شتاءات ليلية
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
كـأسُ الـنبيذِ على هواكِ رشفتُه
وعـلـى انتهائي حيثُ كنتِ بدايةً
وهـواك دربٌ مـذ خطوْتِ برملِه
أنـا عـاشـق أشعلتُ فيّ حرائقاً
أهـواك أسـكـرني هواك فكنته
واتـيت قصرَك في زماني شاعراً
وحـبـيـبتي كانت مرايا أحرفي
أوَ تـقـبـليني أنْ أكونَ بخيمتي
أنـا لم يزل قيسُ الملوّحِ صاحبي
ولـكم مررت على الطلولِ مَسلّما
سـفـنـي تجوبُ عوالما سحريةً
نامي على عطري يدغدغنا الهوى
مـدنُ الـعـبيرِ أتيتُ كلّ دروبها
وطـرقت بابَ اللازورد بمفردي
وأنــا بـدايـاتٌ لآخـرِ دولـةٍ
فـلقد عرفتك إذ نكرتُ خواطري
إذ كـنتِ جوعي أشتهيه بلحظتي
وودْدتُ أدنو من صحارى ريشتي
بـوحـي ولا تـتـهيّبي ما غيرَنا
إنّـي شـهـيدٌ باحتراقك في دمي
بـوحـي شتاءاتي ودفء براعمي
بـوحـي فخوفك زاد فيَّ وضوحه
وتـوسّـدي روحَ القصيد وأعتقي
هـل تسمحينَ بأنْ تكون مضيفتي
إنّـي عـشـقتك أضلعي بجنونها
أنـا بـانـتظارك فاقبليني لحظة
لـو كـان حـبـك يا فتاة عبادة
كـم أشـتهيك وفيك نفسي أشتهي
فـأنـا بمنأى عن نوارس موجتي
هـيـا أعـيدي للضفاف مراكبي
بـغـداد يا زهر الطيوف أريجُها
يـا ألـف لـيلة يا مجالس قهوتي
فـالـمـوج فجّرني يقودُ ملامحي
وحـدي أتـيت هواجسي معلولة
بـغـداد أنـت وقـبَّعاتُ حمائمي
هـيـا ادخـليني شهرزادُ ولملمي
جسدي يديك ، ونهرُ عمري رمْلُه
قـلـقـي خرافيٌّ سيوقظُ جمرتي
قـد كنتِ تاريخي ورجعَ خُرافتي
بـغـداد سوسنتي وهمسُ حديثها
مـجـنونةٌ مُقلي وريحي قرْصنتْ
مـا زلـت مِنْ قدري أفرُّ لدهشتي
فـخذي حروفي لانطفاءِ مشاعلي
لـك أكـتوي وبك اكتويْتُ ترهَّبا
عشرونَ عاما كنتُ أبحثُ عن فمي
هـا قـد أتيت إلى جنونك زائراً
فـطرقت بابك في ارتفافة ريشتيوعـلـى يـديّ بـما أريدُ سكبتُه
غـصصي تؤجِّلني وخوفي سِرْتُه
نـحـوَ آلمتاهِ مع الظنونِ بدأتـُه
وكـتابُ شعرِ الثلج عنكِ قرأتـُه
بل كنت أنت لدى الضلوع فجئتـُه
ومـعـي فؤادي في يديْك وضعتُه
ولـها شعورُ الروحِ كنتُ عزفتـُه
فـي بـابِ قلبك والهوى أدخلتـُه
وديـارُ لـيـلـى الـعامرية بيتُه
ولـكـلّ وجـهٍ قـد رأيتُ سألتُه
لـن تـنتهي وبها البهارُ جلبتـُه
فـي راحـتـيه وفي يديك أتيتـُه
كـوني معي فأنا العبير صنعتـُه
ومـسـحـتُ بلّورَ الندى وجلوْتُه
لـلـعـاشـقينَ بريشتي صوّرتُه
وعـرفتُ دربك حين رمتُ مشيتُه
وتـنـقـِّر الـشهقاتُ نهداً درْتُه
وسـرابـك الأغـلـى لديّ تبعتُه
رضـعَ الـسكونَ حنينُه ومحوتُه
فـتـمـرَّدي مـثلي فقلبك صنتُه
فـيـهـا التماعاتُ النجومِ وزيتُه
يـصـغـي وإنّـي ما أريدُ كتبتُه
ظـلّـي وإنّـي ظل أمسكِ زرتُه
عـنـدي وآخـرُ مـا أريدُ طلبتُه
تـمـتـدُ نحوك والطريق سلكتُه
ولأجـل حـبك باب وصلك شلتُه
وبـدون ذنـبٍ لـلـغرام عبدتُه
فـجـميل شَعْركِ في يديّ ظفرتُه
وأنـا مـدادك بـالـشـذا زوّدتُه
حـتـى أكونَ الدرب فيك طرقتُه
يـغـري لـيالي شهريارٍ نَبـْتـُه
وجـع الـغرام بدمعتي رصَّعتـُه
لـسـمـاء سـنبلتي إليك دفعـتُه
وبَـهـارُ حقلي للنخيلِ رششتـُه
سـقطتْ وبابُ حضارتي أغلقـتُه
شـفةَ الحكايا بعضُ همسِكِ صرتُه
صـوتُ الـحـنينِ بضفَّتيك دفنتُه
ويـصيحُ بي وجهي وفيكِ وجدتُه
مَـنْ منكما الأحلى أكونُ عشقـتُه
نـهرُ الطيوبِ به هواي غمرتـُه
بـحري وخوفي ضائعاً أخطأتـُه
وفـمـي مـحارةُ غربةٍ قطـَّبتُه
فـدمُ الـغـرامِ بـمقلتيك نثرْتـُه
فـحـذارِ منكِ أنا هواكِ رغبتـُه
وإذا بـهِ عـنـدَ القصيدِ نسيتـُه
ومـساءُ عينك في ضَلالي زرتـُه
مَـنْ يقبل المجنونَ يُخْنقُ صوتـُه