نهر الفرات شكا

نهر الفرات شكا ..

شريف قاسم

[email protected]

نـهـرُ  الـفراتِ تغنَّى قبلُ iiوافتخَرَا
شـكـا  إلـيـنـا بيوم العيد iiوحشتَه
ومـا رأى الشمسَ شمسَ العيدِ iiمشرقةً
ولـم  يـكـحِّـلْ بـأهـلِ اللهِ iiمقلتَه
أمـضَّـه البعدُ ... ملتاعًا ، iiومحتسبًا
ثـنـاهُـمُ الـخـيرُ عن شرٍّ ومفسدةٍ
ونـاحَ  نـهـرُ الوفا حزنًا على زمنٍ
تـحـلو  الشَّمائلُ إن جاءت iiبسيرتِهم
تـحـيَّـنوا فرصَ الخيراتِ وابتدروا
ومـا  ازدَروا غـيرَ مانافى iiشريعتَهم
يانهرُ  : ماازورَّ عنكَ الصِّيدُ أو iiغفلوا
جـادتْ  شـواطـئُه ، والجودُ iiعادتُه
يـسـراهُ  يـمـنـاه يـعطينا iiبأيِّهما
تـبـاركَ  اللهُ أجـراهُ لـنـا iiكـرمًا
روَّى  قُـرانـا ، وأحـيا ميْتَ iiتربتِنا
وحـولـه أيـنـعتْ جنَّاتُها ، وزهتْ
تـحـكـي روافـدُه عـالـي iiمكانتِه
كـم  ظـامئٍ جاءَه يشكو الهجيرَ iiوقد
وحـائـرٍ  مـثـقـلٍ بـالهمِّ iiجالَسَه
فـلانَ خـافـقُـه لـلأمـنِ iiأسـعفَه
وصـادرٍ عـنـه أغـنـتْـه حفاوتُه
ماغيَّضَ  الجودَ طولُ العهدِ أو iiنضبتْ
تمضي القرونُ ، ونهرُ الخيرِ مابرحتْ
قـد  حِـزْنَ مـنه المنى فاهتزَّ iiأوَّلُها
غـنَّـتْ  بـلابـلُه في صبحِه ، فلها
ولـلـعـصـافيرِ  في شطَّيهِ iiشقشقةٌ
أصـغـى  ولـم يـطوِه بُعدٌ ولا قلقٌ
مـن ثُـلْـثِ قرنٍ تحاشى أن iiيُذكِّرَها
حـولَ  الـفراتِ يُماشي خطوَه iiطربًا
أشـجـاهُ  يـومًا خريرُ الماءِ iiمعتذرًا
لـكـنْ  تـثـنَّـى على وُدٍّ iiتُضافرُه
أعـانـنـي ورزايـا الـدهرِ iiجاثمةٌ
ذكَّـرتـني  يافراتَ الخيرِ إذ iiخطرتْ
وهـيَّـجـتْ  ذكـرياتٍ عهدُها عبِقٌ
كـأنَّـهـا  أنـتَ تحيينا وقد iiهجعتْ
جـرى الـفدا ، وجرى واديك مبتهجًا
نـبعتَ  من أرضِ أهلِ الفتحِ فامتزجا
وعـدتُـمـا  تـمنحانِ الناسَ من قيمٍ
والـمـاءُ يُحيي بوارَ الأرضِ iiيسعفُها
إنَّـا  شـكـونا ، وقد ضجَّتْ مرابعُنا
فـشـربـةٌ  لـو أتتْها بعدما عطشتْ
وعـادت الـروحُ فـي أحنائِها iiوهجًا
لـم  يشقَ قومٌ جرى في أرضِهم iiعبِقًا
وأوجـدَ الـعـزمَ تـوَّاقًـا لِما iiندبتْ
فـإنَّـه الـعـارضُ الماشي على iiقدمٍ
يـنـأى الـسَّـحابُ ولا تنأى iiإغاثتُه
ألـم يـقـلْ ربُّـنـا سـبحانه iiوعلا
فـاقـرأْ هُديتَ : ( وأسقيناكُمُ ) iiتجدَنْ
يـسـقي المرابعَ في كلِّ الفصولِ ولم
يـجـري  وتـجـري بدنيانا iiمنافعُه
وفـتـنـةُ الـبؤسِ ما أبقى iiمضرَّتَها
هـو الـحـيـاةُ بـإذنِ اللهِ iiمَحجِرُها
أتـى الـفراتُ ( لربعِ الدَّيرِ ) منتجعًا
في ( الدَّيرِ ) فيءٌ لأهلِ الفضلِ iiتعرفُه
وفـي مـنـازلِـهـا قـومٌ iiجحاجحةٌ
وفـي قـلـوبِ بـنيها من جُذَى شيمٍ
ومـن  نـسـاءٍ لـهُنَّ العفَّةُ iiاعتنقتْ
كـم  عـالِـمٍ وأديـبٍ لـيس iiتُنكرُه
وكـم أبـيٍّ حـدا والـفـخرُ iiأحرفُه
هـم والـفـراتُ بسِفرِ الخلدِ iiأكرمهم
يـسـيـرُ  مـوكـبُهم بالحقِّ iiمندفعًا
تـعـانـقـا  في المزايا ليس iiيدركُها





























































