حوار مع ميت

د. سعيد أحمد الرواجفه

د. سعيد أحمد الرواجفه

[email protected]

الْـمَـوتُ  أَقَـبْلَ مِنْ فُتُوقِ مَجعَّدِ
الْـكُـلُّ يَـلْهَثُ فِي الْحُطَامِ iiمُكَبَّلاً
طَـعْـمُ  الْـمَنَايَا فِي الْحَنَايَا iiمُبْهَمٌ
يَـا رَبُّ عَـبْـدُكَ قَدْ دَنا مِنْ قَبْرِهِ
هَـذَا  مِـلاكُ الْـمَوْتِ لَمْلَمَ iiشَكْلَهُ
فِي الْوَجْهِ ذِي اللَّوْنَيْنِ عَيْنٌ عٌوِّرَتْ
أَطْـرَافُـهُ كُـثْـرٌ فَـلَمْ أَعْدُدْ iiلها
فِـي كُـلِّ إصْـبَعِ مِدْيَةٌ قَدْ iiعُلِّقَتْ
هَـلْ  أَنْـتَ يَا هَذَا ذَوِينَا iiالْمُبْتَغَى
وَبـدَا يُـلَـمْلِمُ مُهْجَتِي iiوَحَشَاشَتِي
قَـدَمَـايَ iiتَـبْـرُدُ مُستَقِيلٌ حِسُّهَا
وَشُعَاعُ نَفْسِي فِي الصِّفَاقِ وَفِي iiالْ
فَـتَـتَلْتَلتْ  أَنْوَارُ رُوحِي وَدُوِّرِتْ
وَالـرَّغْرَغَاتُ تَكَدَسَتْ فِي مِنْحَرِي
وَرَأيْـتُ  ذَاتِـي قَدْ تَحَرَّرَ iiسِجْنُهَا
وَرَأَيْـتُ  جِـسْمِي قَدْ تَحَوَّلَ iiجُثَّةً
فَـتَـكَـاثَـرَ  النُّوَّاحُ حَوْلِي iiفُجْأَةً
وَبَـدَأْتُ أَسْـمَعُ مِنْ قَرِيضٍ iiمَادِحٍ
كَـثُـرَ الـثَّـنَـا وَتَعَدَّدَتْ أَشْكَالُهُ
وَضَـعُوا لِجِسْمِي فَوقَ لَوْحٍ iiأَحْدَبٍ
صَـلُّـوا  فَـلَمْ يَرْكَعْ بِهَا أَحَدٌ وَلَمْ
وَتَـعَـاقَـبَ  الْخُطَبَاءُ هَذَا iiوَاعِظٌ
لَـوْ كُـنْتُ أَنْطِقُ حِينَهَا iiلَوَعَظْتُهُمْ
وَتَـنَـازَعَ  الْـعُبََّادُ حَمْلَ iiجَنَازَتِي
عِـنْـدَ  الْـمِـقَابِرِ وَالْحَقَائِقُ iiنُوَّمُ
