حِوَارٌ خَاصٌّ بَيْنَ الدَّجَاجِ

د. محمد جمال صقر

[email protected]

هَذِهِ تَجْرِبَةٌ طَرِيفَةٌ

مَأْلُوفَةٌ لِأَشْبَاهِي مِنَ الْفَلَّاحِينَ

الَّذِينَ يُصْبِحُونَ وَيُمْسُونَ بَيْنَ مَظَاهِرِ رِيفِهِمُ الْجَلِيْلِ

نُنْصِتُ فِي قَرْيَتِنَا لِلدَّجَاجِ

وَيُدْهِشُنَا عِلْمُهُ بِعَرُوضِ الشِّعْرِ الْعَرَبيِّ

فَهَذَا كَتْكُوتٌ يَشْغَبُ عَلَى أُمِّهِ قَائِلًا

سُسُو سُسُو

عَارِفًا أَنَّهُ قَدْ قَالَ مِنَ الرَّجَزِ

مُتَفْعِلُنْ أَيْ مَفَاعِلُنْ

فَتَزْجُرُهُ قَائِلَةً

قُرُقْ قُرُقْ

لَا تُنْكِرُ عَلَيْهِ أَنَّهَا قَدِ اسْتَعْمَلَتِ الْوَزْنَ نَفْسَهُ

فَإِذَا مَا حَضَرَهُمَا أَبُوهُ الدِّيكُ الْمَزْهُوُّ بِتَاجِهِ

أَلَّفَ بَيْنَهُمَا قَائِلًا

كُكُو كُكُو

لِمَا يَعْلَمُ مِنْ مُطَابَقَةِ مَا قَالَهُ لِمَا قَالَاهُ وَزْنًا

وَفِي مَرَّةٍ أَخْلَصْتُ سَمْعِي لِلدَّجَاجِ

فَحَصَلَ لِي مِنْهُ عِلْمٌ وَحِكْمَةٌ وَفَنٌّ وَنَغَمٌ كَثِيرٌ

خَشِيتُ أَلَّا يَحْفَظَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَلْبِي

فَكَتَبْتُهُ

عَلَّنِي أَرْوِيْهِ يَوْما مَّا

فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ

وَقَدْ كَانَ

سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو

إِنَّ الَّذِي تَلْتَقِطِينَ مِنْ حُبُوبٍ نَجِسُ

قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ

اِخْسَأْ هَلَكْتَ وَاحْتَرِمْ أَبَاكَ مَا هَذَا بِحَقْ

مَنْ عَاشَ مَا عِشْتَ وَقَالَ مِثْلَ ذَا أَبَاهُ عَقْ

يَا كَمْ غَفَوْنَا مَغْرِبًا مَعًا وَذُو التَّاجِ أَرِقْ

يَحْتَالُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَبِّ الَّذِي لَا تَسْتَحِقْ

وَكَمْ سَعَى وَكَمْ رَعَى فِي الَأْرْضِ وَاشْتَقَّ وَدَقْ

وَعَادَ لِي أَشْعَثَ مُغْبَرًّا وَمُحْمَرَّ الْحَدَقْ

مُطَأْطَأَ الرَّأْسِ خَفِيضَ الصَّوْتِ مَنْزُوفَ الْعَرَقْ

يَسْتُرُ مَا عَانَى فَإِنْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ مَرَقْ

قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ

هَذَا الَّذِي اقْتَرَفْتَ لَمْ يَقُلْهُ كَتْكُوتٌ سَبَقْ

سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو

أَوَّاهُ يَا أُمِّي بِصَدْرِي خَبَرٌ مُحْتَرَسُ

أَحْذَرُ إِنْ أَكْتُمْهُ أَنْ يَفْرِسَنَا الْمُفْتَرِسُ

أَبِي الْعَلِيلُ لَوْ دَرَى عِلْمِي بِهِ يَنْتَكِسُ

صَهٍ صَهٍ قُرُقْ قُرُقْ إِيهٍ قُرُقْ إِيهٍ قُرُقْ

أَمْسِ غَفَوْنَا وَأَبِي لِنَوْمِهِ مُلْتَمِسُ

فَثَارَتِ الْبِطْنَةُ بِي كَأَنَّ جَوْفِي قَبَسُ

فَقُمْتُ أُطْفِيهَا وَمَا لِي بِأَبِي مُؤْتَنَسُ

يَلْبَسُنِي اللَّيْلُ وَلَا يَنْبِضُ مِنِّي نَفَسُ

إِذَا ضُبَاحُ ثَعْلَبٍ أَعْرِفُهُ مُحْتَبِسُ

يَا لِأَبِي هَلْ صِيدَ وَالْمِسْكِينُ لَا يَحْتَرِسُ

أَبِي سُسُو وَيْلَاهُ سُو وَيْلَاهُ سُو أَبِي سُسُو

إِنْ تَعْمَ عَيْنِي كَانَ لِي مِنْ سَمْعِ أُذْنِي عَسَسُ

هُمَا مَعًا بَيْنَهُمَا تَحَاوُرٌ مُخْتَلَسُ

تَبَادَلَا وَعْدًا وَشُكْرًا لَيْسَ فِيهِ لَبَسُ

وَافْتَرَقَا فَعُدْتُ لَا ثَوْبَ كَثَوْبِي دَنِسُ

ثُمَّ تَنَاوَمْتُ لِذِي التَّاجِ وَمَا بِي نَعَسُ

بَلَى حُمِمْتُ وَكَوَانِي الْخَطَرُ الْمُنْبَجِسُ

فَفِي الصَّبَاحِ كَانَ بَعْضُ قَوْمِنا قَدْ فُرِسُوا

وَفِي الْمَسَا أَغْرَقَنَا الْحَبُّ فَعَمَّ الْعُرُسُ

سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو سُسُو

إِنَّ الَّذِي تَلْتَقِطِينَ مِنْ حُبُوبٍ نَجِسُ

قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ

أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَآثَارُ طَعَامٍ يَا عُقَقْ

تُشْعِلُ نَارَ الظَّنِّ قَدْ تُحْرِقُنَا لَا تَحْتَرِقْ

مَوْلَايَ ذَا التَّاجِ سَمِعْتَنَا قُرُقْ قُرُقْ قُرُقْ

كُكُو كُكُو كُكُو كُكُو كُكُو كُكُو كُكُو كُكُو

فِرُّوا إِلى الْأَسْطُحِ وَالْأَشْجَارِ كَيْلَا تَهْلِكُوا

قَدْ خَانَنِي الثَّعْلَبُ عَهْدِي فَبَقَائِي شَرَكُ

أَتْبَعَنِي بِقَوْمِه إِنْ يُدْرِكُونِي فَتَكُوا