كأني لم أكنك ولم تكني
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
كـأنّـي لـم أكـنكَ ولم تكنّي
وأنّـي كـنتُ وجهكَ في المرايا
وأنّـي كنتُ صوتك حين أشدو
وأنك صرْت ناري في احتراقي
وأنـكَ كـنتَ طُهري حين كنّا
خـصصْتكَ في جنوني فاقتفَتني
تـغـادرنـي بـلا وعدٍ وتجفو
لـمَـنْ والحربُ مقبرةُ الأماني
تـآلـفـنا فصرْنا غير صوتٍ
تـتـمتمني حروفك روحَ شعرٍ
رعـيتكَ عصفَ وجدٍ فيّ يسمو
تـذكـرنـي عيونك حين أغفو
أصـلـي كـل فجر كي أراني
فـكـنتك موجة سبحت بنهري
أنـا الـشعراء لم تظمأ شفاهي
ومـنـي كـنت عزفا للقوافي
أنـا الـمـنفي في عينيك حبا
أضاءتني حروفي فوق سطري
مـضـيـنا والحنين لديّ يرفو
أنـا طـفـل يـتيم شقّ حزني
تـنـاغي مقلتي أطياف أمسي
عـلـى شـباكنا نبت انتظاري
أنـا الـمنفي في حضن المآسي
سـلالـي قد جفاها طعم تمري
بـلادي كـم يـواريـها حريق
أنـبـني للخراب قصور حزن
نـمـوت بجوعنا في كل حين
هـو الوطن المباع بكأس خمر
بـلـيـنـا بالفراغ فمن يواري
بـلـيـنـا حـيث أجّلنا انتهاء
وحـرب لـم نـردها فاحترقنا
سـأرحـل والطريق إليك وعر
أنـا الـمـنفي كوني أنت دفئي
أجـيـئك والحوادي ليس تدري
وأدري والـفراق يخض روحي
أتـيـتـك والخطى متبعثرات
تـمـر بي القوافل وهي تعبى
وأمـشـي والـلـيالي تقتفيني
وبـغـداد الدروب غدت رماداً
أمـنّـي أهـلـنا بسراب ماء
أعـبيء قربتي من رمل صمتي
أنـا الـقـلق المدمى في تكبو
(أنـا عـمـر يمر بلا شباب)وأنّـك لـم تـكن بعضي ومنّي
وأنّـك صـرْتَ لي حلمَ التمنّي
وأنـكَ هـدْأتـي وملاذ سُكني
وإنّـي صرتُ صوتك فاختلسني
مـصـابيحاًَ وغيرك لم يزرْني
صحارى الوهمِ في شَرَقِِ التجنّي
لِـمَـن لو رحْت يا كُلّي تكِلني
سـواكَ بـلـهـفتي أمّي أُكنّي
بـحـقـكَ يـا حبيبي لا تمَلْني
وقـولُـك في حروفي لم يقلني
وأنـك كـل حـب لـم يجئني
ويـذكـرني بدمعك لون جفني
نـبـيـا فـي قـرارات التأني
ومـنـي قد هربت فلذت عني
ومـا ظمئت حروفي فوق ظني
وأنـك كـنـت لي في كل فنّ
وفـي شـفتيك يحيا فيّ سجني
وأنـفـاسـي تـراتيلي ولوني
بـخيط الدمع حزناً جرح وهني
ثـيـاب الريح حتى غاب أمني
وشـوك البعد أضني ملح جفني
وأمـي فـي مـماتي لم تلدني
ومـوّالـي لـه سـكت المغني
وقـمـحي في ترابي لم يردني
وطيري عاف حتى رجف وكني
وهـم يـبـنون فينا قصر أمن
ويـسـقـي للغزاة كؤوس عدْنِ
وكـم قـد أفـرغوا للغير دني
بـقـايـانا ويحسن بعض دفني
لـمـوت فيه وعدي لم يردني
وصـرنا في الفراغ دخان حزْنِ
ولـم يـرني سواك ولم يعِدْني
فـإنـي كـم أحن لدفء حضن
طـريقي والطريق إليك مضنِ
وقـلـبـي في رحيلي لم يعنّي
وفـارق سـاحة الركبان ظعني
وخيمة أضلعي انكسرت بظمني
وتـمطرني إلى المجهول مزني
ومـن خلل الرماد تجيءُ سفني
فـيـمـلا ملح هذا الهم جفني
فـتـنطرني بوادي التيه عيني
جـراحـاتـي وتدفعني لِحَيني
فـمـن لو تهتُ يرجعني لكوني