شعبُ الإباء، في ملحمة الحرية الغرَّاء
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
تَـقَـدَّمَ وَثَّـابَ الْـخُطَى وَتَحَرَّرَا
وَأَعْـلَـى بِنَارِ الثَّوْرَةِ الْحَقَّ شَامِخًا
فَـأَصْـبَحَ وَالْحُرِّيَّةُ اخْتَضَبَتْ دَمًا
فَفِي السِّجْنِ رَوْحٌ وَالزَّنَازِنِ رَوْضَةٌ
كَـأَنَ مَـيَـادِينَ الرَّدَى رَحْبُ جَنَّةٍ
يُـنـاجِي سَنَا الأَرْوَاحِ فِيهَا نَسِيمُهَا
وَفَـاضَ ضِـيَاءُ الْفَجرِ فَوْقَ رِمَالِهَا
أَلَـمْ تَـرَ أَنَّـا فِـي رِبَـاطٍ مُخَلَّدٍ
وَإِنْ خَـيَّـمَ اللَّيْلُ اسْتَجَابَتْ خُيُوطُهُ
لَـهِيبُكَ أَوْرَى فِي الصُّدُورِ حَمَاسَةً
وطَـهَّـر شَـرْقِـيَّ الْبِلاَد وَغَرْبَهَا
إِذَا أَيَّـدَ الـلَّـهُ الـنُّفُوس بِنَصْرِهِ
وَذَاقَـتْ مِنَ الْحَقِّ الْحَلاَوَةَ وَاشْتَرَتْ
سِرَاجُ الْهُدَى وَالصِّدْقِ فَيْض نِضَالِهَا
* * *
تَـذّكَّـرْتُ وَالـذِّكْـرَى بَلاَغٌ لِأَمَّةٍ
تَـمَـنَّـتْ فَأَلْقَى الوَهْمَ فِي أُمْنِيَاتِهَا
فَـلَمَّا انْزَوَتْ وَالْخَوْفُ يَسْرِقُ أَمْنَهَا
وَمِـنْ زَاخِـرِ الإِيـمَانِ قَامَ رِجَالُهَا
كَـأَنَّ الْـقُـلُوبَ الضَّائِعَاتِ تَحسُّرًا
إِذَا الْـفَجْرُ أَحْيَاهَا أَوِ الْعَدْلُ ضَمَّهَا
تَـبـيتُ عَلَى الضَّيْمِ اللَّيَالِي حَزِينَةً
يَقُولُ وَهَلْ فِي الصُّبْحِ شَكٌّ وَحِيلَةٌ؟
أَلاَ مَـا أجَـلَّ الْـفَجْرَ عِنْدَ بُزُوغِهِ
وَصُـبْـحًا تَجَلَّى لِلشُّعُوبِ ضِيَاؤُهُ
وَأَرْشَـدَنَـا حَـتَّـى بَـنَيْنَا حَيَاتَنَا
وَإِنَّ لَـنَـا عِـزًّا عَـلَـوْنَا بِفَضْلِهِ
* * *
مَـنَـابِـرُ نورٍ فَاضَ مِنْهَا خِطَابُهَا
لَإِنْ فَـنِـيَـتْ أَرْوَاحـنَا فَلَقَدْ عَلَتْ
لَـقَـدْ عَـلِـمَ الْـمُستَكْبِرُونَ بِأَنَّنَا
وَضَـاقُـوا بِنَا ذَرْعًا فَأَلْقَوْا عِنَادَهُمْ
وَثَـبْـنَـا بِـأَجْنَادِ الْهُدَى وَرِجَالِهِ
كَـأّنَّـا عَـلَيْهِمْ مَوْجُ بَحْرٍ فَلاَ تَسَلْ
وَإِنَّ لِأَيَّــامِ الـظَّـلاَمِ نِـهَـايَـةً
وَمَـا هِـيَ إِلاَّ لَـيْـلَةٌ جَلَّ بَدْرُهَا
لَـقَـدْ سَـرَّ أَعْـلاَمَ الْعُرُوبَةِ أَنَّهَا
وَذَلِـكَ أنَّ الْـخَـيْرَ فِي كُلِّ مُهْجَةٍ
