في الشارعِ الخامسِ

في الشارعِ الخامسِ

نمر سعدي

[email protected]

منذُ مساءٍ طاعنٍ في عهرهِ , عرفتهُ فتىً كنهرٍ ضائعٍ في أبدِ الصحراءِ

كانَ هادئاً وناعسَ العينينِ والمسحةِ كابنِ النبلاءِ , مائعاً

جمالهُ مُهذَّبٌ , مشذَّبٌ , وصوتهُ مُقصَّبُ الصباحِ والمساءْ

نظرتهُ / بسمتهُ , مصيدتانِ للَّتي ما رجعت يوماً إلى أحلامها البيضاءِ

أو جنتِّها الخضراءْ

نموذجاً مُطوَّراً عرفتهُ , لكلِّ ما الذئبِ من قساوةٍ

لكلِّ ما في الثعلبِ الأحمرِ من دهاءْ

مُحتالُ عصرِ النتِّ والبورصةِ والعولمةِ الهشَّةِ والفضاءْ

يمزجُ عبقرِّيةِ الخداعِ والزيفِ بعبقرِّيةِ الذكاءْ

لكنني مستغربٌ لوهلةٍ , كيفَ استطاعَ ذئبهُ استدراجَ آلافَ الظبِّياتِ ....

استطاعَ نَسرهُ استدراجَ آلافَ اليماماتِ ؟

كأنَّما كلامهُ المُصَّفى مثلَ طُعمٍ نافذٍ في الغيبِ في صنَّارةِ القضاءْ

كيفَ استطاعَ ذلكَ الفتى الوسيمُ الناعسُ العينينِ والمهّذَّبُ الجمالِ والكلامِ

لن أفهمَ بعدَ اليومِ نفسي , آهِ , لن أسخرَ منها أبداً –

كيفَ استطاعَ فارسُ الأحلامِ أن يعودَ

من غيبةِ روبنْ هودَ

من أشعارِ رولانَ , ومن أحزانِ سرفانتسَ , لا أفهمُ ...لا 

كيفَ استطاعَ ابنُ عصرِ النتِّ والبورصةِ والمرِّيخِ

قتلَ واغتصابَ كلِّ ما في الشارعِ الخامسِ

من نساءْ ؟!