وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي

صقر أبو عيدة

صقر أبو عيدة

[email protected]

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

مَوَاسِمُ وَرْدِنَا سِيقَتْ لَهَا الرِّيحُ

وَقُلْنَا جَاءَنا نَسَمٌ لَهُ رِيحُ

فَهَبَّتْ في حُدُودِ الْبَيتِ وَانْتَشَرَتْ مَفَاتِنُهَا

وَكَانَ فَتِيلُ سَكْرَتِنَا يَنُوءُ بِلَيلِهِ وَلَهَا

هِيَ النَّشْوَى الّتي سُكِبَتْ عَلى الْجُمُعَاتْ

وَشَيءٌ مِنْ قِمَاشِ الشَّمْسِ يَكْسُو كَاهِلَ الصَّلَوَاتْ

وَقَدْ نُصِبَتْ عَلى صَفَحَاتِ أَعْيُنِنا مَتَارِيسُ الْهَوَى..

وَالنَّائِباتُ عِظَاتْ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

فَلا عَجَبُ

يُناجِي دَمْعَهُ الْعِنَبُ

وَبَحْرُ دِمَائِنا تَهْفُو لَهُ الأَحْلافُ مِنْ زَمَنِ

فَلا بَاكٍ لَهُ يَأْتِي وَلا رِمْشٌ يَرِفُّ عَلى سَمَا الْعَينِ

وَبَينَ دُفُوفِ رَاقِصَةٍ تُرَاقُ قَصَائِدُ الْوَطَنِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

عَلى نَفَسِ الْبِلادِ تَمَرَّغَ الْكَيدُ الّذي حِيكَتْ عَباءَتُهُ بِسَمٍّ..

خَيطُهُ الْجَهْلُ

وَمِنْ عَقِبٍ إِلى عَقِبٍ جَلا النَّسْلُ

فَعَجَّتْ في مَرَابِضِنا لُغَاتٌ سَاقَهَا اللَّيلُ

وَنَغْزِلُ وَقْتَنَا طَرَباً نُرَمِّمُ حَائِطَ الْوَثَنِ

أَيَا وَطَنِي!

وَهَلْ تَبْنِي الْمَوَاوِيلُ؟

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

هِيَ الْفِتَنُ

تُرَصُّ عَلى حَصِيرِ الْقَلْبِ نَسْقِيهَا نَهَارَ الْعُمْرِ وَالْجِيلا

فَتِلْكَ حِكَايةٌُ يَا أُمَّتِي قَدَّتْ لَها دَرْباً إلى التَّابُوتْ

عُيُونٌ تَسْبِلُ الأَهْدَابَ لِلطَّاغُوتْ

قَرَابِينُ الْخِيَانَةِ سَنَّهَا كَفٌّ مِنَ الْجَبَرُوتْ

غُبَارُ الأَرْضِ نَعْجِنُهُ عَلى الأَجْفَانِ تِكْحِيلا

فَأَرْخَتْ سِتْرَها الْبِدَعُ

وَقَدْ نَاخَتْ لَها عَينُ الْمَلامَةِ وَاكْتَفَتْ بِاللَّهْوِ تَعْليِلا

تَهَابُ السَّيفَ إِنْ لَمَعَتْ صَحَائِفُهُ

وَإْنْ رَقَصَتْ مَقَابِضُهُ عَلى الأَعْنَاقِ تَنْكِيلا

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

مَعَاطِفُ شَمْسِنا نُشِرَتْ عَلى حَبْلٍ مِنَ الْوَهْمِ

فَهَاجَ الْقَومُ وَاسْتَسْقَوا مِنَ اللَّمَمِ

ضِبَاعُ الْحَشِّ تَلْهُو بَينَ غَاباتٍ مِنَ الأُمَمِ

وَقَلْبُ الْمَرْءِ يَهْرُبُ خَلْفَ مَصْرَعِهِ

فَيَهْوِي خَالِيَ الشِّيَمِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

دَعَوكَ لِتَخْلَعَ الأَقْدَامَ إِصْرَاراً مِنَ السُّنَنِ

وَتَسْبَحَ في سِباخِ اللَّيلِ وَالْوَسَنِ

وَذاكَ السَّامِرِيُّ أَتَى مِنَ الأَمْصَارِ يَغْرِسُ شَتْلَةَ الْفِتَنِ

فَخُضْنَا في حُرُوفِ الْهَجْرِ نَشْرَبُ لَهْجَةَ الإِغْوَاءِ وَاللَّكَنِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

فَأَينَ يَلُوذُ ضَوءُ سِرَاجِنا وَالْبَابُ مُنْغَلِقُ؟

أَجِيءُ إِليكَ وَالأَحْلامُ تَنْفَتِقُ

وَعِنْدَ هُمُومِكَ الصَّمَّاءِ أَسْتَرِقُ

فِرَاخَ الشِّعْرِ وَالْكَلِمَاتُ تَنْفَلِقُ

وَأَصْرِفُ دَمْعَهَا غَدَقاً عَلَى وَطَنِي

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