صَلبوا رسائلَ عِشْقنَا
مجدي يوسف
دير البلح - قطاع غزة - فلسطين
"هذا زمان تخلّى الناس فيه عن قداسة العبادة
فقد صارت لديهم مجرد عادة يتوافدون إلى دور الله
غلاظاً ثقلاء ، وليس الإمام بأفضل منهم،فالإمامة
عنده لا تتجاوز الوقوف بالناس للصّلاة ؛التي
يفتقد فيها حسن الصوت والتلاوة والخشوع
ولست أنسى ذلك المساء الحزين المتفرّد بحزنه حيث ذهبت
إلى المسجد لأداء صلاة المغرب جماعة وإذا الظلام
على غير عادته والناس لا يرى بعضهم بعضاً إلا بصعوبة
،ولم يلمح ولو ضوء شمعة بالأفق ،وإذا
الإمام فيما بدا _ يقرأ أمام حشود من المصلين وكان صوته
واهناً جداً ضعيفاً لا يبين حرفاً مما يتلو ولا يرفع صوتاً واضحاً
به يعلو في ذلك المكان المزدحم
وبحق كنت أتوكأ في ركوعي،و سجودي ،وقيامي وراء
ذلك الإمام علي جاري
في الصلاة الذي كان يتوكأ بدوره على المصلين
من منفذ وحيد أمامه
في ذلك الأفق الشديد السواد، فكنت كأعمى يدب
على ساعد أعمى مثله
فأي صلاة هذه تلك التي صليناها بذلك المساء ؟
ومن أي أنواع العشق لله هذا اللقاء؟
وقد كانت المفاجأة مدوية فقد كان ذلك
الشيخ يصلي المغرب والعشاء جمع تقديم"...
حتّى الكلابُ تحنّ للضوءِ المشرّد في الطريقْ
حتّى الكلاب لهـا مـعَ الظلماءِ ألسـنةٌ تُفيقْ
فتصكّ آذانَ المغامر لاح في النبْتِ السَّـموقْ
وتودّ لو يدنو ،فتشعلَ شِدْقــها لَهَباً حـريقْ
وتودّ لو يعلـو بمركَبـِه على مـوجٍ دفيـقْ
فيحطّمَ الحِصنَ المرصّـع بالّلآلئ ،والعقيـقْ
لا يرفُق المـوجُ المُعـاند بابتهـالاتِ الغريقْ
****
زمنٌ به صار المصـلّي دونَ مرتبة الكـلابْ
زمنٌ به صارتْ صـلاتي مثـلَ حرباء السّرابْ
النـاسُ مشغولون عن وَرَع ٍبأوتـار الرّبـابْ
شغلتهمُ الدنيا ،وأمتعةُ الغـرور لهـم رِطـابْ
فتّشتُ فيهم عن إمـامٍ عـادلٍ مثل السّحـابْ
يستنبتُ الآذانَ ،والأضـلاع بالآيِ العِــذابْ
****
يتلـو بحبِّ الزّاهـدين على أنـاسٍ كالجمـادْ
لم ألـقَ إلا غـافلاً ،أو نائمـاً مَيْـتَ الفـؤادْ
هَوَتِ النجـومُ بشِدقه ،فالكلْـمُ مُعْتكِـرُ القـِلادْ
ولّى عن الآيِ الحَمامـاتُ المطـوّقة الجِيــادْ
أين الفراشـاتُ التي كـانتْ موزِّعــةَ الوِدادْ؟
أين العصافيرُ التي كانــت ترافقـها الوِهـادْ؟
أين الورود تُضمِّخُ الأفْــقَ المكّلَل بالحِــدادْ؟
****
البحرُ جُمِّـد موجـه حتّـى تحـوّل كالجليـدْ
ماتتْ به أحـلامُ صَبٍّ حالـم ٍيبـغي الجـديدْ
أين المراكـبُ،والنّوارس ،والمرافئ ،والحدودْ؟
والشمسُ ضـائعةٌ ،فما عادتْ بأذيـالٍ تميـدْ
****
باتتْ بمضجعه الزّوابعُ تقلَـعُ الحرفَ النّضيرْ
وتُذيـبُ أصـداءً له حتى تلاشى لا صَـفيـرْ
صلبوا رسائلَ عشقنا القدسيّ من خلف السُّتورْ
كونٌ من السّـحرِ الطهـور له على الأيّام نورْ
****
فليرحمِ المـولى زمـاناً فيه أهـلٌ للغنــاءْ
قد حلّقتْ بحُلوقهم أطيـارُ صـدق ٍ،أو وفـاءْ
كانوا إذا غنّوا بأرض ٍبيـن أعمـدة السـماءْ
أحسستَ أنّك هائـمٌ يعلـو بقلـبٍ ذي دمـاءْ
لا، لن يعيـشَ بغير حـبٍّ يستقي منه الدّواءْ
ذاك الكتابُ كتـابُه ،فابنـوا معـي سُور الفداءْ