وَأَنَّ الْـجِـهَـادَ الْحَقَّ أَثْمرَ طَلْعُهُوَأَرَّخَ لِـلْأَمْـجَـادِ سِـفْرًا وَسَطَّرَا
وَفَـجَّـرَ يَـنْـبُوعَ الْجِهَادِ وَكَوْثَرَا
يَـفِيضُ عَلَى أَرضِ الْبُطُولَةِ عَنْبَرَا
تَـسَـامَتْ جَلاَلاً وَاحْتِرَامًا وَمَظْهَرَا
جَـرَى تَحْتَهَا نَهْرُ الشَّهَادَةِ أَخْضَرَا
وَيَـعْذُبُ صَوْتُ الْحَقِّ مِنْهَا مُبَشِّرَا
وَنَـادَى مُـنَـادٍ بِـالْـفَلاَحِ وَكَبَّرَا
وَإِنْ طَـالَ عَهْدُ الْجَبْرِ فِينَا وَعَسْكَرَا
لِفَجْرِ النَدَى فَابْيَضَّ وَازْدَانَ مَنْظَرَا
وَأَوْرَدَ لِـلْـعِـزِّ الْـقُلُوبَ وَغَيَّرَا
وَقَـادَ إِلَـى الآفَـاقِ نَصْرًا مُظَفَّرَا
حَـبَـاهَـا يَـقِـينًا لاَ يَحِيدُ وَذَكَّرَا
سَـعَـادَتَـهَـا بَذْلاً فَأَوْرَقَ مُزْهِرَا
وَإِيـمَـانُـهَا رَغْمَ الصِعَابِ تَنَضَّرَا
* * *
تَـسـلَّـى عُـلَاهَا بِالْمُنَى فَتَبَخَّرَا
لِـيَـنْـسَـخَ مِنهَا مَا يَشَاءُ وَيُقْبِرَا
وَلَـيْل الْعِدَا يَجْتَاحُ ضَاعَتْ تَحَسُّرَا
وَزَفُّـوا إِلَـى الدُّنْيَا الْعُلاَ وَالتَّحَرُّرَا
أَفَـاقَـتْ عَـلَى وَقْعِ النَّذِيرِ مُحَذِّرَا
أَوِ الـصُّـبْحُ أَنْجَاهَا أَوِ الظُّلمُ أَدْبَرَا
يـسـامِـرُهَا نجْمُ الرَّجَاءِ مُبَشِّرَا!
وَقَـدْ آنَ لِـلْأَوْطَـانِ أَنْ تَتَحّرَّرَا!
إِذَا شَـاقَـتِ الآفَـاقُ نُورًا تَحَدَّرَا
وعَـلَّـمَـنَا كَيْفَ الْجِهَاد وَأَخْبَرَا!
وَفِـي ذَلِـكُـمْ ذِكْرَى لِمَنْ قَدْ تَدَبَّرَا
وَإِنَّ لَـنَـا عَـزْمًـا سَـمَا فَتَفَجَّرَا
* * *
فَـكَـانَتْ عَلَى الدُّنْيَا أَشَدَّ وَأَخْطَرَا
مَـعَـارِجَ مِن فَخْرٍ وَعِزًّا مُؤَزَّرَا!
أَعَـزُّ مَـكَـانًا وَانْتِسَابًا وَجَوْهَرَا!
وَمَـا زَادَ فِـيـنَا الْعَزْمُ إِلاَّ تَوَفُّرَا!
فَـفُزِّعَ مَنْ فِي الأَرْضِ خَوْفًا وَأَدْبَرَا
إِذَا جَـاشَ مُـحْـتَجًّا وَأَزْبَدَ مُنْكِرَا
فَـلاَ تَخْشَ إِنْ سَادَ الظَلاَمُ فَتَخْسَرَا!
وُصُـبْـحٌ بِـشَمْسِ الْفَاتِحِينَ تَنَوَّرَا
عَـلَتْ فَوْقَ هَامِ النَصْرِ حَتَّى تَيَسَّرَا
تَـصَـدَّى لِـتَـيَّارِ الشُّرُورِ فَغَيَّرَا
وَفِـي ذَلِـكُمْ ذِكرَى لِمَنْ قَدْ تَفَكَّرَا!