عِـنْدَ الْمَقَابِرِ حَيْثُ صَمْتٌ iiنَاطِقٌ
هَـذِي  إلأمَاكِنَ قَدْ عَفَتْ iiأَضْرَابُهَا
بَـلَـعَ الْـخَلائِقَ والْحَيَاةَ وَكُلَّ iiمَا
فِـي  ذي الْمَقَابِرِ أَلْحَدُوا قَبرْيِ iiأنَا
وَضَـعُوا  الْجَنَازَةَ قُرْبَ قَبْرٍ iiمُلْحَدٍ
وبَـدَا  يُـلَـقِّـنُ مَـيِّـتاً iiكَلِمَاتِهِ
أُدْخِـلْـتُ فِي رَحِمٍ حَنُونٍ لا iiيُرَى
هَـالُوا التُّرَابَ وَأسْرَعُوا خَطَوَاتِهِمْ
ذَهَـبُوا  جَمِيعاً خَائِفِينَ مِنْ iiالرَّدَى
وَتَـنَـازَعَ  الْـمَلَكَانِ كَوْنِي iiبَيْنَهُمْ
مَـا  كُـنْـتَ يَا هَذَا تُصَلِّي iiدَائِماً
هَـذَا  كِـتَـابُـكَ فَاجْتَرِئْ لِقِرَاءَةٍ
فَـرَفَـعْـتُ مِنْ وَجَلِي بَنَاناً iiأَيْمَناً
قَـدْ  كُـنْـتُ أَعْلَمُ أَنًّ رَبِّي iiوَاحِدٌ
وَالـظَّـنُّ  بِاللهِ كَـرِيِـمُ iiجَـنَابِهِ
فََـرَأيْتُ نَفْسِي فِي الْفَضَاءِ iiمُصَعَّداً
وَدَخَـلـتُ قَصْراً فِي الْفَرَاغِ مُعَلّقاً
مُـتَـحَـمِّـراً مُـتَخَضِّراً iiمُتَلَوِّناً
فِـيـهِ الـضِّـيَاءُ تَعَدَدَّتْ iiأْشْكَالُهَا
وَتَـكَشَّفَتْ حُجُبٌ لِذِي iiوَاقْشَوْشَعَتْ
وَبَـدَا  هُـنَـالِكَ بَرْزَخٌ لا iiمُنْتَهِي
وَتَـجَـمَّعَتْ فِيهِ الأنَامُ فَذَا iiالضِّيَاءُ
كُـلٌ  تُـشَـاهِدُ رُوحُهُ مَا iiأسْفَلَتْ
مَـا كَـانَتِ الصَّلَوَاتُ غَيْرَ iiوَسِيَلةٍ
لـتِـحَمُّلِ  الأنْوَارَ مِنْ ذَاتِ iiالعَلِي
نَـامُـوسُ  خَـلْقٍ وُفِّقتْ iiأَسْرَارُهُ


















































