مصر الّتي في خاطري
د. طلال محمّد الدّرويش
[email protected]
سـلامًـا لمصرٍ ، إنّ حبّك في دمي
أتـى الـوعد كم طال انتظار بريدِه
لـك الـمـجد كم تاقت إليك نجومُه
وهـل يُغفلُ التّاريخ مَن سطّر المدى
ومـن مثلُ مصرٍ إن تغنّت بفضلها
فـجـادت ولم تبخل بغير خضوعِها
وجـاءوا يـمنّون النّفوس فحطّمَتْ
وسـلْ أهلَ مصرٍ هل بمصرَ أثارةٌ
تـحـدّثْـك آثـارُ الـقـرون بأنّها
وهـل عهدُ موسى بالبعيد عن النّهى
فـعـزّ فـكانت صيحةُ الحقّ عندما
وسـلْ نِيلَ مصرٍ إن سمعتَ خريرَه
يـسـبّـحُ ربًّـا لا شـريك بملكه
وهـل طـابـت الـدّنيا لنفسِ متيّمٍ
فـمـالي أرى مصرَالإباءِ على شفا
فـهل عدتَ يا فرعونُ، أم هي نطفةٌ
فـحسبُك شعبٌ ثار مِن رَحِمِ الهوى
مـلايـينُ ثارت ، يا لَثاراتِ عزِّها
ظـلمتَ ولم تحفلْ ، وشعبُك يكتوي
لـقـد عميت عيناك أن تبصرا وما
وإن أبـصـرت عـيناك ليلاً فإنّما
ثـلاثـون عـامًـا حـلوها بمرارة
ومـدّك فـي الـطّغيان ظنٌّ مخادعٌ
فـهـل كـنـتَ في يومٍ تعدُّ لساعةٍ
فـقـم للحتوفِ السّودِ أنت صنيعُها
" ومـا مـن يـد إلاّ يـد اللّه فوقهاوكـم رخصت روحٌ فداك لتسلمي!
فـقـومـي لوعدٍ قد أتاك ، وسلّمي
وقـد كـنتِ دومًا بين شمسٍ وأنجمِ
حـروفًـا رَوت عِـلمًا بغير معلِّم ؟
فـغـنّى لها شرقٌ على عودِ مُغرَمِ ؟
لـجـنـدِ الـغـزاة الطّامعين بمَغنمِ
نـفوسَهمو الظّمأى وعادوا بمَغرمِ !
لـغـيـر بناةِ المجدِ أو بعضُ مَعْلَمِ؟
تـسامت فلم تسجد لِنُصْبٍ وطَوْطَمِ !
وقـد قال : يا فرعونُ كُفَّ وأسلمِ !
تردّى ، وكم أردى الورى ، بجهنّمِ !
يـحـدّثْـك عن سرّ الخلودِ المُكَتّم !
وتـشـرقُ فـي مسراه بسمةُ مريم!
ظـمـيٍّ لـنِـيلٍ أو ظميٍّ لزمزمِ ؟
هـوانٍ وإذلالٍ وقـيـدٍ ومَـلجَم ؟
بـهـا أثرٌ من نسلِ إبليس ينتمي ؟
يـفـدّي ثرى مصرَ العزيزةِ بالدّمِ !
فذقْ ما أذقتَ الشّعبَ من كأسِ علقمِ!
بـنـارٍ سـتصلاها حطامَ مُحَطَّمِ !
سَمِعْتَ سوى صوتِ القرين المسوَّمِ !
فـؤادك ذا عـن كـلّ بارقةٍ عمِي !
مـزجْـتَ شرابَ النّاس منها بمطعمِ
ومـن يـتْبَعِ الظّنّ المخادعَ ، يندمِ !
ترى الحلمَ كابوسَ القضاءِ المُحَتَّم ؟
عـلـيك تدورُ اليومَ دورةَ أشأمِ !
ومـا ظـالـم إلاّ سـيبلى بأظلم "!