رثاء شجرة القينوسي المعمرة
رثاء
شجرة القينوسي المعمرة غربي بلدة السموع، إربد
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
يا شجرَ" القينوسي" الزاهي خضرة،
طوال العام
منذ قرون عدة
عليك سلامْ
أسمعتمْ يا ناسُ أنين القينوسي "مريض" ؟
هي شيختكم ،والساق رضيض
غربيّ سَمُوعْ
شيخةِِ ملولِ الكورة ،" قينوستنا "منذُ قرون
نزفت دمعا ودماء، من "عين" و"قُموع"
جفَّ السَّاقُ، يا إخواني، تتأوه، واسودَّ حُذوع ،
لم ينقذها أحد، والصوت صدوع
وانخلع بعد صُراخ منها الكوع ْ؛
كم جأرت تشكو مرات؛ ماء ماء،
عطشى ماء وصلاحا ،
تقوى، تسبيحا،وفلاحا،
دراكِ بحق نبينا و"يسوع"
فرثاها "ديرُ الليات " و بكاها "ديرُ الكهف "
و"دير سعيد"
و نعتْها فَقوع ْ
كيف انشدخ غُصين؛ من ارجوح صغيرٍّ،
و تهاوى،بالمرجوح به، والوزن كطير
فانخلع الكوع
****
كيف اصفرَّت من أعوام ؟
مرِضت كمدا ، وشكتْ ؛ مرات من جوع
من ظلم الأنعام ،وهــــشِّ رعاة
بل من دَجَل أنام ، في الزَّيف هواة،
بل من عصيان اللهّ ،في الظلِّ بغاة
خُطبٌ تترى، ووعودٌ تجرُفها أحلام ْ
أنَّ لواء الكورة ، بالعــــــزِّ ينامْ ،
إنْ نجح النائب زيدٌ ، منسفهُ أنعام
وكُنافته بالسَّمن البلدي ، تقام ،
فالسَّمنُ يُصفَّى في "جنِّين "،
والجبنُ البلديُّ ،حُسنُ ختامْ
ومصانعُ تُنشأ للإسمنت ؛خيرُ مرام
هذا وعدي ، "فأنا الكاسح " والشاربُ خدّام
***
يا شجرَ الملول الدائمّ مخضرًّا
ذي شيختكم قائمة، وعليها "مقام"
من ألف إلا ربع من أعوامْ
فعليها مني ألفُ سلامْ
ألقت شجرتُنا بلوطا ، قِِمْعا قِمعا ،
والحًبُّ كبير ، يرشقُ دجَلا أو شربَ ُمدام ،
طقِّت شجرتُنا قهرا ، من شحِّ غمام
واصفرَّت ،وعلتْها أورام ،
نظرت لرفيقتها في "برقشَ"
ما عادت ترقش، من أعوام
لم ترها ترهش زاهية من أعوام
سألت عنها الأقلامْ
قُطعت هي أم نُهبت؟ لا أدري
كانت من قبلُ تؤانسها ،
سألتها أين رفيقتُنا
في تل "سراجي"؟
كانت أنسي و"سراجي " في الظلمات
حُرقتْ؟ ! يا ويلاتي !
حسبُكِ يا شيختَنا، لا تبكي آهاتِ!
وانقطعت شجرة "حاوي" أيضا؟
وا دمعاتي !
تهطل مدرارا
"مقداد" ،قضت،شرق "جديتا " " يالِدَّاتي ،"
و"مطلُّ" قضت " في ساعات
و"فقيرةُ "ماتت ، يا خيباتي !
كم جحدوا نعمة أفيائي
عبر مئاتٍ من سنواتي
يا لوعاتي ! أندبُها يا خيَّاتي،
ها أنا استبقي جذرا مني، أصلَ حياتي
في صخري ، ينمو بعد مماتي
فليلبس حلتي الخضرا؛ ما أجملها!
في الصيف الآتي !
ثمَّ
اصفرَّت كمدا ، شهقت، قالت أوصيكم :
غرس بناتي،
هنَّ خلودي بعد مماتي،
هنَّ بناتي،
بل محياي من بعد رفاتي؟
ثمَّ تهاوت بسلامٍ ،
وبصمت سُبات