مرثيَّةُ الهاويةْ

نمر سعدي

[email protected]

(1)

بقدسيَّةِ الحبِّ والأُمِّ والخبزِ والأرضِ

والشجرِ المتعبِ النبضِ..

بالصيفِ إذ تتشمَّسُ فيهِ القصائدُ

مثلَ نساءِ السواحلِ

بي.. وبخمسينَ أرجوحةٍ للهلالِ

وعشرينَ تنهيدةٍ في شفاهٍ من البيلسانِ الطريِّ..

بماءِ الحنينِ وأعراقِ داليةٍ في الضلوعِ

بثلجٍ يضيءُ أصابعها من وراءِ الشموعِ..

بقدسيَّةِ الحبرِ والتكنولوجيا

بحسِّ الروائيِّ والكاتبِ الحرِّ

والانفتاحِ الحضاريِّ والانغلاقِ المكرَّسِ

بالشعرِ فوقَ الصليبِ

بروحي.. وبالجبليِّ الأخيرِ رسول حمزاتوف

بماءِ الجمالِ ورهبنةِ العاشقِ الواثقِ القلبِ والأقحوانِ

بفيزياءِ علمِ النجومِ وعلمِ المجرَّاتِ .. حينَ أكذِّبها

بالرمالِ.. وبالنفطِ

بالردَّةِ المذهبيَّةِ والانهزاميَّةِ العربيَّةِ..

لا أستطيعُ اقتراباً وتقبيلَ جذوتكِ التائبةْ

دمي صامتٌ راعشٌ مُطفأٌ

والقصيدةُ لاهبةٌ لاهبةْ

 (2)

بقدسيَّةِ الحبرِ والفُلِّ

والانبهارِ ببدرِ حزيرانَ

والانكسارِ كقلبِ الزجاجِ وعاطفةِ الصيفِ

أو مفرداتِ الشتاءِ الوحيدِ..

بطعمِ الخساراتِ تحتَ اللسانِ

كملحِ سدومَ

بكلِّ النجومِ وكلِّ المرايا

التي لا تُرى في فضاءِ السديمِ

بنهرٍ من الأقحوانِ المريضِ

بفزَّاعةٍ للطيورِ على أوَّلِ السفحِ

مركونةٍ في يدِ الريحِ

محزونةٍ مثلَ سيَّدةٍ في الخريفِ البعيدِ

ببسملةِ الصبحِ والكائناتِ

بحبلِ النعاسِ الرفيعِ

بعطرِ الربيعِ

بما قد تساقطَ منِّي على هاوياتِ الصقيعِ

بضحكِ أوفيليا ودمعةِ عشتارَ

بالزهرةِ الذهبيَّةِ فوقَ أصابعِ أنثى

رُخاميَّةِ الدمعِ..

لا أستطيعُ مآخاةَ ما في بحاركَ من لوعةٍ

لا تحطُّ على منكبيَّ كزوجِ يمامٍ

وتزويجَ ما في يديكِ من التبرِ قبلَ الضحى

لترابِ الشرايينِ

لا أستطيعُ تبنِّي ابتسامتكِ السكَّريَّةَ..

أو فهمَ فضَّتكِ الخائبةْ

 (3)

بقدسيَّةِ الزهرةِ النائمةْ

عندَ أطرافِ قلبي وتحتَ الرمادِ

الخفيفِ على شهوتي العائمةْ

فوقَ وجهِ المدينةِ تلمعُ مثلَ القميصِ الشفيفِ..

ويطلعُ من فمِ أوفيليا

قمرٌ لابتسامتها الدائمةْ

بقدسيَّةِ المطرِ المتواصلِ

والانتظارِ المخبَّأِ في ظلِّ برقِ المساءْ

برنينِ الخطى في الشوارعِ

بالفرَحِ المتراخي هناكَ

وراءَ الحكايةِ.. خلفَ الصلاءْ

بخفَّةِ زهرِ النوارسِ فوقَ السحابِ الخفيضِ

بقلبِ الكلامِ المريضِ

بترنيمةِ العاشقِ المستهامِ

بكلِّ التعاليمِ والفلسفاتِ

وما يتناثرُ من شهرزادَ

على كاحلِ الأرضِ أو شهريارَ

وما يتبخَّرُ من وجعي

فوقَ رملِ الأناملِ مثلَ الرذاذِ

بعاطفةٍ لا تُفكِّرُ إلاَّ بعقلِ عماءِ المحبَّةِ

بالذكرياتِ التي خلَّفتني أفتِّشُ عن برقِ روحي

بسخريَّةٍ مرَّةٍ مُتعبةْ

وأسألُ لو كنتِ في ذلكَ الصبحِ

دونَ رفيقاتكِ الأخرياتِ أقلَّ جمالاً

تُرى كنتُ لم أنتبهْ

للسنابلِ أو للسيوفِ

التي غزلَتْ من حريرِ الدماءِ

وشاحاً رقيقاً لأقدامكِ العاريةْ..؟

وهل كنتُ أكتبُ غيرَ انهيارِ الضلوعِ

ومرثيَّةَ الهاوية..؟