ سنينْ

منذ ُ أنْ كنتُ صغيراً

منذ ُ أنْ كانَ أبي الفلاحُ محروماً فقيراً

منذ ُ أنْ كنتُ جنينْ

و على وجهي علاماتُ شقائي

و علاماتُ ضياعي

وعباراتُ حزينْ

فإذا ما طارَ في الريح ِ قناعي

ظهرَ السِـرّ ُ الدفينْ

و رأى الناسُ جميعا ً ما بقلبي

و تجلـّى للملايين ِ منْ المالكُ قلبي

و مَن القاهرُ قلبي

أيها الآسرة ُ القلبَ و يا رأسَ عذاباتي

و يا كلّ َ حنيني

أيها القلبُ و إنْ لم تعرفيني ... كلـِّميني

فأنا منذ ُ بداياتِ الحياة ْ

في دواويني و في أبياتِ أشعاري

و في كل ِّ معاني الكلماتْ

قد تخيّـلتـُكِ نبراساً مضيئا ً

و دروبي كلـّـُها محكومة ٌ بالظلُماتْ

منذ أنْ كنتُ صغيراً

و أنا أحلُـمُ بالألوان ِ والنورِ الى حدِّ اكتآبي

و تمنّيْتُ بأنْ أصبغَ بالأزرق ِ أحلامي

وأوراقي , وأحداقي , وأزرارَ ثيابي

منذ أنْ كنتُ صغيراً

لم أجدْ في كتـُبِ الأحلام ِ تفسيراً لأحلامي

و لا أفهمُ ما سرّ ُ عذابي

كنتُ أستغرقُ بالتفكيرِ حدّ َ الموتِ

والأمواتُ لا تعرفُ ما بي

ثمّ علــّـقـْتُ ببابي كلماتْ

بعدما فتـّـشـْـتُ كلّ َ المكتباتْ

منذ ُ أن كنتُ صغيراً

و أنا أصبغ ُ بالأزرق ِ حتى الكلماتْ

و على جدران ِ بيتي

و على أرصفةٍ في الطرُقاتْ

أرسمُ الشمسَ على شكل ِ فتاة ْ

ولها عينان ِ زرقاوان ِ مِثلُ الموج ِ

ينسابُ بها البحرُ

و تهتزّ ُ لها عِشْقاً عيونُ الملكاتْ

و لها شَـعْـرٌ الى الساق ِ كثيفٌ

يُشْبـهُ الأجنحة َ السّودَ

كما بارِجةٍ من أمسياتْ

قد تخيـّـلتـُـكِ نبراساً مضيئاً

و دروبي كلـّها مرصوصة ٌ بالظـُلـُماتْ

قد تخيّـلتـُـكِ شكلا ً.. و تخّـلتـُـكِ لحنا

و تخيّـلتـُـكِ عطراً .. وتخيّـلتـُـكِ لوناً

ثمّ أعددتُ ثيابَ العُرْس ِ من ضوءِ المصابيح ِ

و ألوان ِ الفراشاتِ

و أهدابِ رموش ِ الفتياتْ

ثمّ ناديتـُكِ لما تسمعيني .. كلـِّميني

واكتبي بَيْتَيْنِ من شِـعْـرِي ..

وأسماءَ دواويني

على الباصاتِ ...

والساحاتِ والدورِ وجدران ِ البيوتْ

منذ أن كانَ صغيراً

كانَ يرجو أن يعيشَ العمرَ في بغدادَ

أو فيها يموتْ

و على أسوارِ بغدادَ الجديدةْ

كانَ يستلقي إلى الصبح ِ أمامَ السينما البيضاءِ

كي يكتبَ لي أحلى قصيده