بلسم الأحزان بلقاء الإخوان
أبو الحسن الطيب بن إبراهيم
في ظلّ الرّوح الأخوية التي دبّت في الأمّة لتقاوم الفساد وتوقف الاستبداد ، اهدي هذه القصيدة إلى كلّ أخ يعرف قدر الأخوّة في الله جلّ وعلا ، ويحمل في جوانحه ودّا صادقا لإخوانه ، خاليا من الأغراض والشوائب .
يـا دار لـيـلـى بـالقواءِ البلقعِ
وأرقـتُ لـيـلي لست أطعم نومَه
عـذَلَ الـخَلِيُّ ولم يذق طعم الهوى
داءُ الهوى ، جَهد البلا ، جمر الغضا
يـا من تعجَّبَ إذ رأى جسمي ذوى
* * *
مـهـلا ًهُـديت فلستُ غير معبِّرٍ
لـيـس الهوى شأني ولستُ متيَّماً
إنَّ الأسـى يـدعـو الأسى ويثيرُه
ولـذاك أبـكـي مـا رأيت مولَّها
لـكـنَّـنـي من فرقة الإخوان في
أبـكـي نـوىً لـو أنَّ صبًّا ذاقَه
أبـكـي فـراقَ أحـبَّـة ٍكـنَّا معا
نـرعـى الإخـاءَ تـقرُّباً وعبادةً
* * *
حُـيِّـيـتَ يـوما كان فيك لقاؤُنا
وتـساءلوا هل كان يعرف بعضنا؟
وتـحـيَّـروا لـكـنَّـني بادرتهمْ
هـي ذي النُّفوس تعارفت أرواحُها
لـلـه كـان لـقـاؤهـا فـتآلفت
أكـرمْ بـروضٍ فـي ثـنايا مسجدٍ
مـا بـيـن ذكْـرٍ قـد سما بقلوبنا
* * *
كـنَّـا رُبـاعـاً غـير أنَّ قلوبنا
جـمـع الإلـه قـلـوبنا فتواثقت
كـنَّـا كـجـسـمٍ لـو تألَّم بعضُه
حـتَّـى تـقدَّر ذا النَّوى فتسَّعرتْ
حـسـبـي عـزاءً فضلُ ربي إنَّه
* * *
يـا رب صـبِّرني وصبِّر إخوتي
واشـف الـصُّدورَ وداوها من غلِّها
واجـمـعْ شتات قلوبنا واحفظْ بها
يـا رب حـقِّـقْ جـمعنا في جنَّة ٍأدمـيـتِ قـلـبي فاستهلَّت أدمعي
مـن لـفـحِ جمرٍ في فؤادي موجِعِ
إذ قـد بدت من فرط وجدي أضلعي
أذكـتـه عيني في الفؤاد ومسمعي
إنَّ الـتَّـعجُّبَ أن ترى عقلي معي
* * *
عـن كلِّ صبٍّ ذي جوى مُتزعزعِ
لـكـنَّـنـي آسـى لـكـلِّ ملوَّعِ
ومـواردُ الأحـزانِ ذاتُ تـنـوُّعِ
يـبـكي هواهُ وليس ينزعُ مَنزعِي
هـمٍّ وكـرْب واشـتـدادِ تـلوُّعِ
لـسـلا وآب إلـى لـذيذ المَهْجَعِ
نـسـقـي الإخـاءَ بماءِ ودٍّ مُترعِ
لـلـه ذي الـفضل العظيمِ الأوسعِ
* * *
وتـعـانـقَ الأحـبابُ مِلأَ الأذرعِ
ومتى ؟.. وأين محلُّ ذاك المجمعِ ؟
والـصَّوتُ غصَّ بفيض ماء المدمعِ
لا تـسـألـنَّ متى تلاقتْ .. واقنَعِ
مـا فـي المحلِّ وعلمِهِ من مطمعِ
جَـمـعَ الأحـبَّـة في تُقى وتخشُّعِ
فـوق الـطِّـباق .. وبين علمٍ أنفعِ
* * *
قـلـبٌ تـجـزَّأ في جُسومٍ أربع1ِ
بـحـبـال ودٍّ غـيـر ذات تقطُّعِ
بـلـغ الـتَّـألُّـمُ فيه أبعدَ موضعِ
نـار اشـتياقٍ في جوىً مُتضعضعِ
إن اصـطبرْ يَجْزِ الثَّوابَ .. ويدفعِ
* * *
واكـتـب لقاءً في القريب الأسرعِ
وأزلْ سـخـائـمها وطهِّرْ وانزعِ
صـفـوَ الـوداد لأولـيائك أجمعِ
بـجـوار فضلك في المقام الأرفعِ
هوامش :
1- المقصود التعدد وليس تحديد العدد