أُماهُ... يا وَطني

أنمار محمد محاسنة

أنمار محمد محاسنة *

[email protected]

 (1)

أُمَاهُ ... يا دَمع السَّواحِلِ في الغروبِ

عيناكِ آخِرُ ما رَأيتُ ... من الحَرارَةِ واللهيبِ

عيناكِ آخِرُ ما تبقى من أَعاجيبِ الحُقوبِ

عيناكِ آخرُ زَورَقَينِ يُسافِرانِ إلى دُروبي

 (2)

يا مَوطِنَ الأَسوارِ ... يا بوحَ الطيوبِ

يا مَنْ تسافِرُ كُلَّ عامٍ ... في سَماواتِ الغيوبِ

هل كانَ مكتوباً عَلينا ...

أنْ نموتَ على الصَّليبِ ؟

أو أن نكونَ عَبيدَهُمْ ...

نبكي على المَجدِ السَّليبِ ؟

وَنصيحُ كالأطفالِ ... نرجو عطفهم حيناً

وَنَلعَقُ ما تبَقى من حَليبِ ؟

 (3)

أمَّاهُ ... إنَّ الغدرَ ذئبٌ جائعٌ

والناسُ يملؤها الذهولْ

والحاكِمُ الجبار يَبطِشُ تارَةً ... وَيُقيمُ حّدَّاً للقتيلْ

أو تارةً أُخرى ... يُعَذبُ كُلَّ ناصِيَةٍ ... يُذيلْ (1)

ويقولُ إنَ الظلمَ مَرتعُهُ وَبيلْ

أُمَّاهُ ... إنَّ الشَّمسَ خائِفة ٌ من الليلِ الطَويلْ

الليلُ يَحمِلُ خِنجَراً للغَدرِ ليس لهُ مَثيلْ

أُمَّاهُ ... لا لا يَستقيلُ الليلُ ....

مهما حارَبَتهُ فوَيقةُ الشَّفقِ الظَّليلْ

فالشمسُ إنْ غابت تسافر في أفول

أَوَ كُلُّ نورٍ للأُفولِ ...فلا يدومُ ولا يَطولْ؟!!

 (4)

أُمِّي أجيبي ... فالجراحُ توَسَّعتْ

والجُرحُ ضاقَ بِهِ المكانْ

أُمِّي أجيبي طِفلكِ المَطعون في الأعماقِ ...

والذكرى ... يُجَدِّدُها الزَّمانْ

أُمِّي أجيبيني ... كفاكِ تكتماً ...

فالمرءُ يأبى أن يُهانْ

هل نحنُ في زَمَنٍ يُحَتمُ أن نكونَ ...

كحاكِمٍ كهْلٍ ومَقطوعِ اللِّسانْ ؟

هل يَرحَلُ الكابوسُ عن أحلامِنا

وَيَعودُ وَجهُكِ مُشرِقاً كالأُقحوانْ ؟

 (5)

أُمَّاهُ ... قد قتلوكِ أَسوَأَ قتلةٍ

غَرَزوا سُيوفهُمُ كَسَيفِ أَبي لهَبْ

زَرَعوا خناجرَهُمْ وَمَصُّوا نصلَها...

في وَسْطِ خاصِرَةٍ وَرأسٍ مُنتصِبْ

أُمَّاهُ لا تتنهدي وَجَعاً ... فصَدرُكِ مَوطِني

فيه العَراقةُ والثقافةُ ... فيه يَنبوعُ الأدَبْ

وَعُيونكِ الزَّرقاءُ بَرقٌ مُلتهبْ

أُمَّاهُ ... قد فتنوك ِ مثل فراشةٍ

والناس قد فرَّتْ ... ولا أَدري السَّبَبْ

 (6)

أُمَّاهُ ... هَيَّا نستعن بالله كي ...

يمحو ظلام الليل من أُفقِ الجَبينْ

أُمَّاهُ ... بات العدلُ طِفلاً عاجزاً

وَمُيَتماً في الحَربِ ... مَبتورَ اليَمينْ

كلُّ القضاةِ المُرتشينَ تبَجَّحوا

سَفكوا حُقوقَ الكادِحينَ المُعدَمينْ

فالكونُ يا أُمَّاهُ أصبَحَ كاذِباً

والناسُ أمست في ثِيابِ مُنافِقينْ

لم يَبقَ إلا سَقفُ رَبِّيَ ثابِتاً

فلنمضِ هيا ... مُتقينَ وتائبينْ

كلُّ الجنانِ استعمَروها ... لم تنلْ

شَفتاكِ ... من عِنبٍ ... وزَيتونٍ ... وَتينْ

الله يعرف أنهُم قتلوكِ ... يا نُوَّارَتي

سَرَقوا البَلابِلَ من شِفاهِكِ ... فانمَحَتْ

كلِماتُ شِعرِكِ من كِتابِ العاشِقينْ

أَسَروا عُيونكِ بعدما ...

كاد البيانُ يَموتُ كي ...

يَجدَ التعابير التي ترقى ...

ولا تفني حُظوظَ المُعجَبينْ

 أبَداً فلا تتحَيَّروا ...

إذ ما بَكى ...

شَجَرُ الصَّنوبَرِ بعدها ...

وانشَقَّ عُودُ الخيزُران ِ...

وَماتَ زَهرُ الياسَمينْ

***************

إنَّ الطفولةَ حقُّ كُلِّ الحالِمينْ

إنَّ البَراءَةَ حقُّ كُلِّ مُسالِمٍ ...

وَرَغيفُ خبزٍ ساخِنٍ ...

حقٌّ لِكلِّ الجائِعينْ

أُمَّاهُ ... إذ يَكفيكِ فخراً ... أَنَّ شَمسَ الله تمنحك اليَقينْ

واللهُ يَشهَدُ أَنهُمْ فتنوكِ ...

إذ ظلموكِ ...

إذ صَلبوكِ ...

إذ قتلوا مُروءَتهُمْ

والله خيرُ الشاهِدينْ .....

والله خيرُ الشاهِدينْ .....

يذيل : يهين .

                

    * هندسة اتصالات