لحظات تجلّي
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
فـي شـرفةِ الليل والأصواتُ ترتجفُ
والأرض تُـخـرجُ من أطيانها وَهَجاً
وتـسـتـفـيـق سلال البوح تمطرنا
والـغـيـم يـرسم في كوخي حلاوتهُ
والـبـحـر يهرب في جلباب موجته
والـنـاي يـمطرني من حزنه وجعاً
بـيـنـا تُـجـلـبـبني أثواب ليلتنا
والـشـعر يجري كنهر الله من شفتي
أمـنـتُ أنـكِ بـعـضي في تمرّدها
والـدمـع يـبقى نقوشاً فوق ذاكرتي
والآن أجـلـس في محراب صومعتي
ويـطـلـق الـقـمر النعسانُ همسته
ويـسـجـدُ الـشعرُ عند البابِ متكئاً
وبـي يـغـيب سمار اللون يرسمني
ويـحـمـلُ الأفـقُ قـلبي بارتعاشته
ويـرقـص الغيب في شذرات ليلكتي
أنـا انـحـدار نـبـوءات تـنشرني
أمـشـي ومـئـذنتي تمشي تسبِّحُ لي
وفوق صدري صلاتي قاومت عطشي
كـم ارتـمـيـت عـلى سجادتي لهفاً
وكـم حـلـمـت وروحي ألفُ متعبةٌ
خـرجـتِ مني وحولي كعبتي وقفت
يـا بـسـمة الماء ظل الماء يرسمني
يـراقـص الصبحَ جرفُ النهر ملتمساً
كـان الـنـهـار غـريباً في عباءته
عـبـاءة الـريـح لـفّـتني بشهقتها
ونـحـو وجـه مداري جئت يسبقني
أمـشي وكل خطوطي غادرت وطني
واسـتـظـل ومـعنى الغيم يسرقني
أسـيـرُ وحـدي بَـوَادينا تسافر بي
تـطـوف كل نساء الأرض صومعتي
إذ أنت مَن صرتِ سطراً ناعست شفتي
نـثـرت أحـلـى مـواويلي مبهرجة
فـكـلـما صحت جاء العطر ينشدني
وسـال صـمـتي فراتا في ربى قلقي
خـرجـتِ مـنـي وقلبي إلفُ شهقته
هـم صـرخـة الله والأيـام تـعرفهم
وهـم حـسـاسـين جناتي تدغدغهم
والـلـيـل يلتحف النجمات في أفقي
أجـيء نـحوي ونحوي قد أتت شفتي
لـلـه شِـعـري غزاني نبضُه بدمي
يـهـذي الـقـصيد وما عيّت روائعه
يصحو على عبقات الطيب كلّ ضحىً
إنـي عـزفـت ولا غـيري يشابهني
أنـا سـمـاءُ وغـيـماتي ترصعني
والأرض دائـرة حـولـي بـمعصمها
والـشـعـر طفلي أداري فيك وردته
فـرحـلـة الحرف من راسي توهجها
أنـام والـحـرف عندي صمته مطر
والـشـعـر كـرٌّ وفـرٌّ فـيّ محتشدٌ
أنـا الـجنون وصدري ليس منحسرا
تـحتي يعيش جوى الإعصار من زمن
عـذرا تناهى هبوبُ الحرْفِ في خلدي
بـغـداد يـا غَبشاً منه ارتوَت شفتي
إلـيـك مـنّـي نـبيذُ الشعرِ أعصرُهوغـصـن قـلـبي بباب الله يَعتكِفُ
حـتـى يـغنّي على أفراحها الشغفُ
بـالـيـاسـمين ليغري الشهقة اللهفُ
ويـجـرحُ الهمسَ في أنفاسهِ الصدفُ
إلـى فـضائي وعنه الموج ينصرفُ
فـتـسـتـفـيق على آهاتيَ الشرفُ
ووجـه شـمـسي عن النايات ينكسفُ
وعـنـد عـينيك يبقى البوح يرتجفُ
وأن بـعـضـي لأحلى الشعر يقترفُ
ويـحـمـل اللون في أجفانه الخزفُ
وعـنـد بـابـك ألقت رحلها الطُّرفُ
عـلـى شـفـاهك حتى يسكنَ الترفُ
عـلـى ضـلوع المسا والطل يُنتزفُ
كـفـاً وتـنـقشني في رحمها النطفُ
ويـرسـم الـريـم في حنائها اللهفُ
وعـنـه شـمس الندى بالأفق تنكسف
إلـى الـضياء بوهم اللحظة الصُّحُفُ
وخـافـقـي كـم ملا أسواره الرّهفُ
ومـثـل روحـي بروح الريم تأتلفُ
ويـشـمخ الكبر عندي فوق ما أصفُ
مِـنْ أن أراهـا بثوب العرس تنعطفُ
وطـاف رأسـي وقلبي اعتاده الهيفُ
عـلـى مـحـيَّاه وانجابَتْ به السدُفُ
دربـاً ويـعـرفـنـي فيما به عرفوا
وصـوت قـلبي بصوت الناي يختلفُ
وطـيـن قـلـبـي به أحلامنا نزفوا
دفـقُ الـحنين ويمحو الحزن ما ذرفوا
إلاك أنـتِ بـهـذا الـقـلب تعترفُ
لألـف مـعـنـى لـه عيناك تكتشفُ
وغـيـر قـلبي إلى ما فيك ما عَزفوا
وأنـت صـومـعـتي فيها التي أقفُ
وكـلـهـن مـن الأشـعار قد حُذفوا
عـلـى مـحـيَّاكِ فيها النجم يلتحفُ
وشـمـس قـلبي على واديك تنخطفُ
وأجـفـلـت دمـعـة للسحر مذ دلفوا
والـجـائعون بأرض الجوع كمْ زُحفوا
وهـم عـيالُ الشجا في موتهم جُرفوا
حـور الـحروف بهم قد يسكر الأنفُ
وقـد تـزاحـم فيها السحْر والظَّرَفُ
تـذيـع شـعري وشعري فيك مختلفُ
وأنـت مَنْ كنت خلفَ النبض تُعتسفُ
والـدهر صفق لي مما حوى الرّصفُ
وكـل مـن جـاء بعدي وحدهم نُسفوا
وكـلـهـم في معاني الغبطة انجرفوا
حـبـات درّ بـقـحط الروح تكتنفُ
تـرد رمـح الـردى والكون ينخسفُ
أخـفـى شذاها الصدى يوما ستقتطف
وفـيَّ يـهـنـى بهمس اللحظة الألِفُ
وعـنـد غـيري جفاف مسّه الشظفُ
فـي ظـلـه ألـف قلبٍ باتَ يرتجفُ
وصـدر غـيري مجازا بعضه كُشُفُ
إذا اسـتـشـاط فكل الأرض تنخسفُ
فـراحَ مـنـي عـلى الأوراق يندلفُ
لـمّـا ظـمـئتُ وصافاني بها القرفُ
يـا آيـةَ الله مـنـكِ الـقولُ يُغترفُ