لا  فَـرْقَ بَـيْـنَ مُـوَسَّدٍ iiوَمّسَهَّدِ
وَالْمَوْتُ  يَرْقُبُ مِنْ ثُقُوبِ الْمِرْصَدِ
الْـحَـتْفُ يَأتِي رَغْمَ أَنْفِ iiالسُّؤْدُدِ
يَحْثُو  الْخُطَى رُحْمَاكَ إِنْ لَمْ iiيَزْهَدِ
نِـصْـفَ الْبَيَاضِ لِنِصّفِهِ iiالْمُتَسَوِّدِ
فِـي  بُؤْيُؤءِ الأُخْرَى لَهِيبُ iiالْمَوْقِدِ
أَخّـمَـاصُـهُ  آلآفُ لـمَّـا iiتُعْدَدِ
وَتَـسَدَّدَتْ غُزْرٌ كَعَصْفِ iiالْمَحْصَدِ
هَـلْ أَنْـتَ فِـي رَوَعٍ عَمٍ iiمَتَعَنْقِدِ
بَـيْـنَ أَصْبَعَيْنِ وَثَالِثٍ فِي مِكْبَدِي
وَكَـذَا الأنَـامِلُ وَالْمَرَافِقُ iiوَالثَّدِي
قَـفَـا  مُتَنَسِّلٌ مُتَلفْلِفٌ فِي iiالصُّعَدِ
فَـشَخٌصْتُ أنْظُرُ فِي دِمَاغِي iiفَرقْدِ
مُـتَـحَـشْرِجٌ  أُوَّارُهَا iiالمُسْتَنْجِدِ
أُطْـوَى بِـكَـفِّهِ مثْلَ ضُوءٍ iiمُبْعَدِ
كُـلٌّ  يـقـولُ فَـنَـى فَلَمَّا iiأُرْدَدِ
وَدُمُـوعُ  ذَاكَ الـصَّاِرخِ iiالْمُتَوَجِّدِ
لـلـهِ دَرُّهُ مِـنْ طَـبِـيبٍ iiأَمْجَدِ
لا يَـنْـفَـعُ الإطْـرَاءُ مَهْمَا iiيُفْرَدِ
بَـعْـدَ  الْغَسِيلِ وَبَعْدَ لَفِّ iiالْمُنْضَدِ
يُـذْكَـرْ بِـهَـا إسْمِي وَلَمَّا iiيُسْجَدَ
أَوْ ذَاكَ أسْـهَبَ فِي الزُّغَا iiالْمُتَوَعِّدِ
"هَـذي  مَـخَاوِفُكُمْ تُؤَرِّقُ مِنْ iiغَدِ"
كُـلٌّ  يٌـرِيـدُ ثَوَابَ رَبِّ iiالْمَشْهدِ
ولَـسِـانُ  حَالِ لُحُودِهِمْ لَمْ iiيُصْدَدِ
وَالْـبَحْرُ  يَبْتَلِعُ السُّكُونَ iiالسرمدي
فِـي بَـطْـنِ دَهْرٍ لَمْ يَزَلْ iiيَتَزَوَّدِ
تُـعْـطِـيـهِ لَـمْ يَسْأَمْ وَلَمْ يَتَرَدَّدِ
وَاللهُ يُـجْـزِلُ أَجْـرَ مَـا iiلِلْمُلْحِدِ
قَـعَُـدُوا وَذَاكَ الـشَّيْخُ لا لَمْ iiيَقْعُدِ
هَـلْ  يَـنْـفَعُ التِّلْقِيِنُ مَنْ لَمْ يَعْدُدِ
مُـتَـشَـكِّـيـاً  عَدَداً وَلَمْ iiيَتَمرَّدِ
قَـدْ  كُنْتُ أسْمَعُ وَقْعَ مَشْيٍ iiصَرْبَدِ
هَـلْ يَـرْهَبُ الأحْيَاءُ إلاَّ iiمَرْقِدِي
مَـا  كُـنْـتَ يَا هَذَا رَفِيقَ iiالْمَعْبَدِ
كَـثُـرَتْ ذُنُـوبُكَ مِثْلَ بَحْرٍ مُزْبِدِ
إنَّ الْـكِـتَـابَ مُـحَصَّنٌ لَمْ iiيُفْقَدِ
اللهُ  زَارِعُ ذِ الْـبَـنَـانَةَ فِي iiيَدِي
هَـذَا الـنَّـجَاءُ وَذَا بَنَانِي شَاهِدي
أبَـداً  تَوَحَّدَ فِي الأْمُورِ iiوَمَقْصِدِي
جَـنْـبِـي خَـيَالٌ لِلْمِلاَكِ iiالأَسْوَدِ
أَحْـجَـارُهُ  مِـنْ جَوْهَرٍ iiوَزُبُرْجُدَ
مُـتَـجَـمِّـعاً  فِيهِ بَرِيقُ iiالْعَسْجَدِ
والْـعِـلْـمُ  فِـيـهِ مَـنْبَعٌ لِلْوَافِدِ
أسْـتَـارُهَـا  وَتَقَلَّصَتْ لَمْ iiتَصْمُدِ
فِـيـهِ الْـبِـدَايَةُ والنِّهَايَةُ والْهَدِي
مَعَ  الضَّبَابِ مَعَ الشَّهِيدِ مَعَ iiالدَّعِي
لَـيْـسَ  الْـمُـهِمُّ كََثِيرَ بَيْعِ iiالْعُبَّدِ
فِـيـهَـا إكْـتِمَالُ النَّفْسِ iiلِلْمُتَوعِّدِ
لا تُـوِهِجُ الأنْوَارُ فِي شَيءٍ صَدِي
فِـي  تَـانِكَ الدُّنْيَا وفِي ذَا iiالْمَوْعِدِ