ولـم  يـزلْ لـدفـوقِ الخيرِ iiمُدَّخَرَا
فـما  رأى حسنًا يَسبي ، ومَن iiصَدَرَا
ولا  رأى فـي ديـاجـي ليلِه iiالقمرا
ولـم  يـجـدْ مَنْ تحرَّاهُ ، ومَن iiذَكَرَا
وأردفَ  الـشَّـوقَ يزجيه لِمَن iiهُجِرَا
لـمَّـا  حباهُم هُدى الباري الذي iiأمرَا
أغـراهُ  فـيـه صدى مَن قامَ iiمدَّكرَا
فـالـعينُ  مانظرتْ في وجهِهم شَزَرَا
تـلـك الربوعَ ، وأوفوا أهلَها iiالغررا
ومَـن بـزورِ حـديثِ الشَّرِّ قد جهرَا
أو  جـانـبـوا قيمًا أو منصفًا iiزجرَا
وقـد  أظـلَّ و وافى البدوَ iiوالحضرَا
كـلاهُـمـا حُـلوُه الميمونُ iiماقصرَا
فـمـا ونـى أبـدا مـذْ كان iiمنهمرَا
فـاعشوشبتْ بالجنى لمَّا ربتْ iiعُصُرَا
حـضـارةٌ بعدَ أُخرى ، فاقرأ iiالسِّيرَا
ويشهدُ  الفضلَ مَن قد غابَ أو iiحضرَا
ألـفـى لـديـه الهناءَ العذْبَ iiمبتدرَا
فـسـبَّحَ اللهَ أجرى في الورى iiالقدرَا
لـطـفُ الإلهِ ، وردَّ الضِّيقَ iiوالكدرَا
و  واردٍ نـحـوَه يـلـقى به iiالوطرا
فـرائـدُ  الـزَّهوِ أغناها النَّدى iiدُررَا
كـفَّـاه  يغشَى روابيها الشَّذى iiعطِرَا
لـمَّـا سقاها ، وفأْلُ الخيرِ قد iiحضرا
تـغـريـدُ مـفتتِنٍ لم يألف iiالضَّجرَا
سـبـتْ  فـؤادًا هـواهُ كان iiمعتكرَا
إلـى  الـحـمـائمِ ناحتْ بَعدَه iiعُمُرَا
بـصـفوِ  عهدٍ مضى مازالَ iiمزدهرَا
ومـا تـقـضَّـى الذي في قلبِه iiكبرَا
إلـيـه مـمَّـا دهى أو جدَّدَ iiالضَّررَا
وذاك طـيـبُ الـنَّدى في غيرِه نَدَرَا
وقـد  يـعـينُ أنيسُ العمرِ مَن iiعثرَا
فـي  جـانـبـيْكَ حكايا سِفرُها iiأُثرَا
و  وجـهُ فرسانِها في الأفقِ ما iiاندثرا
مـنـا قـلوبٌ ، فجذلُ المجدِ قد iiبُتِرَا
بـرفـرفـاتِ  النَّدى زهوًا بغيرِ iiمِرَا
مـاءُ الـفـراتِ وماءُ الفتحِ إذ iiزخَرَا
كـادت تـمـوتُ ، وحاديها لقد iiأسِرَا
ويـجـعلُ  الماءُ مافوقَ الثَّرى iiنضرَا
تـسـتصرخُ  النَّهرَ واشوقاه iiوالمطرَا
لأنـبـتَ  الماءُ فيها العشبَ iiوالشَّجرَا
أو  جـذوةً لـتـنـيرَ الدربَ iiمعتكرَا
نـهـرُ الفراتِ ، وأغنى راحَهم iiثمرَا
إلـيـه  أُخـتُ العلى يوما وما iiعذرَا
ولـيـس  يـشكو مدى أزمانِه iiخورَا
وكـفُّـه فـي يـدِ العافي إذا iiحضرَا
في  محكمِ الذِّكرِ ... يامَنْ جئتَ iiمُدَّكرَا
مـاءً  فـراتًـا على البطحاءِ iiمنحدرَا
يـبـخلْ ، وما جاءَ كالشَّاكين iiمعتذرَا
والـجـودُ يـسـبـقُه للفقرِ قد iiجبرَا
فـالـعجزُ والبؤسُ في برديه قد نُحِرَا
والـعـيـنُ فيه مداها ليس iiمنحصرَا
وحـلَّ  في ( الذَّيرِ ) مشتاقًا لِما iiذُكِرَا
بـيضُ  الأيادي إذا ما الأمرُ قد عسرَا
لايـرهـبون الرَّدى إنْ حلَّ iiوالخطرَا
تـزفُّـهـم  لأعـالـي مجدِهم iiزُمرَا
وجـهَ الـسُّـمًوِّ ، وآثرْنَ الهدى iiأثرَا
مـجـالسُ  العلمِ أذكوا القلبَ iiوالفكرَا
لـربِّـه ، وكـمـيٍّ لـلـوغى iiنفرَا
مَـن  أكـرمَ الجودَ والأجوادَ iiواختبرَا
لـيـدركَ الـشَّـأوَ مثل النهرِ iiمبتدرَا
إلا  الـذي لـزحـوفِ الظُّلمِ قد iiقَهَرَا