دموع القلب
عاطف كامل يوسف
تعطر مهجتي ذكراك أغرف من سواقيها
ويعقب دمعي الذكرى سخينا من مآقيها
فإن جفت دموع العين دمع القلب يرويها
مآثرك التي فاحت وروداً من معانيها
***
تربت من طفولتها على الإيمان والدين
وجلباب الحيا لبست فأزرت "بالفساتين"
فكم من خاطبٍ ردت تبختر بالملاين
أبت دنياه في أنفٍ لتؤثر صاحب الدين
***
ملكت القلب ذاك القلب لم يسكنه إلاك
وكنت أظن حين أراك أن القلب يهواك
خصال البر قد شعت شموساُ في محياك
فكنت الزوجة المثلى فحيا الله مثواكِ
***
قضينا في بلاد الغرب أياما وأياما
فكم أسعدنا آباءً وكم أكرمنا أعماما
وفي "برلين" لم نعدم من الإخوان أرحاما
نسجنا من مطامحنا رواياتٍ وأحلاما
***
وألقينا مراسينا على شط الإمارت
وخلفنا وراء البحر أرحاما وآهاتِ
لعل الله يكرمنا بإحسان العبادات
وغربتنا- وان طالت - ففي رب السموات
***
هرعت إليك من سفري حزيناً واجماً أسفا
فأين البشريا"الهامُ" فيم أراك في المشفى
فقالت أرقب الآسي ويوم رجوعه أزفا
أحس بأنني أذوي كعود الرند قد قطفا
***
لقد عانيت يا زوجي من الإهمال والخبلِ
عقاقيرٌ أشعاتٌ فحوصٌ دونما كلل
طبيبٌ لفه جهلٌ فلم يفطن إلى العلل
فأصبحنا على وجلٍ وأمسينا على أمل
إذامااحتجت ذا صدقٍ يخف صديقي الصوفي*
وفيٌ في نصيحته ودأب الخل أن يوفي
أليس هناك من بدلٍ لفتح البطن والجوفِ
وقلبي في تقلبه يكاد يطير من خوف
***
تجمعنا حواليها وأمّلنا بذي المنة
فقالت في سكينتها غدا ألقاك في الجنة
فقلت لعله أملٌ يخفف من لظى المحنة
وأوصتني ولم تبخل بفرض كان أوسنة
***
وكانت آخر الكلمات أن أكثر من الذكرِ
وفي الصدقات ما يشفي من الأمراض والسحر
وغابت لم تعد تدري بما يجري ولا يجري
ولم نسمع لأيامِ سوى نبضٍ من الصدر
****
ألا يا أيها الناعي ترفق لا تقل ماتت
غرزت بمهجتي نصلاً وما عانيت ماعانت
فإن غال الردى زوجي فلا والله ماهانت
فكم أملت أن تحيا وما أقسى لقد كانت
***
نعاك الحب يا زوجي نعتك ملائك الرحمة
نعتك مكارم الأخلاق في ثوبٍ من الحكمة
وكنت لصبحنا شمسا وكنت البدر في الظلمة
كثيراتٌ على القمة وأنت لهن كالنجمة
***
فمن يا توأم الأرواح يصحبنا للبنان
ومعْ من أقرأ القرآن عند الفجر أبكاني
ومن للنسوة العطشى لحسن بيانك الباني
وهل لتعاقب الأيام أن يفضي لسلوان
سألت الله أن ألقاك في فردوس رضوان
-- ----------------------------------------
* الأستاذ عبد الله الصوفي أخ عزيز من بئر السبع
