ربيع فلسطين

أحلام الحنفي

لماذا ربيع فلسطين؟  

المشهد ليس جديداً على أطفال فلسطين وشبابها.. أحجار يرميها طلاب المدارس في عودتهم إلى منازلهم على بعد أمتار من ملالات الصهاينة المترسين والمدججين بالسلاح.. وربما ضم المشهد بعض الأمهات.. تساءلت في نفسي: هؤلاء الصبيان الذين تربوا على العنفوان ومواجهة المحتل، صحيح أن أمهاتهم علمنهم حب الجهاد، ولكن كيف تكون قلوب أمهات هؤلاء الأطفال (الكبار) طلاب المدارس، وهن يترقبن عودة أبنائهن من مدارسهم في ظل وضع صعب تشهده البلاد! كيف حال تلك الأم التي خرجت تبحث عن ولدها هنا وهناك! وهل من توازن في قنص صبي برصاصة ترديه جريحاً أو قتيلاً في معركة سلاحه فيها حجر! فمن يحمي أطفالنا ويحفظ دماءهم ويرحم قلوب أمهاتهم!!

إليكم هذا الحوار بين أمٍّ وابنها ربيع:

ربيع فلسطين

أقبِلْ بُنيَّ فإن قلبيَ مُوجعٌ

وخُطايَ كلَّت من أنين خطاكْ

أقبل فدَتكَ الروحُ يا شبلَ الوطنْ

ففؤاد أمكِ يرتجي ليراكْ

ودَّعتَني منذُ الصباحِ مُقبِّلاً

كَفِّي، وتبسطُ بالحنانِ رضاكْ

وغدوتَ تلحقُ بالرفاق مسلِّماً

لتنالَ علماً يرتقي بعُلاكْ

وحقيبةٍ حملَّتها بدفاترٍ

ورسمتَ في أوراقها أقصاكْ

- ولدي: ستلقى في طريقك كائناً

بسلاحه متدثراً ويراكْ

كالثعلب المغترِّ يُخفي مكرَه

لكنه مع مكرِه يخشاكْ

فاحفظْ كتابكَ من رصاصةِ غدرِهِ

فالعلمُ يقهرُه ولو أرداكْ

..صعبٌ طويلٌ إنَّ سيركَ يا فتى

وعدوُّك الباغي يسدُّ خُطاكْ

ولدي وُلِدْتَ وفي بلادِكَ غاصبٌ

 يحتلٌّ كلَّ مدينةٍ.. وقُراكْ

ولأنتَ يا نورَ العيونِ هديةٌ

قد خصَّني بقدومها مولاكْ

خبَّأْتُها لنوائبِ الزمن التي

عصفَتْ وتعصِفُ في رُبى أقصاكْ

غالٍ.. وأثمنُ من كنوزِ العالمينَ

وإنما، كلُّ الغوالي يا ترابي فداكْ

قد أخبرَ الرحمنُ وعداً مُنجَزاً

بالنصر فابسُطْ يا "ربيعُ" يديكْ

أنت الذخيرةُ يا بُنيَّ وإنني

لا لستُ أملكُ في الحياة سواكْ

فلَأنتَ مؤنسُ وحدتي ومُطببي

مُذْ أبعدَ القتلُ الدَّنِيء أباكْ

هذي بلادُكَ يا "ربيعُ" أسيرةٌ

ما كلّ أرضك أبصرَتْ عيناكْ

فبحارها وسهولها وهضابها

إن رُمتَ أن تُدرِكْهُمُ بُشراكْ

وترابُ أرضِكَ يا بُنيَّ قَدَاسَةٌ

والمرسلونَ يطيِّبونَ ثَرَاكْ

ولدي وإن كنتَ العزاءَ لغُربَتي

فلسوفَ تقفزُ للشبابِ خُطاكْ

شهماً أريدكَ كالرجالِ شجاعةً

وصلابة الفرسان في يُمناك

وتقودُ للنصر المبين جحافلاً

تغزو لتقهَرَ بالنزالِ عِدَاكْ

ولَئِنْ قَضَيتَ فإن مهرَك جنَّةٌ

لَتهونُ في إدراكها دُنياك

ولسوف تنتعشُ السفوحُ وتَنْتَشي

طرباً إذا ما أُشرِبَتْ بدماكْ

مِسْكُ الشهادةِ يا بُنيَّ مُقدَّسٌ

إن غِبْتَ تبقى في الورى ذكراكْ

احذرْ بُنيَّ فإن عظمَك لَيِّنٌ

خَبِّئْ لتلك الأُمنياتِ قِواكْ

- أمي: وهل صبراً لجنَّةِ خالقي!

ردَّدْتَها وتغرغرت عيناكْ

- قلتُ الزمانُ دوائرٌ، وزمانُكم

زمنُ المدارسِ لا زمانُ عِراكْ

إن أَعْمَلَ المحتلُّ آلةَ حربِهِ

فشبابُ أرضكَ سوف تحمي رُباكْ

- ودَّعْتني والعزمُ في عينيكَ

بادٍ، والشرودُ دَهاكْ

أقبِلْ بُنيَّ فإنَّ قلبيَ مُوجعٌ

وخُطايَ كلَّتْ من أنينِ خُطاكَ

أقبِلْ فدتكَ الروحُ يا شبلَ الوطنْ

ففؤادُ أمكِ يرتجي ليراكْ

- ها قد أتيتَ مخضباً.. يا ويحَهم

ماذا دهاهم كي يُسيلوا دماكْ!

 - أماهُ ولَّى للطفولةِ عهدُها

فربيعُ عمرِكِ قد أغاظَ عِداكْ

أرديتُهُمْ بحجارةٍ قُدسيَّةٍ

لولا السلاح لشارفوا لِهَلاك

أماهُ عزمي كالرجالِ وإنَّني

لا لن أملَّ من الوقوفِ هناكْ.....